روسيا تسعى لتحجيم السكوتر الكهربائية

بانوراما 2021/09/01
...

 ييكاترينا سينيلشيكوفا
 ترجمة: بهاء سلمان
تكتسب السكوتر الكهربائية شعبية هائلة داخل روسيا، وخصوصا في الآونة الأخيرة التي أعقبت جائحة كورونا، اذ ارتفع الطلب خلال شهر واحد في أواخر العام 2020 إلى نسبة 350 %، ومع نهاية تلك السنة، فاقت تلك العربة الدراجات الهوائية في سوق الإيجار، لكن سرعان ما صارت شعبيتها الطاغية مشكلة، فبعد سلسلة من الحوادث، بعضها أدى إلى حوادث مميتة رافقتها ملاحقات قضائية، ازداد غضب العامة عليها في شوارع العاصمة، والكثيرون يرغبون برؤية مناطق خالية من السكوتر . 
مشبهين هذه العربات بالأسلحة المؤذية، فمع إنك تراها سريعة وصامتة وقاتلة في الوقت نفسه، تسعى السلطات الروسية الآن للسيطرة على هذا النمط الجديد الخاطف من وسائط النقل؛ وفضلا عن تسجيل نجاح قليل، يصل الصراع حاليا إلى مرحلة حرجة.
ولكونه أمراً مهماً جماعيا، صار السكوتر أحد أكثر المواضيع الساخنة في روسيا لهذا الصيف، تقول أولغا فوفيكوفا، المقيمة في موسكو: {كنت ماشية على طوال الشارع ورأيتهم يمرون مسرعين أمامي بسكوترين وثلاثة سكوترات، كان عليّ التوقف لعدم تمكّني من معرفة سرعتهم أو مسارهم، إنه أمر واحد إذا استطعت رؤيتهم، لكن سيكون شيئا مختلفا تماما إذا ما أقدمت هذه الآلات المسرعة على التسابق خلفك، إنه أمر مرعب، وتبدأ بلعن القوانين، أو بالأحرى فقدانها، اذ يتم تجاهل حقوق المارة في موسكو منذ زمن طويل}.
 
صعود متسارع
ظهرت أول شركة لخدمات تأجير السكوتر الكهربائية في موسكو بصيف 2018، وحضر عمدة المدينة {سيرجي سوبيانين} افتتاحها، ومنها نما السوق بشكل ثابت، كما تضاعف عدد الشركات الكبرى لأكثر من عشرين مرة على مستوى البلاد بأسرها، كما تضاعف عدد الاصطدامات بين سائقي السكوترات والمارة كثيرا، وأدى بعضها إلى إصابات خطيرة وقاتلة.
وتتعدد روايات الحوادث التي سببتها السكوتر، وتنوّع المصابون من المارة بين رجال وأطفال ونساء، ووصل الضرر ببعضهم إلى بتر الساق أو الدخول في غيبوبة لأيام طويلة، ناهيك عن إصابة راكب السكوتر برأسه، وهي الإصابة الأكثر شيوعا، ووفقا لإحصائيات وزارة الداخلية الروسية، فقد وقع 180 حادثا خلال الشهور الستة الأولى من العام الحالي، بسبب السكوتر داخل روسيا، في ما نتج عنها خمس حالات وفاة.
ولكونها صامتة وثقيلة الوزن، غالبا ما تزن 40 كيلوغراما، مع قدرتها على تعجيل يتراوح بين 30 إلى 50 كيلومترا في الساعة خلال ثوان معدودة، صارت السكوتر الكهربائية مصدرا للخوف، وهناك سبب آخر للفزع يتمثل بأن القانون لا يتضمن فقرات للتعامل مع هذه الآلات المخيفة.
ولا تزال حالة التشارك في الطريق في روسيا غير مقيّدة بقوانين صارمة، مع عدم وجود وضع قانوني واضح على مستوى الدولة الاتحادية، رغم الحاجة الماسة لتعديلات تتم مناقشتها منذ سنين، حاليا يعد هذا النوع من وسائط النقل موازيا لوسائط مساعدة للسابلة، مثل الكراسي المتحركة ودفع عربة ولوح الانزلاق، ولهذا السبب لدى راكبي السكوتر الحق بالسير على الأرصفة وممرات الدراجات الهوائية، وإذا غابت هذه الأماكن، فستجدها على جوانب الطرق، لكن بمواجهة سيل من المركبات.
 
