ترقب اللبنانيون ليلة الأحد على الاثنين 24 -25 شباط الجاري وهم يتابعون وقائع الإعلان عن جوائز الاوسكار في مسرح دولبي بهوليوود، إذ حبس الجميع انفاسهم وهم يراقبون الشاشة الفضية، بانتظار رؤية الفنانة نادين لبكي وهي تتوج جهدها المتمثل بفيلمها المثير "كفر ناحوم" بالجائزة المنتظرة.. غير أن النتائج جاءت لتقول للجمهور ان الزمن اللبناني لم يحن بعد للوصول الى هرم الأوسكار، على الرغم من كون لبكي قطعت مسافة لا يستهان بها، وهي تغد الخطى باتجاه تخوم العالمية.. فالأوسكار المنتظرة ذهبت الى الفيلم المكسيكي "روما"، الذي فاز بجائزة أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية
و"كفرناحوم" ثاني فيلم لبناني يرشح لنيل جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي، بعد فيلم المخرج زياد دويري "القضية 23" الذي ترشح للقائمة القصيرة العام الماضي، كما أن الفيلم حصد جائزة لجنة التحكيم الخاصة عند عرضه الأول في مهرجان كان السينمائي الأخير، كما انضم الى قائمة الأفلام القصيرة المتنافسة على جائزة أفضل فيلم أجنبي في جوائز أكاديمية السينما البريطانية (بافتا) وفي جوائز الكرة الذهبية (غولدن غلوب).
ونشر وزير الثقافة اللبناني محمد داود تغريدة تويترية " جاء فيها: "بغض النظر عن النتيجة إلا أن لبكي وضعت لبنان مرة جديدة من خلال الفيلم على خارطة العالم، وهذا مكسب كبير ومدعاة فخر"
فيما علق الكاتب والصحفي بيار بو صعب على النتيجة بالقول:" اعتقد أن لبنان من خلال نادين لبكي فازت رغم كل شيء، فهي فنانة صادقة ومخلصة، استطاعت باجتهادها ان تنافس افلاماً عالمية ضخمة مثل فيلم "روما" الذي يعد ذروة الانتاج السينمائي لهذا العام.. ولبكي كسبت بالتأكيد، لأنها استطاعت ان تصل الى مصاف العالمية وتخاطب المشاهد الاميركي والايطالي والافريقي والعربي وهذا انجاز كبير بلا شك" ويصف الاعلامي حسين مشاعره وهو يترقب نتيجة المسابقة بانه: "قبل ساعات من حفل الأوسكار سمعت نادين لبكي وزوجها المنتج خالد مزنر يتحدثان عن فارق هائل في الإمكانات المادية واللوجستية بين فيلمهما وفيلم "روما" الذي انتجته "نتفليكس" العملاقة الحائز على أوسكار أفضل فيلم أجنبي وبدا حديثهما، كأنه يحصر المقارنة بالقدرات الفنية المتوافرة لكلّ من الفيلمين لإبعاد أي "شُبهة" عن المضمون.
سأشير فقط إلى مشهد/حدث واحد أساسي من كل فيلم، ربما تساعد المقارنة بينهما في تفسير لماذا كان ثمة عائق جوهري في طريق "كفرناحوم" إلى التتويج:
- مشهد المحكمة في بداية "كفر ناحوم"، والذي لولاه لربما كانت رؤية المحكّمين قد اختلفت إيجاباً لمصلحة الفيلم. الطفل زين يرفع دعوى على والده وأمّه (الفقيرين).
يسأله القاضي "ليش؟"
يجيب دامعاً "لأنّن خلّفوني".
المغزى؟
أيها الفقراء، لا تُنجبوا!
- مشهد العاملة المنزلية كليو، بطلة "روما"، وهي تحمل على سرير المستشفى طفلتها التي ولدتها ميتة (من صديقها الذي توارى حين أخبرته بحملها). مشهد يحمل التعاطف مع الأمّ إلى ذروته، ويزداد حين تنقذ من الغرق طفلين من العائلة التي تعمل عندها. مشهد المستشفى رغم مأساويته يقول: أيها الفقراء، حقّكم أن تُنجبوا!
هنا لا أدين "كفر ناحوم" بالكامل.
فالفيلم يستحقّ النجاح الذي وصل إليه، وتصويره وإخراجه مميزان، وأداء الطفل زين مذهل، لكنّ اقحام "المواعظ" السطحية في الفيلم لا يخدمه، بل يرتد سلباً عليه عند أبسط مقارنة.
أمّا "روما" فيستحقّ ما ناله.
فخبرة مُخرجه ألفونسو كواران تفرض نفسها في تفاصيل عدّة، فكيف إذا كان يستعيد في الفيلم مشاهدَ من حياته وذاكرته في سنة مكسيكية حافلة (1971 - 1972)؟"
ولعل من المفيد الإشارة الى أن فيلم "كفر ناحوم" يتناول حياة طفل يعيش في قرية فقيرة، ويقرر التمرد على نمط حياته البائسة، ويصل الأمر به الى رفع دعوى قضائية ضد والديه لأنهما أنجباه!
ونجح "كفر ناحوم" في تصدر شباك التذاكر في لبنان، كما حصد العديد من الجوائز العالمية والمحلية وحظي باهتمام لافت من المعنيين بالفن السابع.