مسؤوليَّة غربيَّة تجاه أحداث أفغانستان

بانوراما 2021/08/26
...

 ترجمة: شيماء ميران
لم تتحقق مخاوف العديد من الأفغان منذ إعلان جو بايدن انسحاب القوات الأميركية بأكملها بحلول ايلول القادم، بل تم تجاوزها. ورغم توقع الكثيرين أن تحقق طالبان مكاسب مستمرة، لكن سرعة ومستوى تصعيدهم  لدرجة دخول العاصمة كابل قد فاجأ المراقبين. إذ تمكنت طالبان مطلع الشهر الحالي من السيطرة على مدينة زارانج في نيمروز، وهي اول عاصمة إقليم يسيطرون عليه، وبعدها تساقطت حبات السلسلة وانتهى المشهد بدخول الحركة الى العاصمة فجر منتصف هذا الشهر.
ورغم مرور عقدين تقريبا على الاطاحة بحركتهم في غزو العام 2001 على يد قوات التحالف بقيادة اميركا، فقد عاد الحكم لطالبان بالكامل، مع احتمالات نشوب حرب أهلية مشابهة لما حدث في التسعينيات. 
وحذر تقرير الامم المتحدة الذي صدر مؤخرا من أن تصل أعداد القتلى والجرحى من المدنيين، منذ الأول من ايار الماضي، إلى أرقام قياسية. كما يمكن أن تتزايد هذه الحصيلة في حال انتقلت المواجهات من المناطق الريفية إلى داخل المدن وعواصم الأقاليم، والتي يتوقع البعض أن تشهد تمردا من قبل قوى رافضة لحكم الحركة.
أما الولايات المتحدة، رغم أنه كان هناك اعتقاد اميركي داخلي بامكانيتها تغيير افغانستان لدرجة كان الحكم العسكري دليلا على غطرستها، لكن انسحابها المتسرع هو فشل آخر لما له من تكلفة بشرية هائلة، كما إن عدم قدرتها على تحديد ورسم مستقبل البلاد لا يعفيها من مسؤولياتها. ومع ان واشنطن كانت تدعي انها غير مستعدة للاستسلام في مباحثات السلام بين طالبان والحكومة الافغانية، فيبدو ان بريطانيا استثمرت المزيد من الجهود الدبلوماسية مع باكستان، لتسهيل مهمة استقبال العائدين من كابل. وهو دور كان يجب أن تقوم به اميركا لتحمل المسؤولية. ويرى البعض ان الصين التي استضافت ممثلي طالبان في بكين الشهر الماضي قبل سقوط حكم الرئيس الأفغاني أشرف غني، كان لها تأثير مهدئ لأسباب عملية، لأنها تسعى لإرساء الاستقرار الاقليمي، وقطع الطريق امام الدعم المحتمل لمقاتلي الأويغور.
 
حماية الإعلاميين
قبل دخول حركة طالبان الى العاصمة الأفغانية، كانت هناك حركة هروب متسارعة لنحو ثلاثين ألف أفغاني على الاقل اسبوعيا، فضلا عن تعرض الكثيرين الى سوء المعاملة. ليكون عرض اللجوء لأولئك الذين يتعرضون للخطر بسبب عملهم مع قوات التحالف الغربية هو الحالة الاخلاقية الاكثر إلحاحا. ومنبع هذا الاضطراب هو مخاوف جدية من أن يترك اعلان بايدن الانسحاب مدة زمنية قليلة لمساعدتهم، وان اميركا ستترك الكثيرين خلفها، وقد تحقق ذلك من خلال حادثة الطائرة العسكرية الأميركية، التي شهدت سقوط ثلاثة أفغان كانوا عالقين بعجلاتها. وحث عشرات كبار القادة البريطانيين حكومتهم لإعادة التفكير برفضها إعادة توطين المترجمين الفوريين من الافغان، الذين عملوا مع القوات البريطانية وأخرجوا من العمل، من دون اية اجراءات قانونية، وبحجج تافهة احيانا.
وكان وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، ونتيجة لضغط المذيعين والاذاعات ومواقع صحيفة من بينها صحيفة الغارديان، قد وافق على السماح للصحفيين الذين عملوا مع الاعلام البريطاني بالانتقال الى بريطانيا. وكانت الحجة القوية في الضغط الصحفي حادثة استهداف طالبان للمصور دانش الحائز على جائزة بوليتسر الذي قُتل الشهر الماضي، إذ تعرض جسده للتشويه عندما كان محتجزا لديهم. ورغم الترحيب بقرار راب، لكن يبدو ان معاملة المترجمين الفوريين ستكون حساسة. وتشير بريطانيا الى أن أولئك الذين عملوا مع الجمعيات الخيرية البريطانية، والذين تتعرض حياتهم للخطر لترويج القيم التي ستعززها بريطانيا في  افغانستان، كصحفيي الاعلام المحلي، بحاجة ايضا الى الحماية. وهو ما ينبغي ان يحصلوا عليه.