منذر زكي
تناول الشعر الشعبي التجديد، وأغار بمفاهيمه الثقافية، فأمكن حاملها صياغة صورية بنفس عميق، خالٍ من القيد ورخاوة التعبير، اي الخروج من شروط القافية الحتمية.
طارق ياسين ركب الموج الحداثوي، اذ فتح نافذة فكرية مليئة بمراعٍ وبساتين خضر، بنصوص شعرية رائعة نجدها في الأبيات الآتية:
احلام النهار ادگ عله الباب
تصطف بغرفتي اصفوف
فوگ الكتب.. فوگ اهدومي خضره اطوف
كتب الرواية وألمَّ بالفصيح، وابدع في النقد والأدب، وظهر بحقبة كان الشعر الشعبي حينها، محط أنظار الأدباء والمثقفين، فالنواب استطاع لفت انظارهم، بأطروحاته الحداثوية، التي حاكت اللغة الفصيحة، وخلقت من الطين الصور، والشاعر طارق ياسين كان من الذين لمعوا بعد النواب وغنيت اشعاره وأصبحت تاريخاً شعرياً بعد مماته.
اما شاعرنا حمزة الحلفي، والذي نتمنى له تمام الصحة والعافية، لمروره بوعكة صحية في الآونة الاخيرة، فأتقن الفن المسرحي قبل ولوجه عوالم الشعر، ومن ثم انتقل الى النص الغنائي، وبرع فيه ايضا، حتى شاعت كلمات نصوصه بين الناس.
ومن خلال دراساتي وقراءاتي المتنوعة، لمختلف النتاجات المطروحة، وصلت لقناعة تامة أن الشاعر الملم بالفنون الأخرى، يمتلك الكاريزما النوابية شاء ام أبى، ويسير عليها بعلم او من دون علم، وخير مثال الحلفي في قصيدة (وتر المنافي).
وانتهت بيك المسافات البعيدة
بليل طافي
ووكرت حطيت حملك
جنطه مليانه صبر
وي عود أخرس
باگت السانه المنافي
نتمنى ولكن التمني لا يكفي، لذلك نطمح، أن يتجه الشعراء الجدد، صوب نتاجات الحداثة التي لم تتخلَ عن رصانة الشعر السبعيني والغور في معالمه الكامنة في اختيار المفردة القريبة من المتلقي.