قصة : بن لوري * ترجمة : عبد الصاحب البطيحي
هم غزاة عادوا من عالم الأموات ، لا يتكلمون ، وهم بلا ارادة، يتحركون كما الآلة ، يحاصرون الرجل والمرأة في المنزل . يرومون الدخول اليه ،
وهم يلهجون : آرخ ! آرخ!
لا يعرف الرجل والمرأة ما العمل .
يقول الرجل : ربما هنا بعض البنادق في مكان ما .
يبحثان في كل ركن من البيت ، لا يعثران على أي شيء حتى وإن كان بندقية واحدة ، غير انهما يجدان سكيناً غير نافعة .
يقول الرجل : يا للخيبة ! ليس لدي أدنى فكرة عما علينا أن نفعل .
تقول المرأة : هناك الطابق السفلي ، دعنا نختفي فيه .
يسرعان الى الأسفل ، يحكمان غلق الباب ، يربضان هناك وسط الظلام.
والغزاة يقتحمون البيت ، يسمعونهم يحطمون كل شيء في الطابق العلوي.
يهمس الرجل مخاطبا المرأة : ماذا نفعل ؟
وما اسرع ما يحاول الغزاة فتح الباب .
تقول المرأة : يا للحيرة ! يحب علينا ان نفكر بطريقة للنجاة .
أخيرا يتوصل الرجل الى فكرة .
يقول : وجدتها ، علينا ان نتصرف مثلهم !
تقول المرأة : أتعتقد ان هذا سينفع ؟
يشرعان بالعمل ،يطوفان ،يركضان ، يتعثران ، ايديهما ممتدة الى الخارج ،يتمايلان ،
وهما يصرخان : آرخ ، آرخ .
بعد هنيهة يخترق الغزاة الباب ،يسقطون من السلالم ثم يعتدلون .
من أجل الخلاص، يواظب الرجل والمرأة على إداء تمثيلهما . يلتحق بهما الغزاة ،
يتحلقون ،يقول كل راقص : آرخ ! ، آرخ!
وبذا لا يجلبان الشك في وجودهما ،
لكن ، يا للمفاجأة ! ينطلق الرجل بالغناء بعد حين .
تصرخ المرأة تصرخ ، تطالب منه التزام الصمت ,
تقول : هل أُصِبتَ بالجنون ؟ ستعرضنا للموت !
يتأسف لما فعله ، يقول أن الأمر كله محزن .
والآن يجلب وجودهما انتباه الغزاة ،
وهم يتصايحون : آرخ ! آرخ!
تقول المرأة : هيا نهرب ،
يندفعان نحو السلم ،
يدفعان بالغزاة يمينا وشمالا.
يالحسن حظهما !
تعوز الغزاة الكفاءة ، ينعدم بينهم التنسيق،
وبذا يخرج الاثنان من المنزل ،
يهربان عبر الحقول ،
والغزاة يتعثرون خلفهما
بعد اجتياز مسافة طويلة يتوقفان لغرض الاستراحة .
يتصبب العرق ، تضيق بهما الأنفاس .
تقول المرأة : يا للجحيم ! ماذا حدث خلفنا ؟
يقول الرجل : سبق وأن أخبرتك بأنني لا أعلم .
عندما وصلا الحاضرة ، راحا يوقفان كل شخص ، يسردان له الحكاية .
خاطب الرجل المرأة : كان عليك أن تحوزي على كثير من البنادق .
قالت :أجل ، وأن نبتعد عن الطابق السفلي ،
ثم تضيف : وأن تمتنعَ عن الغناء .
يجلسان يشاهدان الحرب على الأشباح من علٍ .
الأشباح تٌذبَح ، يتراكمون على بعضهم ،هم مجموعةٌ من البلهاء .
يبدو المشهد نوعاً من الانحدار .
في وقت متأخر من تلك الليلة
يقول الرجل وهما مستلقيان على الفراش :
لا اصدق اننا نجونا .
تقول المرأة : أي لحن كنت تؤديه ؟ لقد نسيت ذلك .
قال : لحن " فوق قوس قزح "
وراحا يضحكان .
* بن لوري كاتب امريكي يعتمد كتابة القصة القصيرة التي تتميز بسماتها الخاصة ،حكاياته تحتفظ بعجائبية محببة ، يتمتع بقراءتها الصغار والكبار حيث يكتب بلغة واضحة .و على الرغم من ان اغلب قصصه تبدو غريبة الأطوار ، فهي تبعث على البهجة والدهشة : فيها الفكاهة والخيال ،كما يتحول فيها كل ما هو غير ممكن الى ممكن ، كل شيء ممكن ان يحدث لأي كائن سواء أكان رجلاً أو امرأة أو طفلاً أو حباراً أو حتى الموت نفسه . على القارئ أن يكون بن لوري ليعرف كيف ينظر هذا الكاتب الى العالم
.(المترجم)