تنظيم القوانين
والأكثر من هذا، بإمكان راكب السكوتر استئجار واحدة، ولا تطلب شركات التأجير وثائق عند التسجيل، باستثناء بطاقة مصرفية، وما على المستخدم سوى إثبات كونه بعمر 18 سنة أو أكثر؛ ولا حاجة لوجود رخصة إذا كانت قوة محرك السكوتر لا تزيد على 250 واط، وتقول يوليا كواميلك، مسؤولة إعلام إحدى شركات السكوتر: {ينبع الجدل حول السكوتر من وضع الراكبين غير المحدد قانونيا، فطبقا لقوانين الطرق، بالإمكان تصنيفهم من المارة وراكبي الدراجات الهوائية أو حتى راكبي الدراجات البخارية}.
لفتت هذه الحالة انتباه {لجنة التحقيق}، التي بدأت بالتعامل مع المشكلة بإجراءات جنائية، وتدخلت اللجنة مؤخرا لمتابعة أحداث أدت إلى إصابات مختلفة في عدة مدن روسية، من بينها بطرسبرغ، وأفضت إلى توجيه تهم جنائية بحق البعض.
لغاية الآن، تسعى شركات التأجير للتفاوض مع السلطات المحلية لتخصيص مناطق بطيئة ومغلقة، قبل تبني قوانين عامة، وتقترح {الغرفة المدنية}، وهي مؤسسة مجتمع مدني استشارية، تصنيف السكوتر القوية كدراجة بخارية، وعلى سلطات بطرسبرغ تسجيل المستخدمين لها وفقا لمعلومات جواز السفر، وإنشاء قاعدة بيانات للمخالفين، وتناقش وزارة النقل تحديد السرعة على الأرصفة بعشرين كيلومترا بالساعة، وفرض حظر على السكوتر في المتنزهات وبالقرب من مترو الأنفاق ومحطات القطار ومولات التسوّق.
المعارضون للسكوتر ليسوا مقتنعين بهذه الإجراءات. كتب أحد مستخدمي الأرصفة تعليقا، قال فيه: {عندما أعبر الطريق، أفهم خطورة الموقف وأنظر حولي، أما المشي على الرصيف، فأنا لست ملزما بالبقاء حذرا على الدوام لمن يمكن أن يتجه نحوي بسرعة 50 كيلومترا بالساعة؛ فعلى الرصيف، لي الحق أن أنشغل بهاتفي المحمول}.
ومع ذلك، ليس من الإنصاف وضع كامل اللوم على شركات السكوتر، كما يقول إيغور سيركين، رئيس الدعاوى في منظمة {كليف} القانونية: {لا توجد مستلزمات سلامة لشركات التأجير، فشركات المواد الغذائية لديها تلك الأمور، وكذلك الخدمات المتخصصة، مثل الجولات الترفيهية؛ لكن ما هو الخطر المصاحب لخدمات التأجير؟}
وغالبا ما يذكر غياب البنية التحتية كجزء من المشكلة، ففي بعض البلدان الأوروبية، لا يسمح بحركة السكوتر الكهربائية إلا في ممرات الدراجات الهوائية، هنا كان على الكسندر اوسيبوف، رئيس نادي {النقل الكهربائي الصغير لروسيا}، التصريح بأن {جزءا من عملنا هو استخدام السكوتر الكهربائية في جميع المدن الروسية الكبرى، من فلاديفوستك إلى كالينينغراد، واكتشفنا غياب بنية تحتية ملائمة، حتى داخل موسكو وبطرسبرغ، أما ممرات الدراجات الهوائية فعبارة عن مزحة، فهي تبدأ ثم تنتهي بشكل مفاجئ، فيضطر راكبو السكوتر لاستخدام الرصيف والمناطق الأخرى غير الآمنة}.