اكتشاف سبب وفاة تسعة متنزهين روس

بانوراما 2021/07/01
...

 ميلان سولي
 ترجمة: خالد قاسم
اكتشف الطالب الجامعي ميخائيل شارافين أمرا غير متوقع على منحدرات جبال الأورال. وأرسل ميخائيل الى هناك عضوا في فريق بحث عن اختفاء تسعة متنزهين، اذ اكتشف مع زملائه ركن خيمة بارزا من تحت الجليد، كما أخبر (بي بي سي) قبل فترة من الزمن. وعثروا في الداخل على إمدادات مثل زجاجة شراب وخارطة وصحن طعام، وبدت كلها متروكة بلا سابق انذار. وأظهر شق في جانب الخيمة أن شخصا ما قد استخدم سكينا لفتح منفذ الى الخارج، بينما آثار الأقدام الخارجة من الملجأ تشير الى أن بعض متسلقي الجبال غامر بالخروج في درجات حرارة ما دون الصفر مئوية وهو حافي القدمين، أو إنه كان يرتدي فردة حذاء أو جوراب واحدة.
شهدت الأشهر الأخيرة استعادة المنقذين جثث المتسلقين التسعة، ووفقا لـ (بي بي سي نيوز) فقد وجد اثنان منهم حفاة الأقدام ويرتديان الملابس الداخلية فقط. وبينما يبدو أن غالبية المجموعة قد توفيت بسبب إنخفاض حرارة الجسم، لكن أربعة على الأقل عانوا من إصابات جسدية مرعبة وغير مفهومة، مثل كسر الجمجمة والأضلاع وجروح عميقة في الرأس، وبينهم امرأة تدعى ليودميلا دوبينينا، وجدت جثتها بلا مقل عينيها ولسانها. وقال طبيب فحص الجثث إن الإصابات كانت {مماثلة لتأثير حادث دهس بالسيارة} وفقا لوثائق حصلت عليها صحيفة سانت بطرسبرغ 
تايمز.
تعد حادثة {ممر دياتلوف}، سميت على اسم قائد المجموعة إيغور دياتلوف، من أطول الألغاز الروسية استمرارا، وأسفرت عنها نظريات مؤامرة متعددة، تراوحت بين عملية تستر عسكرية، ورؤية مركبات فضائية، وهجوم رجل جليد متوحش، وسقوط إشعاع من اختبارات عسكرية سرية، ومواجهات مع السكان الأصليين. لكن قناة ناشيونال جيوغرافيك ذكرت أن بحثا جديدا نشر في مجلة {الأرض والبيئة} يشير باتجاه تفسير {عقلاني} أكثر مبني على نماذج الحاسوب ويفترض أن انهيارا ثلجيا بتوقيت غير طبيعي تسبب بوفاة المتسلقين.
 
تضارب التفسيرات
قبل نهاية العام 2019، أعلنت السلطات الروسية خططا لإعادة النظر بالحادثة، ولم تعزوها الى جريمة، وإنما الى إنهيار ثلجي أو إعصار. واستنتج التحقيق في العام التالي أن وفاة المتسلقين ناتجة عن مزيج من انهيار ثلجي وضعف الرؤية. وذكرت وكالة أنباء حكومية أن النتائج الرسمية التي ظهرت قسما منها أواخر العام الماضي كشفت عن سيل من الكتل الجليدية فاجأ الضحايا النائمين ودفعهم للبحث عن ملاذ عند نتوء جبلي قريب. ونتيجة لعدم قدرتهم على الرؤية أكثر من مسافة 50 قدما فقد تجمدوا حتى الموت خلال محاولتهم العودة الى الخيمة. لكن نظرا لافتقار النتائج الرسمية للتفاصيل العلمية الأساسية، اضافة الى عدم وضوح بعض جوانب الحادثة لم ينجح هذا التفسير بوقف سيل الأسئلة وفضول المهتمين بها.
يذكر منتقدو هذه النظرية أربع حجج مضادة، هي: فقدان الآثار المادية للانهيار الثلجي الذي واجده المنقذون، مع فجوة زمنية تزيد عن تسع ساعات بين بناء المتسلقين مخيمهم ومغادرتهم مذعورين، وهناك المنحدر الضحل لموقع المخيم، فضلا عن الإصابات البليغة الظاهرة على أجسادهم. وبالمقابل فإن الاختناق هو السبب الأكثر شيوعا لوفاة ضحايا الانهيار الثلجي.
استخدم معارضو هذه النظرية سجلات تاريخية لإعادة انشاء بيئة الجبل ليلة الحادثة وحاولوا معالجة تلك التناقضات. وقد أجرى الباحثون محاكاة للانهيار بناء على بيانات احتكاك الجليد والتضاريس المحلية لإثبات أن انزلاقا ثلجيا صغيرا قد اكتسح المنطقة تاركا آثارا قليلة خلفه.
يفترض الباحثون أن رياحا سطحية هابطة نقلت الثلج أسفل الجبل الى موقع المخيم. وأخيرا صار الثلج المتراكم أثقل من قدرة تحمّل المنحدر. وكشف الباحثون القطعة الأخيرة من الأحجية بمساعدة مصدر مفاجئ تمثل بفيلم {فروزن} لشركة ديزني الذي أنتج عام 2013، والذي ساعد بتفسير إصابات 
المتسلقين. وشعر الباحثون بالدهشة لتصوير الفيلم للثلج وطلبوا من المنتجين الحصول على نسخة من شفرة فيلم الرسوم المتحركة، لأن هذه الأداة، الى جانب بيانات من فحوصات الجثث أجريت عام 1970، مكنت الباحثين من إظهار أن كتلا ضخمة من الثلج الصلب قد هبطت على المتسلقين أثناء نومهم، وسحقت عظامهم وتسببت بإصابات لا ترتبط عادة بالانهيار الثلجي.
 
عن مجلة سميثسونيان الأميركية