{عشتار} تستعيد عافيتها وتنتظر الدعم والإسناد الحكومي

ريبورتاج 2021/07/04
...

  فجرمحمد
  تصوير: محمد صباح
لم تكن البيوت العراقية قبل اعوام طويلة لتستغني عن عشتار، فهي علامة لثلاجاتهم ومجمداتهم وطباخاتهم، وهي سيدة المطابخ والبيوت من دون منافس، لما تتمتع به من رصانة وجودة وضمانة، فالمستهلك لا يفكر مرتين في اقتنائها، لأنها كانت المسيطرة على السوق العراقية وبقوة، ولكن عمليات السرقة التي تعرضت لها الشركة المصنعة ابان عام 2003، كبلتها وقيدتها لسنوات طويلة وسمحت للمستورد بفرض سيطرته على السوق المحلية، ولكن بعد احالتها الى الاستثمار الوطني بدأت تستعيد عافيتها تدريجياً.
 
معامل مختلفة
في تلك المنطقة الصناعية تتواجد الشركة العامة للصناعات الخفيفة وهي تحتوي على مجموعة من المعامل، منها من ينتج ثلاجات واخرى مجمدات وطباخات، فضلا عن العارضات الافقية التي توضع فيها المواد الغذائية والمشروبات والعصائر، مستثمر شركة متانة التصنيع وليد جبر سلمان الذي احيلت اليه هذه الشركة في محاولة لإعادة المنتجات الوطنية التي تحمل علامة عشتار الى واجهة الاسواق والمحال واستقطاب المستهلكين المحليين، تحدث بمرارة واضحة في صوته عن المشكلات التي تعترض العمل قائلاً: {غياب الدعم الحكومي في الاستثمار و توفير المحروقات اثر بشكل واضح في سير العمل، فلو كان هناك اسناد حقيقي لتمكن المنتج الوطني من اكتساح السوق المحلية، و لوصل الى التصدير الى الخارج ايضا}.
 
جائحة كورونا
عندما غزت كورونا دول العالم المختلفة، اوقفت عمليات الاستيراد والتصدير لفترات زمنية متباعدة، وهذا كان سببا لانتعاش المنتجات الوطنية واكتساحها السوق المحلية لفترات زمنية، خصوصا ان النقل البحري قبل الجائحة كان بكلفة قدرها 2500 دولار لكن بعد التوقف الاجباري للانشطة الصناعية والتجارية اصبحت كلفة الحمولة الواحدة تصل الى 5000 دولار، ما منح المنتج الوطني فرصة اكبر، ووفقا للمستثمر وليد جبر سلمان فان منتجات ماركة عشتار تمكنت من الاستفادة من هذا الامر وحجزت لها مكانا متميزا في السوق المحلية.
 
عزوف عن الشراء
في جولة بالاسواق المحلية لاحظنا وجود ثلاجات ومجمدات وطباخات من مناشئ مختلفة، منها الصينية والتركية والعربية وغيرها من الدول، ولكن علامة عشتار تكاد تكون مختفية من اسواق العاصمة بغداد، الامر الذي علله رحيم كاظم احد اصحاب محال بيع هذه المنتجات بان اغلب التجار ابرموا اتفاقيات تجارية مع تلك الدول، وشحنت البضاعة وتكدست داخل المخازن لذلك من الضروري محاولة بيعها بالكامل ومن ثم بعد ذلك التفكير بالتواصل مع المنتجات الوطنية.
في حين تعج اسواق المحافظات الاخرى بتلك الثلاجات والمجمدات والطباخات وتكاد تكون هي المسيطرة، لان المستهلكين هناك يفضلونها على غيرها من المنتجات المستوردة. 
 
إغراق السوق المحليَّة
لم تخفِ وزارة الصناعة والمعادن حقيقة، مفادها أن اغراق السوق المحلية بالبضائع والسلع الاجنبية اثر في المنتجات الوطنية، فوزير الصناعة منهل الخباز في وقت سابق من هذا العام عندما افتتح معمل انتاج الثلاجات والمجمدات والعارضات الافقية والعمودية في شركة الصناعات الخفيفة، بعد تطويره لمواكبة الحداثة ومتطلبات السوق المحلية، اوضح حقيقة ان اغراق السوق المحلية بالبضائع والسلع اثر بشكل واضح في المنتج الوطني، فضلا عن أن اغلب شركات القطاع المختلط قد توقفت عن العمل بشكل فعلي بعد عام 2003 لأسباب مختلفة، وهذا كله اثر في المنتجات المحلية وابعدها عن المستهلك. 
 
