التمويلات المصرفيَّة

اقتصادية 2021/08/24
...

عبدالزهرة محمد الهنداوي
 
يمثل القطاع المصرفي، منصة تمويلية مهمة واساسية لدعم الاقتصاد والتنمية في اي بلد من البلدان، شريطة توافر البيئة الآمنة التي تمنح هذا القطاع ظروفا مستقرة وآمنة للاستثمار، وفقا للقاعدة الشائعة، {ان رأس المال، جبان او ذكي}.
ولكن السؤال الذي يتبادر الى الذهن، ونحن نتحدث عن منصات تمويلية، ينبغي أن تكون ضخمة، ومؤثرة،: هل أن القطاع المصرفي العراقي، تمكن من ارتقاء هذه المنصة، واسهم في تمويل المشاريع القطاعية، سواء كان ذلك باسلوب الاستثمار الصافي، او بالشراكة مع القطاع 
العام؟.
إن الاجابة عن هذا السؤال المحوري، تتطلب النظر الى الصورة، من جميع الزوايا والجوانب، وابتداءً فان البعض ما زال يصف النظام المصرفي العراقي بالمتخلف! على الرغم من وجود تحسن، وان كان نسبيا في بعض مؤشرات الاداء خلال السنوات الماضية، من خلال تأشير زيادة في نسبة ودائع الجمهور لدى المصارف، الامر الذي ادّى الى زيادة السيولة النقدية، وهذا من شأنه توسيع قاعدة الائتمان، الامر الذي يجنّب القطاع المصرفي التعرّض الى ازمة مالية في المدى 
المنظور.
لذلك فإن هذا الوصف للنظام المصرفي، قد يكون فيه نسبة من التجني، ولكن بشكل او بآخر، فإن مساهمة القطاع المصرفي في تمويل المشاريع الكبيرة، ما زالت غير متحققة، وقد يُعزى جانب من هذا الغياب الى التخلف، او بسبب طبيعة البيئة الاستثمارية العراقية، التي ما زالت هي الاخرى تعاني من خلل هيكلي في الكثير من مفاصلها، ولذلك فإن القطاع المصرفي، ربما يخشى المخاطرة في حال اراد المساهمة في العملية الاستثمارية، وهذه المخاطر قد تكون ائتمانية، او ربما ترتبط باسعار الفائدة، او عدم تحقق السيولة المالية، ذلك لان الملاءات المالية للكثير من المصارف، لاسيما مصارف القطاع الخاص، غير قادرة على تغطية تكاليف المشاريع الاستثمارية الكبيرة، التي تحتاج الى مليارات الدولارات، ولهذا السبب، نجد ان اغلب المصارف، ذهبت باتجاه سياسة منح القروض الصغيرة التي تتراوح بين 10 ملايين و 100 مليون دينار، وفي الغالب فان مسارات هذه القروض الصغيرة، تتجه نحو المتطلبات الاستهلاكية للمقترض، وهي بهذا لا تعد قروضا منتجة، اي ليس لها اي اثر تنموي في الارض، واعتقد ان مثل هذه العقدة، يمكن حلها، من خلال الاندماج المصرفي، بين اكثر من مصرف، لتكوين محفظة نقدية كبيرة، يمكن ان توفر رؤوس الاموال المطلوبة، لتمويل المشاريع، فضلا عن العمل على خلق نشاط ائتماني محفز للنمو، وذلك عبر التوجه بقوة نحو تمويل المشاريع فوق المتوسطة، والعمل على فتح المزيد من الفروع للمصارف المحلية والاجنبية، وتحفيز الناس على التوجه نحو الايداع لتحريك الارصدة المجمدة، وتقديم الدعم لمصارف القطاع الخاص، وتشجيعها على الانخراط بقوة في العملية الاستثمارية، في ظل وجود حاجة كبيرة في كل قطاعات التنمية، لجميع انواع
الاستثمارات.