بالرغم من أنها تقام عن بُعد.. نجاح الدورات التدريبية في مجالات مختلفة واتساع صداها

ريبورتاج 2021/08/12
...

   عذراء جمعة
عند اقتحام جائحة كورونا لحياتنا منذ اكثر من عام ونصف، عملت على تغيير مسارها عن الوضع الطبيعي، وجعلت القيود التي فرضت من جرائها الكثير من مجالات العمل تسير باتجاه تأديته عن بُعد، والابتعاد عن المكاتب، وكان للدورات التدريبية الشيء نفسه، وعمل المدربون على التحول في محاضراتهم وفقاً لهذا التغير، وان كانت تحتمل الجوانب العملية، فهل تمكنوا من إنجاح دوراتهم وفق الوضع الجديد؟.
وقالت الفنانة ايناس العاني، مدربة دولية معتمدة في حديثها لـ «الصباح»: منذ صغري وأنا امتلك موهبة الرسم واحبه كثيرا، منوهة بأنه في العام 1997 بدأت الرسم على الزجاج والقماش والخشب والكانفاس وبعدها اصبحت مهنتي التي ابحث فيها عن كل ما هو جديد ومنوع وجذاب، إذ اخذت اعمالي تزين المضايف والفنادق والمطاعم في عموم البلاد. 
مشيرة الى انه في العام 2000 أقمت اول دورة تعليمية لفن الرسم على الزجاج من خلال طلب احدى الصديقات لتعليمها واعجبتني الفكرة كثيرا، ومنذ ذلك الوقت بدأ مشوار الدورات التعليمية، ولكن كان على نطاق محدود ونجحت الدورات رغم محدوديتها، وفي العام 2008 دخلت الى عالم دورات «الاونلاين» بسبب معرفة الناس بفني خارج البلاد والطلب على إقامة دورات تعليمية، موضحة: ان الدورات عن بُعد في ذلك الوقت كانت بسيطة لبساطة وسائل الانترنت، إذ كان المتوافر فقط «yahoo messenger» وقليل استخدامه، إذ يتم الاعتماد في المحاضرات على الصورة والكتابة، حتى الفيديو كان غير متوافر، إذ نركز على الرسائل في توضيح أي أمر مبهم، وكان المتدربون يتعلمون، ثم تطورت العملية من خلال تنوع البرامج والتطبيقات ووجود الكاميرات
فيها.
 
الاونلاين أفضل
وبينت العاني: ان الدورات عن بُعد رغم وجود الجوانب العملية فيها إلا انها ميسرة، إذ ان كل متدرب يوجه كاميرته على طاولة العمل ونشرح لهم كل التفصيلات ونعلمهم، مضيفة: انها تفضل الدورات «الاونلاين» على الموقعية، لأنها تعاني من ضعف وصول الصوت لجميع المشاركين، ويتم شرح الموضوع على دفعتين حسب موقع المتدربين على عكس دورات الاونلاين التي يكون الصوت فيها واضحا، ويتم بث المحاضرة بكل هدوء من خلال «الايباد»، والكل يسمع بكل يسر من خلال كروب على الماسنجر، وكل مشترك تكون ادواته أمامه، ويطبقون التدريبات العملية، ومن ثم يرسلونها ويتم اعطاء الملاحظات عليها، والكثير من المتدربين نجحوا وبرعوا في هذا المجال، مؤكدة أن كل شيء «اونلاين» سيكون ناجحا وليس فقط ما يخص الدورات التدريبية، وذلك لكون الحياة تغيرت، والكثير من الاوضاع لم تبق على حالها وآخرها مجيء جائحة كورونا وفرضها القيود علينا، وتم الاستغناء عن الحضور، إذ ان شركات كبرى تدير اعمالها عن بُعد. منبهة الى نجاح الدورات، ولكن هذا لا يغني عن الموقعية منها، لأنها تكون بروح الفريق الواحد، وفيها التفاعل والتعاون، فضلا عن ان المتدرب يعمل بيده أمام مدربه، لكن الظروف فرضت ذلك. 
 
