رغم مساحتها الشاسعة أسباب قلة السكان في روسيا

بانوراما 2021/08/18
...

  نيكولاي شيفشينكو
     ترجمة: شيماء ميران
مع قلة الكثافة السكانية في معظم الاراضي الروسية، لكن في بعض المناطق الاخرى تكون مكتظة.
ورغم ان روسيا تعد اكبر دولة من حيث سعة اراضيها، لكنها التاسعة عالميا من حيث حجم الكثافة السكانية. والغريب في الامر، وبينما يبلغ تعدادها السكاني 146 مليون نسمة، استقر معظمهم بكثافة في المناطق الحضرية، لكن لا تزال مساحة شاسعة منها غير مأهولة بالسكان.
تظهر خريطة الكثافة السكانية في روسيا للمراقب تقديرا تقريبيا في ما يتعلق بمدى التفاوت السكاني المبعثر عبر المساحة الشاسعة لروسيا. ويلعب المناخ دورا مهما في قلة نسبة السكان.
وفي الواقع، فإن سبعين بالمئة تقريبا من الروس يعيشون في الجزء الاوروبي، والذي يمثل عشرين بالمئة فقط من الاراضي الروسية بأكملها.
لتستوعب بقية المساحة الـثلاثين بالمئة تقريبا، ما يقلل الكثافة السكانية بشكل كبير مقارنة بالمناطق الحضرية، وأحد الاسباب الرئيسة لذلك هو المناخ القاسي لبعض الاقاليم الروسية النائية.
لقد استقر الناس في روسيا منذ القدم في المناطق التي يكون فيها المناخ يساعد على الزراعة، والتي تتوفر فيها ظروف جوية ملائمة. لذلك فان الجزء الجنوبي من روسيا بشكل عام يكون اكثر كثافة من المناطق الشمالية واقصى الشرق.
كما ان المساحات الشاسعة شمال روسيا وسيبريا، المعروفة بطقسها القاسي وصعوبة الوصول اليها، من ضمن المناطق الاقل سكانا. فقد بلغت الكثافة السكانية في اقليم أوكروغ يامالو- نينيتس في اقصى الشرق الروسي، وساخا في الشمال، والمناطق النائية لماجادان وتشوكوتكا اقل من شخص واحد في الكيلو متر مربع، وسجلت منطقة تشوكوتكا الواسعة رقم قياسيا نسبيا بتسجيلها أقل من شخص واحد بالألف في الكيلو متر المربع الواحد.
تقول إيكاترينا شيرباكوفا كبيرة الباحثين في مركز HSE  للبحوث الديموغرافية: {إن واحدا من كل خمسة روس فقط يعيش في الجانب الاسيوي والذي يشكل ثلث مساحة روسيا. اما في اقصى الشمال والمناطق التي تتميز بظروف مناخية قاسية والتي تمثل سبعين بالمئة من الاراضي الروسية تكون افقر المناطق سكانا}.
 
اقتصاديا وسياسيا
يلعب الازدهار الاقتصادي دوره ايضا، فان مدينتي موسكو وسان بطرسبرغ اكثر مدينتين روسيتين مكتظتين بالسكان، إذ بلغت الكثافة السكانية لمدينة موسكو خمسة الاف نسمة تقريبا في الكيلومتر مربع الواحد، وهي النسبة الاعلى في روسيا بأكملها، بينما في سان بطرسبرغ بلغت النسبة ما يقارب الاربعة آلاف.
اما من الجانب الاخر للمجتمع الروسي، وبحسب الاستطلاع الأخير كانت بعض المناطق الاقل ازدهارا، مثل توفا وكالميكيا ومنطقة الحكم الذاتي اليهودي في اقصى الشرق الروسي، هي الأقل سكانا فكانت على التوالي شخصين، وثلاثة أشخاص، وأربعة أشخاص تقريبا في الكيلومتر مربع الواحد. 
تتنامى الكثافة السكانية في المناطق الروسية المأهولة بالسكان احيانا حول المناطق الصناعية المحلية، وأحيانا اخرى وفق رغبة الحكومة.
تقول شيرباكوفا: {في القرن العشرين، كان توجه الاستيطان المهيمن في روسيا عبر نقل منظم للسكان إلى الشمال والشرق او إلى منطقة اقل سكانا او إلى الجنوب، وأحيانا يكون من خلال تنفيذ إجراءات صارمة جدا. والسبب يعود إلى الحاجة لتنمية الموارد الطبيعية وتطوير اقتصاد المناطق وتقوية الحدود الشرقية. ولعب اخلاء العديد من المشاريع الصناعية من الجزء الاوروبي خلال الحرب الوطنية العظمى دورا مهما للغاية}.