الصناعات التحويلية توقف شركاتها والسبب عدم إقرار قانون الاستثمار المعدني الجديد

ريبورتاج 2021/07/31
...

   سها الشيخلي 
للصناعة التحويلية اهمية كبيرة في التنمية الاقتصادية والصناعية، كما انها تعمل على الحد من الاستيراد و تساعد في تشغيل الايدي العاملة التي تعاني البطالة، ويشترك كل من القطاعين الزراعي والصناعي في اعادة شركاتها للعمل مجددا، والحد من الاستيراد، علاوة على أن المنتج المحلي سواء الزراعي ام الصناعي اكثر اماناً من المستورد من حيث فترة الانتاج وصلاحية المواد الاولية الداخلة في صناعته، وتعتمد هذه الصناعات على الفائض من الانتاج الزراعي، الا أن ظروفاً عدة جعلتها تتراجع. 
 
 
خطط زراعيَّة
تحدث لـ{الصباح} وكيل وزارة الزراعة الدكتور مهدي سهر الجبوري فقال: معامل الاغذية في كربلاء سابقا تعد خير مثال على تصنيع المنتجات الغذائية، وتقع على عاتق القطاع الخاص ووزارة الصناعة اعادتها، وبين أن من اهم المنتجات الزراعية التي تحقق الاكتفاء الذاتي وتفيض محصول الطماطم، اضافة الى منتجات الالبان، وهي صناعة رائدة في ابي غريب، ولدينا صناعة الزيوت المستخرجة من الزيتون، وقد كانت زهرة الشمس سابقا تستخدم لاستخراج الزيوت النباتية، ومن الممكن أن تكون هناك عقود شراكة بين وزارتي الزراعة والصناعة لسد حاجة المصانع في وزارة الصناعة وتحديد الكميات او المساحات المزروعة لتغطية حاجتها، وستكون عقود الشراكة بين المزارعين ووزارة الصناعة مباشرة، وستقدم وزارة الزراعة كل التسهيلات وتضع الخطة الزراعية، وتقدم الاسمدة والبذور والمبيدات للمزارعين لكي ترتقي بالانتاج. 
ولفت الجبوري الى أنه بعد الاكتفاء الذاتي من بعض المنتجات الزراعية بدأت عندنا عدة مشاريع في الصناعات الغذائية وعادت مصانع التعليب في كربلاء وفي الديوانية ومصانع ابي غريب ايضا عادت للعمل، وسوف تفتتح قريبا في بادية المثنى مصانع للزيوت النباتية وفول الصويا وهذه ستكون تجربة تعتمد على زراعة فول الصويا كانتاج لاول مرة خلال هذه الفترة بعد فترة التسعينيات بعد أن انقطعت زراعة هذا المحصول والذي يكلف ملايين الدولارات عند استيراده، فاذا حققنا ذلك ستكون لدينا مادة نستطيع من خلالها أن نغطي حاجة البلاد من الاعلاف، فضلا عن الزيوت النباتية الموجودة داخل البلد. 
 
تحقيق الحماية
وقال لـ {الصباح} الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان عن الصناعة التحويلية: تعد الصناعة المأوى الكبير للايدي العاملة وخاصة (الفنية) التي يمتاز بها العراق، فالمصانع كانت تستوعب مئات الآلاف من العاملين وهي مقسمة بين المختلطة والخاصة والحكومية، وموزعة في الزعفرانية ومنها معمل (المشروبات الغازية) الذي لا يزال يعمل ويسد حاجة البلد، وايضا الصناعات الالكترونية، كالتلفزيونات والثلاجات، وقد كانت تسد الحاجة، وهناك مطالبات عديدة لتشغيل هذه المصانع ولكن لكي تشتغل يجب أن تتوفر الكثير من الشروط وفي مقدمتها تحقيق الحماية و توفير الطاقة الكهربائية، ويلفت الى أن في عام 2010 صدرت مجموعة من التشريعات، ومنها الحد من الاستيراد وتطبيق التعرفة الجمركية في المنافذ الحدودية او اخضاع كل السلع للتفتيش والسيطرة النوعية، وحماية المنتج الوطني والمستهلك لاستيراد بضائع جيدة ومنع اغراق السوق والتنافس بالبضائع، لان دول الجوار تغرق السوق ببضائع وباسعار لا نستطيع المنافسة معها، لذلك ستتعطل معامل القطاع الخاص، فنحن نحتاج كذلك الى تشريعات اخرى منها تشريع تقاعد عمال مجزٍ وضمان اجتماعي للقطاع الخاص لكي يستطيع أن يمارس عمله بمواصفات جيدة جدا، ويكف الشباب عن المطالبة بالتعيينات وتخفف البطالة، ومن الضروري وضع منهج استيراد في وزارة التجارة للسلع والبضائع على ألا يكون الباب مشرعا للبضائع الاجنبية. 
 