ما تتطلبه السوق
ويرى المدرب الدولي في مجال الكمبيوتر، قتيبة سعد صالح، في حديثه لـ «الصباح»: في ظل تطور العالم اتجه الجميع الى الاسلوب السريع في تنفيذ مهامهم الخاصة والعامة لاستغلال الوقت، منوها بأن استخدام الكمبيوتر في مجالات عدة كالتعليم والتسويق الالكتروني وانجاز المعاملات سهّل عليهم ذلك، بالإضافة الى الاستخدام الامثل للانترنت.
 مشيرا الى إقامة الدورات في مجال الحاسوب الآلي في داخل العراق وخارجه وحسب ما تتطلبه السوق من التطبيقات المهمة، مبينا: ان الفئات التي تشارك فيها مختلفة الاعمار، واكثرها مَن تريد بناء خبراتها وتطوير مهاراتها في هذا المجال، خاصة تطبيقات «الوورد، الاكسل، الفوتوشوب والبوربوينت»، بسبب متطلبات السوق او التقديم على الوظائف.
تقليل الكلف المالية
ولفت الى أن «الاسباب التي دعت الى اقامة الدورات التعليمية عن بُعد كثيرة، منها تطور العالم، واتجاهه الى تقليل الكلف المالية من خلال التخلص من التنقل من مكان الى آخر، فضلا عن انجاز المهام بأسرع وقت ممكن، علاوة عن السبب الأهم، وهو ظهور جائحة كورونا التي ادت الى الالتزام بالحظر الكلي او الجزئي، وحتى لا يتوقف التعليم في المدارس والجامعات تم تنفيذ التعليم الالكتروني الذي سهّل على الكثير من الملاكات التدريسية والطلبة اتمام العام
الدراسي. 
موضحا: على الرغم من أن تعلم الكمبيوتر فيه جوانب عملية، ويتم إيصال هذا الأمر إلى المشاركين وعن بُعد اعتمادا على المدرب ومهاراته في توصيل المعلومة، ومدى خبرته في ذلك، مضيفا: ويستند ايضا على امكانياته العملية في استخدام منصات التواصل الاجتماعي لأنها هي البوابة الرئيسة في التعليم عن بُعد، وايضا اختياره الوقت المناسب للجميع وكيفية ادارة الجلسة، إذ يقضي على الروتين والملل لدى المتلقي و يساعد في تنفيذ الواجبات ومشاركة الحضور في النقاشات، وتوجيه اسئلة باختيار عشوائي للحضور لجذب متابعتهم وتركيزهم معه، منبها الى: انه يجب أن نفرق بين الورشة والدورة. 
فالورشة تخصص بيوم واحد في اكثر الأحوال وبوقت بين ساعتين الى خمس ساعات، وعادةً تكون مجانية، أما الدورات فهي على الاقل من يومين الى شهر او شهرين او حسب نظام البرنامج، وتكون غير مجانية، مؤكدا: ان الاقبال عليهما جيد، وفي تزايد رغم بعض المشكلات، مثل ضعف شبكة الانترنت او الكهرباء أو قلة الخبرة من بعض
 المتدربين.
 
92 ورشة ودورة
واضاف صالح: ان تعلم الكمبيوتر وتطبيقاته اصبح من الاساسيات الضرورية، خاصة بظهور التعليم الالكتروني وتطبيقات الموبايل، مشيرا الى انه وفي ظل جائحة كورونا منذ بداية شهر نيسان 2020 الى الشهر السادس 2021، قدمت ما يقارب 92 بين ورشة ودورة، علما انني اتعامل مع التعليم عن بُعد منذ 2008، ووجدت ان الفرد العراقي متعطش للتطور والتعليم، وخاصة ملاكاتنا التدريسية في المدارس والجامعات، مؤكدا انه لن يتوقف ومع من يريد تطوير نفسه وسأكون مساندا له، متمنيا من الجهات المعنية في وزارتي التربية والتعليم العالي إتاحة الفرصة بأن اقدم لهم ورشات عمل ودورات تطويرية لموظفيهم، كي يصبحوا متمكنين من التدريس عن بُعد لطلبتهم، خصوصا اننا ما زلنا نمارس التعليم عن بُعد.
 