أنابيب نحاسيَّة
تضم العارضات الافقية والمجمدات وغيرها من المنتجات مجموعة من المواد الاولية، التي لابد أن تتمتع بمواصفات ذات جودة ومواصفات توضع من قبل الجهات ذات العلاقة ومنها السيطرة والتقييس النوعية، وبحسب مدير معمل العارضات والمجمدات في الشركة المهندس محمود عبد الرزاق فان الانابيب النحاسية المستخدمة في صناعة هذه المنتجات ذات جودة عالية، ويؤكد عبد الرزاق أن كل منتج داخل هذه الشركة صنع بايدٍ ماهرة عراقية ومواده الاولية معروفة المنشأ والمصدر، بعكس تلك المستوردة التي غالبا ما تكون مجهولة التفاصيل.
ثقة المستهلك
من المتعارف عليه ان المنتجات تضمن وجودها وتطورها اذا ما كانت محط انظار وتفضيل لدى المستهلك، ومن وجهة نظر احد المهندسين العاملين في الشركة حميد حسين، فان المنتجات الوطنية مرت بفترات صعبة من الركود، واليوم تحاول النهوض من جديد، فالعمل يجري اليوم وفقاً لأسس هندسية رصينة لتقليل الاخطاء التي قد تعترض العمل، كما ان عودة ثقة المستهلك بالمنتج الوطني معركة صعبة خصوصا مع وجود المنتجات الكورية والصينية وما تتمتع به من مواصفات، ولكن يصف حسين خطوط الانتاج بالمتطورة بالرغم من ظروفها الصعبة وعدم توفر الامكانات الداعمة لها بالشكل المطلوب.
 
برامج تحكم
لا بد أن تخضع كل المنتجات الى الفحص والسيطرة والتحكم، ولان برامج الكومبيوتر اصبحت اليوم تدخل في الصناعة ايضا، لذلك توجد برامج كثيرة تكون بمثابة العقل والمتحكم بمجريات وسير الانتاج، وغالبا ما تكون وحدها قادرة على ايجاد مواطن الخلل والضعف بتلك الاجهزة والمواد الضرورية للاستهلاك اليومي.
الفني محمد هشام الذي يعمل في احد معامل الشركة والمسؤول عن برنامج حاسوبي يراقب عمل العارضة الافقية بين أن البرنامج المستخدم يعمل على التحكم وقياس درجة الحرارة والبرودة وشدة التيار وغيرها من التفاصيل المهمة التي تضمن انتاج عارضات افقية ذات جودة عالية، ويعمل هذا البرنامج على كشف مواطن الخلل واصلاحها في الوقت ذاته.
 
خطوط إنتاج جديدة
طُرحت خطوط انتاج من ثلاجات ومجمدات وطباخات منضدية تتمتع بمواصفات قياسية، ويشير المستثمر وليد جبر سلمان الى أن محركات الثلاجات والمنتجات الاخرى المعروفة بـ ( الكومبريسر) تم استيرادها من ايطاليا، اما باقي الاجزاء فيتم تصنيعها داخل المعامل، كما ان المنتجات تخضع بشكل اسبوعي الى الفحص والتقييس النوعي لضمان خروج خط انتاج حديث ويواكب التطور العالمي.
 
فرص عمل
انتشر العمال داخل معامل الشركة، وتوزعوا بين اجهزتها ومكائنها ومعداتها، فالمستثمر وليد جبر سلمان اوضح انه تم توفير اكثر من 250 فرصة عمل، فضلا عن تدريب العمال في الصين وتركيا وتوفير ماكنات اللحام، اضافة الى وجود شركات ظهيرة ترسل خبراءها ومهندسيها لتطوير العمل اكثر.
 
مواصفات محددة
فرضت ازمة السكن التي لم تجد الجهات المختصة حلولا حقيقية لها، اسلوباً من البناء، منه الجاهز ومنه ذو مساحات صغيرة جدا، لذلك كان لا بد من توفير اجهزة ومستلزمات كالثلاجات والمجمدات والطباخات باحجام صغيرة كي يتمكن المستهلك من اقتنائها.
ويرى المهندس حميد حسين أن الشركة تنتج وفقاً لمتطلبات السوق والمواصفات التي يريدها المستهلك، وتبقى الشركة بحاجة الى اسناد حقيقي اسوة بدول العالم المتقدمة والمتطورة في مجال الصناعات المختلفة، اذ توفر الدعم لشركاتها والعاملين فيها.
 
قانون حماية المنتج
في ختام هذه الجولة كانت هناك امنيات كثيرة للعاملين في الشركة، ولكن اهمها التي من شأنها أن تعيد للمنتج الوطني هيبته وشأنه في السوق، بأن يكون هناك قانون يحمي تلك المنتجات ويحصنها ضد نظيرتها المستوردة التي سيطرت على الاسواق بشكل واضح، وما اكده مستثمر شركة متانة التصنيع وليد جبر سلمان ان شركته ما زالت بانتظار هذا القانون كي تحمي المنتجات الوطنية من هجمة المستورد.