تنوّع رياضيي اليابان يعكس تغيراً عرقياً بطيئاً

بانوراما 2021/08/05
...

 هيكاري هيدا
 ترجمة: خالد قاسم
عندما دخل الفريق الأولمبي الياباني حفل hفتتاح ألعاب طوكيو، كان رافع علم البلاد لاعب كرة السلة العملاق روي هاشيمورا الذي ولد ونشأ في اليابان. وظهرت خلفيته جلية في انحناء رأسه لتحية الجمهور وحبه لطبق اللحم التقليدي الذي تعده أمه، لكنه يساعد بإعادة تعريف ماهية المواطن الياباني.
في دولة جزيرية معروفة بالتجانس العرقي، ولد هاشيمورا لأم يابانية وأب من بينين، وهو طويل القامة مما يتناسب مع لعبه مهاجما لفريق واشنطن ويزاردز الأميركي وأسود البشرة مما يلائم الجيل الياباني الجديد لرياضيين متعددي الأعراق.
 
يتكون الوفد الأولمبي الياباني من 583 رياضيا، بينهم 35 على الأقل متعددو الأعراق، ويعدّون منافسين على الميداليات في ألعاب التنس والجودو، اضافة الى ممارسة الملاكمة والزوارق الشراعية والعدو والركبي والمبارزة ورياضات أخرى.
يضم هؤلاء إثنين من أكبر رياضيي العالم: هاشيمورا وبطلة التنس نعومي أوساكا إذ ولدت لأب هاييتي أميركي وأم يابانية، وأوقدت أوساكا في 23 تموز الماضي الشعلة الأولمبية خلال حفل افتتاح دورة طوكيو.
ذهب دوران أساسيان بحفل الافتتاح الى رياضيين متعددي الأعراق مما يؤكد رغبة اليابان بتقديم وجه متنوع للعالم. وترسخت شعبية هاشيمورا وأوساكا في بلادهما بعد أن لصقت شركة نيسين لصناعة المعكرونة سريعة التحضير وجهيهما على غلاف علبتها وهو ما يمثل رمزا إعلانيا كبيرا.
لكن حتى مع احتفال اليابان بإنجازات رياضييها "نصف اليابانيين" لا يزال يجب عليها مواجهة رهاب الأجانب داخل مجتمعها، والذي ترتبط أفكاره عن الأمة بالعرق. ويقول الملاكم سيون أوكازاوا، وهو من أم يابانية وأب غاني، "وجودي كله تحد لهؤلاء المحيطين بي عما يعنيه أن تكون يابانيا".
 
ثقافة عنصرية
يعكس اتساع قائمة رياضيي اليابان متعددي الأعراق ضرورة فتح البلاد أبوابها أمام الهجرة، رغم تقليد الانعزال القوي. ويمتلك اثنان بالمئة من الأطفال المولودين هناك أحد الأبوين مولود خارج اليابان، وفقا لوزارة الصحة. 
لم يكن ذلك ممكنا طيلة مئات نت السنين السابقة، فمنذ القرن السابع عشر حتى القرن التاسع عشر أبقت البلاد كل الأجانب خارج حدودها وكل اليابانيين داخلها، في أحد أكثر الأمثلة العالمية تطرفا على سياسة 
الانعزال.
توجد طبقية هرمية غير معلنة في اليابان تمجد البشرة الشاحبة على حساب الغامقة، ويتعرض اليابانيون أصحاب البشرة الغامقة لانتقادات عنصرية، ويواجه المصير ذاته مواطنون أحد أبويهم من أصول شرق آسيوية أخرى.
نشأ الملاكم أوكازاوا بمدينة محاطة بالثلوج في شمال اليابان، ويتلو نصوصا بوذية مع جدته. ولم يسبق له الذهاب الى غانا مطلقا ولا يتحدث الإنكليزية، ومع ذلك أختير بفريق الملاكمة في مدرسته الثانوية لأن زميلا له اعتقد أنه يناسب الدور.
هللت المؤسسة الرياضية الوطنية لنجاح رياضييها متعددي الأعراق، لكن انجازاتهم توصف عادة بلغة تحسين النسل ذات مصداقية ضعيفة: عضلات مفتولة وانعكاسات متفجرة وقوة بدنية متأصلة. 
 
شعار العالميَّة
لم يتعلم هاشيمورا الإنكليزية الّا عند ذهابه الى جامعة غونزاغا عام 2016، حيث لعب بفريق كرة السلة الجامعي. أما في الولايات المتحدة، على غرار بلاده، فهناك قلة أدركوا أنه ياباني.
كان الهدف من دورة طوكيو الدلالة على يابان أكثر عالمية، ففي العام 2013 عندما قدمت البلاد عرض استضافة الألعاب اختارت كريستيل تاكيغاوا مقدمة التلفزيون الفرنسية اليابانية لتقديم الملف أمام اللجنة الأولمبية الدولية بلغة فرنسية سليمة. وقالت آنذاك إن طوكيو مكان مضياف وعبرت لاحقا عن أملها بأن تجعل الألعاب المدينة ذات طابع دولي أكثر.
شعار ألعاب طوكيو هو "الوحدة في التنوع" وهي نقطة ظهرت عبر أسطول طائرات مسيرة حلقت فوق الملعب الأولمبي، وشكلت كوكبا عملاقا متلألئا قبيل ايقاد الشعلة. 
لكن طوكيو نفسها تبقى أحادية اللون بشكل ملحوظ، إذ ولد أربعة بالمئة فقط من سكانها خارج البلاد وفقا لحكومة المدينة، على عكس لندن ونيويورك بنسبة تفوق 35 بالمئة.
تقول ماري ناكاغاوا، وهي موديل سابقة من أصول سنغالية، أنها شعرت "بالغربة" خلال نشأتها في اليابان، ولا تزال تتحمل صفير اشمئزاز من رجال يقولون إنها شبيهة للاعبة أوساكا، والتي تدافع عنها شركة محاماة أجبرت البلاد على مواجهة قضية يعتقد كثيرون أنها لا تنطبق عليهم، ففي 2019 فازت أوساكا ببطولة أستراليا للتنس، ووصفتها شركة نيسين ببشرة شاحبة وشعر بنيّ اللون في رسم كاريكاتوري تسويقي، مما أثار اتهامات بتشويه 
البشرة.
 
صحيفة نيويورك تايمز الأميركية