طقوس عيد الأضحى بين مواكبة الحداثة واجترار ذكريات الماضي

ريبورتاج 2021/07/18
...

   احمد الفرطوسي
 
بحلول عيد الأضحى المبارك تزداد وتيرة الاستعدادات وتتهيأ الاسر السماوية لهذه المناسبة المبهجة، من خلال البرامج المختلفة، بهدف قضاء أوقات ممتعة؛ إذ تباينت آراء المواطنين في عطلة أيام عيد الأضحى المبارك بين البقاء في المنزل أو الذهاب لزيارة الأهل والأقارب والتنزه أو السفر لزيارة المراقد الدينية والسياحية، أو اقتناص الفرصة لشراء الملابس والاحتياجات الضرورية، بينما تشهد الفترة الحالية ارتفاعاً في اسعار المواشي والأغنام في محافظة المثنى، وعدم نقل المواشي بين المحافظات، وقرب حلول عيد الاضحى المبارك الذي تشهد ايامه كل عام ارتفاعاً في اسعار الاضاحي وكثرة الطلب عليها من قبل المواطنين، اما اجواء العيد في المدينة فهنالك مهنتان لا يعرف اصحابهما الراحة وهما افران المعجنات ومحال الخياطة، فهم في حركة دؤوبة وشغل شاغل {وطگطگة صواني ولعلعة صوت المگصات}، والوضع كان بالنسبة للفرّان والخياط قبل العيد بأيام أشبه ما يكون بخلية نحل، فذاك مشغول بشي {المعجنات} والآخر ملتزم بخياطة دشاديش العيد.
 
ذكريات الماضي
يحدثنا المؤرخ محمد إسماعيل الحالوبي من سكنة قضاء الخضر عن طقوس عيد الاضحى خلال فترة منتصف السبعينيات والثمانينيات قائلا: يوجد في الخضر آنذاك فرنان للحلويات والمعجنات، الأول كان يديره المرحوم سيد ثعبان، والثاني كان يُدار من قبل اسرتين سماويتين سكنتا القضاء في ذلك الوقت، والولاية بصوبيها الكبير والصغير وبأطرافها وعشائرها كانت تعتمد على هذين الفرنين في تجهيز {كليجة العيد} أو ما نسميها بلهجتنا المحببة في القضاء بـ{الكاكول}، اذ تبلغ المسافة التي تفصل بين الفرنين عشرات الامتار، والفرنان كانا قريبين من البيوت وبالتالي وفرّ هذا الموقع المناسب مساحة لحرية الحركة بالنسبة للنساء، اذ ان عمل الكليجة وتجهيزها ونقلها للفرن كانت وظيفة تتبناها النساء والبنات الصغار، وقد تقدم يد العون والمساعدة من قبل الاولاد الصغار، اما الرجال فلا وجود لهم يذكر وربما يكون السبب هو لوقوع تلك الافران قريبة من بيوت السكن في {العجد} وبالتالي سهلت مهمة النساء وحركتهن وتواجدهن وصار من غير الممكن أن يكون هناك حضور لرجل ضمن هذا الحشد والجمع من النساء، و تُنقل الكليجة بـ {صواني فافون} من البيت إلى محل الفرن، ثم بعدها تُصف بصواني خاصة للشوي يُجهزها صاحب الفرن، وبما ان الاسرة قد تحتاج إلى ثلاث او اربع صواني حسب الكمية المعمولة، لذا يلجأ صاحب الفرن إلى كتابة اسم صاحبها بورقة ويضعها تحت احدى {الكاكولات} في كل صينية وبالتالي عند استخراج الصينية من الفرن، يُقلب {الكاكول} بحثاً عن تلك الورقة وبذلك تضمن كل اسرة كاكولاتها من الضياع أو الاختلاط.
 
زيارة المراقد الدينية
اما ظافر عبد الكاظم (موظف) فيقول لـ {الصباح}: {من الطقوس المتعارف عليها أول أيام العيد، اننا نحييها بزيارة المراقد الدينية وخصوصاً النجف،  ثم نذهب لزيارة مقبرة وادي السلام التي يدفن فيها موتانا وقراءة سورة الفاتحة على أرواحهم، وبعد العودة من الزيارة في الأيام التالية للعيد، نقوم بزيارة الأقارب، ونبدأ بكبار السن والمرضى، ثم ننطلق لأماكن الترفيه والمتنزهات مع الأطفال والأبناء ليلاً بسبب ارتفاع درجات الحرارة}، مضيفاً {كما يتوجه المسلمون مع شروق شمس أول أيام العيد لتأدية الصلاة في الجوامع والحسينيات المنتشرة في المدينة، ويتبادلون التهاني بقدوم العيد المبارك}.
وتابع {يحافظ الأهالي على نحر الأضاحي، وتقديم الطعام، ويعد من بين أهم الطقوس في عيد الأضحى المبارك}.
 
