التعليم الأهلي تنافس واستثمار وفرص عمل

ريبورتاج 2021/09/01
...

 نافع الناجي
اكتظاظ المؤسسات التعليمية الحكوميّة وتقادم أبنيتها، وعدم قدرة الكثير منها على تقديم المفردات العلميّة والتربوية الحديثة والعجز عن تطوير المناهج بما يلائم لغة العصر، وأسباب عديدة أخرى أسهمت بالمجمل في سحب البساط من تحت قدميها، وساعدت في رواج وازدهار التعليم الأهلي منذ العام (2003) ولغاية اليوم.
الأسباب كثيرة ومتنوعة، ولا تقف بالطبع عند مستوى البنى التحتية أو طبيعة الأداء المهني للملاكات التدريسية، بل تتعداها لتصل إلى عوامل اجتماعية واقتصاديّة كانت في المحصّلة دافعاً مهماً يضاف إلى ما تمثله المؤسسات الأهلية من ميدان اقتصادي يبدو مربحاً للمستثمرين. 
فهناك مئات الجامعات والكليات الأهلية وحتى معاهد الدراسات العليا التي فتحت في طول البلاد وعرضها، فضلاً عن آلاف المدارس بأنواعها، هي الحصيلة التقديرية للنشاط الخاص التي حصلت على اجازات العمل من قبل الوزارات القطاعيّة كالتربية والتعليم العالي، وشئنا أم أبينا، فالنتيجة أنّ هذه المؤسسات صارت ركناً من أركان النظام التعليمي القائم على فلسفة ورؤية جديدتين في عراق ما بعد التغيير، ويؤكد العاملون فيها بأنها تتلاءم مع روح العصر والتبدلات الفكريّة والاداريّة في عالمنا اليوم كالأساليب التربويّة المبتكرة في التعامل مع الطلبة والتلاميذ، والمناهج التفاعلية وغيرها.
 
بُنى تحتيّة جاذبة
الرغبة في اجتذاب الطلبة والتلاميذ وجو المنافسة مع المؤسسات الحكوميّة وعدم وجود البيروقراطية في سرعة اتخاذ القرار وتحديد الأولويات انتجت بُنى تعليمية وتربويّة تفوق في كثير من مميزاتها مثيلاتها الحكوميات، وهكذا يسرد المشرف التربوي عبد الهادي جاسم بعضاً من ملاحظاته عن المدارس الأهليّة، اذ يقول «إنّ تجربة التعليم الأهلي (الفتيّة) بعد العام 2003 أثبتت جدارتها تحت ضغط من الحاجة الفعليّة لمواكبة التطور الذي تشهده البلدان»، واضاف «إنّ مباني المدارس الأهليّة تتمتع بالحداثة ومقومات جماليّة لافتة للنظر بالمقارنة مع المدارس الحكوميّة (البالية) التي تفتقر غالبيتها للمجمعات الصحية والساحات والتجهيزات الكهربائيّة والمياه ووسائل
 أخرى». 
تساؤلات منطقية
بينما يشدد الكاتب والمهتم بالشأن التربوي، لؤي عمران على «أهميّة الدور الذي تلعبه المدارس الأهليّة لكن ضمن الحدود القانونيّة التي استحدثت من أجلها»، مستدركاً «ما معنى أن تكون المدرسة في بيت، لقد أبصرنا الدنيا ونحن نعرف أن في المدرسة ساحة للعب وحدائق وملاعب رياضيّة وباحة وسطيّة فكيف تكون في
بيت؟». 
ويذهب المشرف التربوي عبد الهادي جاسم إلى القول بأن «المدارس الأهليّة سجّلت نجاحاً أكبر من المدارس الحكوميّة في توفير مفردات المنهج الدراسي والقرطاسية، إذ تحرص أغلب الادارات الأهليّة ممثلة بالمستثمرين على متابعة جلب هذه المناهج من أكثر من مصدر، والموضوع ذاته يقال عن المستلزمات المدرسيّة الأخرى»، والتي يتفق التربوي والكاتب تحسين عبّاس على أن «توافرها بشكل أفضل في المدارس الأهلية وعلى نحو خاص مستلزمات الصحة العامة والسلامة والأمان»، مضيفاً «إن لكلّ مؤسسة تربويّة من المحاسن والمساوئ الشيء الكثير».
 
أجواء تربويَّة
الإدارات الأهليّة لا تعير اهتماماً كبيراً لموضوعة النجاح والرسوب إلا في المرحلة المنتهية، لأجل الحصول على النسبة كما يقول عبّاس، وزاد بأنّ «جودة التعليم في المراحل الأساسيّة الثلاث بالمجمل، هي أفضل من المدارس الحكوميّة من حيث الجهد المقدّم والوسائل التعليميّة المستخدمة والوقت الذي يحظى به كل تلميذ»، لافتاً الى أن «المعلم يجتهد لإيصال الفكرة لذهن التلميذ، كونه لا يأمن استمراره مع وجود مستثمر يقوم بالمحاسبة ويستمع لشكاوى الأهالي، وعلى النقيض من بعض المعلمين والمدرسين في المؤسسات الحكوميّة الذين اطمأنوا بعد تثبيتهم على الملاك الدائم ولا يلتفتون لأخلاقيات مهنة التعليم».
 
فرص عمل واعدة
وفرت المؤسسات التربويّة والتعليميّة الأهليّة أو الخاصّة آلافاً من فرص العمل المباشرة للخريجين الجدد والمتقاعدين من الأساتذة والمدرسين والمعلمين، وفرص عمل أخرى موازية لهكذا مؤسسات، اذ يقول المشرف التربوي نجم الحميد «إن طواقم تربويّة من الخط الاول التحقت بهذه المدارس بعد إحالتها المبكرة على التقاعد وهي تمتلك الخبرة الطويلة في الإدارة والتعليم، مضافاً إليهم (الخريجون الجدد) الذين يحملون الاندفاع الشديد والحماسة للعمل التربوي، الذي تفتقر له الكثير من الطواقم التربويّة العاملة في القطاع الحكومي بما رصدناه من تقاعس واتكاليّة ونمطية في أدائها»، بينما ذكر التربوي متعب حمود، إنّ «المعلم في المدارس الأهليّة يعاني من ضياع حقوقه الماليّة ولا توجد جديّة في تطبيق تعرفة الراتب المقر وهو 350 الف دينار خاصّة مع وجود إدارات مدرسيّة تدفع أقل من هذا المبلغ في وقت يُحْجِم المعلّم عن إيصال شكواه خشية طرده وخوفاً من وجود اتفاق بين هذه الإدارات والجهاز
الإشرافي».