كاظم غيلان
سجل الكاتب والباحث المبدع ثامر الحاج أٔمين مأثرة حقيقية في الوفاء الذي نريد لشاعرنا الراحل علي الشباني عبر كتابه القيم (سيرة وجع عراقي) الذي صدر ضمن منشورات اتحاد ادباء العراق العام 2020.
الكتاب تضمن محطات في التجربة الإبداعية والحياتية للشباني الكبير وبواقع (233) صفحة من القطع الوسط معززة بوثائق خطية لرسائل وصور.
لا أريد هنا تسجيل عرض لهذا الكتاب الذي يستحق بقدر ما وجدت من المناسب جدا إرساء مثل هكذا تقليد يليق بمبدعينا بعد رحيلهم عن الدنيا، لاسيما تزايد أعدادهم بعد وباء كورونا اللعين.
لقد انتشرت ثقافة الموت بكل ما فيها من الداكن شعرا ومراثي وغدت تقليدا فجائعيا عبر إقامة المهرجانات التأبينية التي تقام هنا وهناك، وما لنا الا أن نسجل اعتزازنا لفسحة الوفاء التي تتيح نفسها بكل اتساع لكن ما أجده هو غير ذلك، فالتأبين سيكون عابرا وتموت القصائد المشاركة بانتهاء الفعالية، لكن القيام بجمع نتاج المبدع الراحل والمبادرة لطباعته معززا بشهادات ودراسات ان وجدت سيكون الأكثر توثيقا والاهم دلالة، لاسيما أن العديد من الاتحادات والجمعيات والروابط تمتلك زمام المبادرة للقيام بهذه المهمة.
البعض من فعاليات التأبين التي حضرت جانبا منها أو تابعت بثها إعلاميا أو عبر صفحات التواصل الاجتماعي غلب عليها طابع الرثاء المجاني، الذي يصل بالبعض في استدرار دموع الجمهور الحاضر من خلال العودة لنواح الأمهات، والبعض يجدها فرصة سانحة للتسويق الجاهز في سرد ذكريات لا تمت بصلة لسيرة الراحل الإبداعية وكأن ذلك يأتي من باب (إسقاط الفرض).
ان المبدع الحقيقي هو الكائن الذي تجده مولعا بثقافة الحياة وإشاعة استمراريتها، لقد مات (المتنبي) منذ عقود بعيدة لكن شعره لم يزل نابضا بالحياة والدراسات الأكاديمية وعداها عن تجربته لم تزل مستمرة هي الأخرى.
إن الفعالية الحقيقية التي تثبت مصداقيتها مع التجارب الإبداعية التي يرحل أصحابها عن الحياة بعد سكون الأجساد وتوقف النبض، تتلخص في استعادة التجارب كما فعلها ثامر الحاج أمين.
المعادلات والمتناقضات في استمرار فالى جانب ظاهرة الميتات في الثقافة بشكل عام نجد الولادات التي تضيء عتمة ليل لا نهاية له، ليل يريد إشاعة حلكته القاسية عبر ثقافة مظلمة مثله، إلا أن تشبثنا بالحياة يستدعي فعل المجابهة التي تأخذ بانتشار الضوء حتى تكون الولادات شموسا ساطعة.
الى توثيق سير مبدعينا الذين رحلوا ويرحلون أدعوكم فلا جدوى من استذكارهم في مهرجان هنا ونعي عابر أو صارخ على صفحاتنا .لعل هناك من يصغي.