عادات وتقاليد
بينما أكد حبيب جبار (منتسب في وزارة الداخلية) قائلاً {رغم التغييرات الكثيرة والتحولات الكبيرة التي طرأت على المجتمع العراقي، وخصوصاً في آخر عقدين، ورغم اندثار وتراجع الكثير من العادات والتقاليد بمختلف أنواعها، إلاّ أن أغلب الأسر بقيت وفيةٌ لخصوصية الأعياد وطقوسها وطرق إحيائها، على الرغم من دخول التكنولوجيا على الخط بمختلف مجالات الحياة، لكن فرحة العيد ما زالت تحتفظ بجوهرها المتوارث جيلاً بعد جيل، لذلك تكاد تكون معظم الاسر السماوية متشابهة إلى حد كبير في برنامج الأعياد، وخصوصاً في مسألة زيارة الأحبة في المقابر في اليوم الأول من العيد، ويعد ذلك تقليدا عرفيا واجتماعيا دأب عليه أغلب العراقيين}، موضحاً {أن المتعارف عليه في محافظة المثنى زيارة الأهل والأقارب في أول أيام العيد، وخصوصا عيادة المرضى، كما تقوم أغلب الأسر بجزر الأضاحي في اليوم الأول من العيد، وعادة يدعى لهذه المائدة الأقارب والجيران، وقد يكون هذا في اليوم الأول من أيام العيد، وفي اليوم الثاني عادة ما يخصص للخروج والسفر أما لزيارة الأقارب والاصدقاء خارج المحافظة، أو لزيارة الأماكن الترفيهية والسياحية}.
 
أمنيات وآمال
وعبر المواطن ابو شهد الخضري عن أمنياته لـ {الصباح}، بالقول: {أتمنى أن يشهد بلدي حالة من الازدهار الأمني والاقتصادي}، آملاً من الحكومة المحلية {الاهتمام بالمناطق السياحية في المحافظة، مثل بحيرة ساوة، وتنفيذ مشاريع استثمارية في هذا المجال من أجل أن تصبح المحافظة قبلة لأهل الجنوب، وتحقيق الرفاهية للمواطن العراقي}.
وبين {لدينا متنزهات غير قليلة في المدينة، لكنها ليست بمستوى الطموح}، متمنياً {الاهتمام بالجانب السياحي، لاسيما من قبل الاستثمار}.
 
سياحة وكورونا
المدير المفوض لشركة المثنى للسفر والسياحة آلاء الحمداني ترى {أن معظم المواطنين يفضلون السفر خلال أيام عيد الأضحى إلى إسطنبول و إنطاليا، لما تحتويه من أماكن سياحية متنوعة وباهرة، ما يؤهلها لاستقبال ملايين السياح}، مضيفة {ان ما تتمتع به تركيا وخصوصاً مدينتي إسطنبول و انطاليا من شعبية وثقافة إسلامية وأسعار مناسبة ولما تمتاز به من طبيعة خلابة، تجعلها الوجهة الأولى للمسافر العراقي}.
وأشارت الى أن {السياحة في مدينة السماوة قليلة، كما أن معدلات السفر في المحافظة، دون مستوى الطموح، وقد يعود ذلك إلى المستوى المعيشي للمواطنين وانتشار جائحة كورونا التي القت بظلالها على سفر المواطنين خلال العام الماضي}، لافتة إلى أن {هناك مجموعات سياحية من المحافظة تذهب إلى اقليم كردستان، للاستمتاع بالطبيعة الجبلية الخلابة والطقس المعتدل}.
 
انتعاش تجارة المواشي
وجهتنا الاخرى كانت مع علي دينار (تاجر مواشي) الذي ابدى سعادته في الحركة التي حصلت في سوق الاغنام خلال الايام القليلة الماضية بعد ان كانت شبه متوقفة عن البيع والشراء وقلة اعداد الاغنام بسبب عدم رواجها ونقلها بين المحافظات، مبينا ان اسعار الاغنام خلال فترة عيد الاضحى تتراوح بين 150 الى 200 الف دينار وهنالك اضاحٍ كبيرة يكون سعرها 250 الفا، حسب وزن المواشي، ويعاني كامل من حجز المواشي من قبل اغلب زبائنه قبل 15 يوما من عيد الاضحى مع حفظها عنده ما يؤثر عليه في توفير الاعلاف لها لحين سحبها من قبل مقتنيها}.
بينما يبين كاظم نعيم (قصاب) ان سعر كيلو لحم العجل ارتفع الى 12 الف دينار بعد ان كان يبيعه بـ10 آلاف خلال ايام شهر رمضان الماضي، اذ إن اغلب تجار المواشي يسوقون بضاعتهم الى المحافظات المجاورة كـ(الديوانية والناصرية والنجف) لكثرة الطلب عليها قياسا بالنسب السكانية لهذه المحافظات مقارنة بمحافظة المثنى}، مؤكدا {ان اسعار العجول حاليا خيالية بسبب زيادة اسعار الاعلاف والنقل وايجار مكان تربية العجول، اذ انه لا يشتري لمحل قصابته سوى لحم العجل الذي تعود اغلب زبائنه عليه ما يعيق عمله خلال الفترة الحالية، كون اسعار العجول لا تتناسب مع سعر الكيلو غرام}.