ركيزة أساسية
واشار انطوان الى أن التنمية الاقتصادية ترتكز على القطاع الزراعي، فهو يعد مهما جدا لتحديد الامن الغذائي والكفاية الذاتية للمواطنين وللبلد بشكل عام، فالامن الغذائي لا يقل اهمية عن الامن السياسي والعسكري، والقطاع الصناعي يعد ركيزة اساسية، والصناعات الغذائية تعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي وتمنع هروب رؤوس الاموال للخارج، كما نحتاج لتطوير وتنشيط الصناعة التحويلية الى الاسراع في بناء المدن الصناعية وتطويرها وايقاف تدفق العمالة الاجنبية. 
 
قانون الاستثمار المعدني
وبين لـ{الصباح} المدير العام للدائرة الفنية في وزارة الصناعة والمعادن ناصر ادريس المدني: ان الصناعة التحويلية تتركز في شركات ستراتيجية مهمة جدا تتمثل في شركات عملاقة في الوزارة وهي (الفوسفات، الزجاج، الكبريت، الاسمدة، البتروكيميائية) وهذه مجمدة الان، وهناك اعلانات للاستثمار قدمت عليها شركات اوروبية كبيرة، واوضح أن سبب التجميد هو اعتراض اكثر من مئة نائب من مجلس النواب وارسلوا الى مجلس الوزراء طلبا لتجميد العمل بقانون الاستثمار المعدني القديم لحين اقرار التعديلات عليه، والغرض من ذلك الحفاظ على الثروة المعدنية في العراق والتي تعد مستقبل اجيالنا، ولكن نستطيع القول ان هذه الصناعات التي هي داخل العراق تعد شركات تحويلية كما ذكرت، وقد تتحول هذه المواد الى منتجات تستخدم داخل العراق وربما يتم تصديرها الى الخارج،  لذلك فهي لا تتعارض حتى مع تعديل القانون، ونحن نحافظ على الثروة المعدنية وحريصون عليها وقد خاطبنا مجلس الوزراء واللجنة الاقتصادية لتأهيل مصانعنا التي دمرت نتيجة حرب داعش، والاستهلاك القديم، كونها متهالكة وقديمة جدا، وهذه المصانع تضم اعدادا كبيرة جدا من منتسبينا، لذلك لابد من اعادة القرار، وان رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي احال الطلب الى المجلس الحالي ولا نزال في انتظار رد مجلس الوزراء الحالي، ونتمنى منه أن ينظر بطلبنا لان هذه الشركات الكبيرة باقية من دون استثمار.
مطالبات
وقال لـ{الصباح} الناطق الرسمي لوزارة الزراعة الدكتور حميد النايف: نحن كوزارة نطالب دوما بعودة الصناعات التحويلية وهي من مهام وزارة الصناعة والقطاع الخاص ولكن ما زالت الامور متعثرة منذ اكثر من 15 عاما، لذلك نطالب  بالتحويلية نتيجة وفرة المحاصيل ومنها الطماطم، ولكن لا توجد اية معامل لاحتوائها، وهناك حراك لبعض شركات القطاع الخاص لانشاء شركات لانتاج معجون الطماطم مثل شركة الديوانية التي لديها مشروع للمعجون ولكنه لم ير النور الى الان، وهناك قطاع خاص بدأ بانشاء معامل للمعجون ولكن بانتاج بسيط جدا، الا ان الثقل الاكبر يجب أن تتولاه وزارة الصناعة باعادة المصانع الرئيسة بالعراق حتى نستطيع احتواء كل منتوج الطماطم.
واكد النايف ان بيئة العراق طاردة للاستثمار ولانشاء معامل تصنيعية مع وفرة الانتاج الزراعي، فلا توجد لدينا صناعة تحويلية والقطاع الزراعي هو مفتاح الصناعة والتجارة، لذلك نطمح بانشاء صناعة تحويلية سواء للقطاع الخاص او تدخل الدولة معه، وبالامكان انشاء صناعة الراشي والدبس والكجب والشبس وتصنيع التمور والمعجون ومنتجات الالبان، ونأمل من القطاع الخاص أن يأخذ دوره، كونه صاحب المال والخبرة. 
 
