الإلهام والتحفيز الإبداعي

منصة 2021/07/27
...

د. عبد الخالق حسن
سنة 1978 صدر كتاب لفيزياوي أميركي شهير هو مايكل هارت. عنوان الكتاب كان (المئة الأوائل) مع اختلاف الترجمات التي تصرفت بعنوانه، لكن محتواه ثابت، ويتحدث فيه مايكل هارت عن المؤثرين المهمين عبر التاريخ، بعد أن وضع معايير خاصة. مايكل هارت يهودي متطرف وعنصري، لكنه خضع لمنطق العلم، فوضع النبي محمد (ص) على رأس المؤثرين عبر التاريخ في الناحيتين الدينية والدنيوية. ترجمة الكتاب تأخرت لتصل إلينا. أتذكر أنني قرأته في بداية تسعينيات القرن الماضي.
ما يهم في الكتاب هو مفهوم التأثير والإلهام الذي توزع بين شخصيات لا يجمعها جامع. ففي الكتاب أنبياء بجانب فيزياويين أو كيمياويين أو فلاسفة أو موسيقيين أو قادة عسكريين أو فنانين، وهكذا، يجد القارئ نفسه أمام تشكيلة قد يراها غريبة من الملهمين والمؤثرين، لكن المهم في كل هذا هو المعنى الذي انبنى عليه الكتاب، ونقصد هنا (الإلهام والتأثير)، لأنَّ كلَّ واحد من البشر لديه دوما ملهم أو مثال يلتجئ إليه، حين تواجهه مشكلة أو حين يحاول الارتقاء والصعود نحو النجاح. ليس هذا فحسب، بل إنَّ الأجيال اليوم مع تنوع الملهمين صارت تختار ما يناسب ذوقها الذي فرضته تحولات الحياة، فصار مايكل جاكسون ملهماً، وصار نجوم الرياضات الثقيلة الخاصة ببناء الاجسام 
ملهمين. 
أما نجوم كرة القدم فكانت لهم الحظوة بين الشباب، حتى أنَّهم باتوا يتمثلونهم في كل طرق حياتهم.
وطبعاً هنا لا يمكن أن تفرض على الشباب أنماط حياتهم، لأنَّهم يعيشون اليوم في فضاء مفتوح يختارون منه ما يناسب عقولهم ويداعب 
مشاعرهم.
في هذا الجانب يمكن أن نستثمر بناء عقول وأذواق الأطفال من أجل أن نجعلهم يتحركون في مساحات البحث عن الملهم والقدوة في اتجاهات، تمنحهم لاحقاً بناء عقلياً يسهم في توجيه عقولهم توجيهاً 
إبداعياً.
لا بأس هنا لو تبنت وزارة التربية لدينا هذا الأمر، وباشرت طبع كتب لكل مراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة والإعدادية، يضم كل كتاب فيها شخصيات ملهمة في كل المجالات الإبداعية، سواء كانت العلمية أو الأدبية. 
وطبعا هنا يكون التركيز على المتفردين منهم والمؤثرين، على أن يراعى فيها مناسبة سيرة الشخصية لكل مرحلة من المراحل الدراسية، بما يكون متناسباً مع عقول 
التلاميذ. 
بهذا نكون قد حققنا للتلاميذ إضافة معرفيةً فضلاً عن تحفيزهم وبعث طاقاتهم من أجل السير في طريق 
الملهمين.