تركات العنف

ثقافة شعبية 2021/07/31
...

 كاظم غيلان 
بالقدر الذي يعطي الجمال انعكاساته الباهرة على النتاج الابداعي في سائر الفنون والآداب، ينتج العنف وعبر آلاته التدميرية ثقافة من شأنها أن تحط من قيم الذائقة الجمعية وارتفاعاتها.
ومن يتابع فعاليات شعر العامية من مهرجانات وفضائيات، بل وحتى في بعض الفعاليات الاجتماعية اذا ما عرفنا بشيوع ظاهرة شعراء الاعراس والفواتح و(الدكات العشائرية) يصل الى قناعة غير قابلة للنقض بتشبع أعداد كبيرة خاصة من الشباب بكل ما في ثقافة العنف من مفردات تؤكدها طريقة (الالقاء) الصرائخي المشبع بالهستيريا والذي يقدح شراسة حتى ابتكر بعضهم طرقا جديدة في تجسيد ذلك كقذف الحاكية على الجمهور (المسكين طبعا) أو الضرب بقوة على خشبة المنصة.
لم تشهد فعاليات شعر العامية لاسيما المهرجانات هكذا ظواهر شاذة طارئة حتى نهاية السبعينيات، إلا أنها ولدت مع بداية الحرب العراقية- الإيرانية من خلال قطيع محسوب على الشعر استعانت به السلطة مستغلة رثاثة الوعي الذي يتمتع به.
هذا القطيع الطارئ خلق من خلال الإلقاء – الصراخ- العدواني اجيالا عدوانية على شاكلته بتشجيع وتمويل مؤسسات سياسية وعشائرية وطائفية حتى أصبح هذا الصراخ بديلا لفن الإلقاء الذي يعمل على تهذيب ذائقة المتلقي ويمنح الشاعر هالته الثقافية الجمالية التي تليق به.
المؤسسات الإعلامية اليوم مطالبة بازاحة تركات العنف لما فيها من قدرة على إعداد نفوس عدوانية شاذة من شأنها تدمير ذائقة الناس.
وحين اقول المؤسسات أعني بذلك الفضائيات والقائمين على شأن الشعر العامي في طريقة منحهم البرامج، على المؤسسات أن تمنع عن ذائقة الناس كل هذا الصراخ فتلك مهمة تاريخية إبداعية وبعكس ذلك تتحول المؤسسات نفسها إلى دوائر لتصدير الإرهاب الذي يسيء للجمال، ليس بالمسدس وحده تقتل الإنسان انما بذائقته.