البتروكيميائية
من وزارة الصناعة والمعادن تحدث لـ {الصباح} المهندس مخلص حسون حسين مدير قسم الصناعات البتروكيميائية والاسمدة فقال: بالتأكيد هناك عودة للصناعات التحويلية في القريب المنظور وليس البعيد، او ربما نهاية هذا العام او العام المقبل، وذلك لكونها الستراتيجية في البلد ومهمة جدا وتتضمن عدة شركات منها ما هو في البصرة وهي شركة الاسمدة الجنوبية وتعمل بطاقة 35 %، وشركة البتروكيميائيات وكل شركة تمتلك خصوصيتها ولها مشكلاتها الخاصة بها، فمثلا الاسمدة الشمالية تعرضت في 2014 الى التدمير بنسبة 80 % لذا من الصعب اعادتها للعمل وتحتاج الى رؤوس اموال استثمارية عالية جدا، وشركة البتروكيميائية في البصرة توقفت منذ 2011 ومنذ عام جاء قرار باعادة تشغيلها ووصلنا الى تأهيلها بنسبة 80 % وسوف تعمل قريبا، وشركة الفوسفات كانت تنتج بنسبة 100 % واحيانا كانت تصدر قبل 2003، وشركة الكبريت كذلك كانت تنتج  قبل 2003 ولكن كانت ظروف الحصار تمنع التصدير، وشركتا الفوسفات والكبريت متوقفتان الآن بقرار من مجلس الوزراء وهما تحتاجان الى مبالغ كبيرة لاعادتهما للعمل، لذلك نحن نطالب بسن قانون الاستثمار المعدني الجديد. 
 
ضعف التسويق
الناطق الرسمي لوزارة الصناعة مرتضى الصافي  تحدث عن شركات الصناعات الغذائية فقال: لدينا في بغداد الشركة العامة للصناعات الغذائية وهي شركة عملاقة وقديمة منذ 1950 وتنتج الالبان ولديها مصانع: ابوغريب والديوانية والموصل وتنتج مساحيق التجميل والتنظيف وهي الشركة الام وانتاجها موجود ومستمر، وايضا معمل الديوانية ينتج (الآيس كريم والحليب المعقم)، وكذلك معمل الموصل لا يزال يعمل بعد تأهيله، ومعمل ابي غريب، وكل هذه المعامل تنتج حسب الطلب، كونها تعاني من ضعف التسويق لوجود المستورد، وهناك في ميسان معمل (علي الهادي) وينتج زيتا نباتيا علامة البنت ويعمل مع شركة بلغارية، وهناك مصانع ثلاثة تنتج مساحيق التجميل ومسحوق الغسيل (سومر) كما تنتج المعقمات بعد انتشار كورونا، وكل هذه المنتجات تعاني من وجود المستورد.