الجانب النفسي أولا
واوضحت المدربة الدولية المعتمدة في مجال التنمية البشرية، هاودم المفتي، في حديثها لـ «الصباح»: ان تطوير الذات والتنمية البشرية علم ليس جديدا، لكننا في بلداننا الشرقية غير منتبهين له، وان الشخص يحتاج الى الرقي في الوعي لان العلم لا يتوقف عند حد معين، منوهة الى أن تطوير الذات بوابة كبيرة للتنمية الذاتية والنفسية والعقلية بما فيها الجسد والروح. 
مشيرة الى أن الجانب النفسي اول جزء يمرض عند الانسان
 
 قبل الجسد، ولكننا نركز على معالجة الجسد فقط، ونعد النفسي شيئا ثانويا، ولكن هو المدخل الى الجسد بمشاعر جديدة، وفي هذه الحالة سترتفع لدى الانسان مشاعر السلام والحب تجاه نفسه والاخرين، وتحيا الخلايا الجسدية من جديد. مؤكدة: ان الدراسات اثبتت في جامعة «هارفورد» الاميركية واليابان والصين ان اكثر الامراض شيوعا سببها الجانب النفسي، فإذا مرض الجسد معناه انه يمر بمجموعة من المشاعر المؤلمة، والدليل ان الكثير من الامراض المعروفة الى الآن اسبابها مجهولة، إذ ان الاسترخاء والهدوء مهمان جدا لحماية الذات الإنسانية، لافتة الى أن التنمية الذاتية مهمة لتحقيق الاهداف والاحلام لدى الفرد، إذ نجد الكثير من الناس لديهم عدد كبير من الاحلام واغلبها ميسرة وسهلة، لكنهم لا يستطيعون تحقيقها بسبب احاطة العقل والنفس بمجموعة الافكار والعادات الموروثة، إذ نجدهم واقفين بمنتصف الطريق او في بدايته او لا يستطيعون أن يخطوا هذه الخطوات بسبب الخوف.
 
محاضرات أعمق
ونبهت الى اننا نعطي دورات تنمية الذات موقعية وتقدم لفئات الاطفال والشباب وطلبة المدارس والجامعات، وان الاقبال عليها جيد والاستفادة منها أوسع مؤكدة ان الدورات «الاونلاين» هي اكثر فائدة من الدورات الموقعية التي تحدد بين (3 - 10) ايام فقط بسبب ايجار القاعة ومواصلات المدربين والمتدربين ووجودهم الدائم، وهذا يحتاج الى جهد مادي ومعنوي، مضيفة: في الدورات عن بُعد يكون الجهد اقل والمحاضرات اعمق لأنها تعطي المادة بشكل مفصل وتمتد من (30 يوما الى 3 أشهر) والاتصال مباشر مع المتدرب ويستطيع ترك رسالة له في أي وقت، وان الاستشارات مدى الحياة، مبينة ان الدورات الموقعية نحاول فيها أن نضغط المادة ونضعها بملف او حقائب تدريبية، والمتدرب هو الذي يبذل الجهد الكامل على نفسه، وانهم يشاركون من اجل الحصول على
الشهادة. 
موضحة انه في محاضرات الاونلاين توجد تطبيقات عملية ترجع الشخص الى مراحل الطفولة والمراهقة والشباب لتوضيح اسباب المشاعر ونداويها بضمادات الاسترخاء، ونعلم الشخص التعبير الصحيح عن المشاعر، علاوة على ان الفترة الزمنية مفتوحة والمادة تكون مسجلة، إذ يستطيع الشخص الرجوع اليها في أي وقت، والمشاركة من جميع دول العالم، والتنوع في المنصات كلها في خدمة البشرية.
 
مهارات المدرب
وترى المفتي أن على المدرب أن يتقن التكنولوجيا والتعرف على المنصات وكيفية استخدامها، والتمكن من التفاعل مع المشاركين والتواصل معهم والاجابة على جميع اسئلتهم، مشيرة الى تقديم جميع المعلومات وارسالها بنظام «pdf» الى المتدربين، فضلا عن الامانة في نقل المعلومات وتقديم دورات مجانية والاقبال عليها، إذ شارك 900 شخص على منصة التيليغرام واكثر من 100 شخص على منصة الزووم، واكثر من 5000 شخص على منصة الانستغرام وهي متاحة للجميع، مبينة أن جميع دوراتنا حققت نجاحات متواصلة سواء أ كانت مجانية او مدفوعة الثمن لان أكبر ثروة للنفس هي استثمار الذات والتعرف على رسالتك في الحياة والامراض النفسوجسدية، بالإضافة الى رمي كل الافكار التي تعيقك ولا تفكر بأن الوقت مضى والعمر انتهى لان العلم في خدمة البشرية.