«تيك توك».. «فيسبوك» الجديد

بانوراما 2021/09/07
...

 كريس ستوكل وولكر
 ترجمة: خالد قاسم
الصعود السريع للتطبيق الصيني قد تكون له تداعيات على جميع المستخدمين وطريقة حياتهم، سواء على النت أو خارجه. وعلى خلفية وباء عالمي أبقى ملايين الأشخاص داخل منازلهم ليس لديهم رفيق سوى الهاتف النقال، فقد ارتقى تطبيق مقاطع الفيديو القصيرة «تيك توك» بهدوء لأعلى مراتب التكنولوجيا. وكان «تيك توك» أكثر التطبيقات العالمية تحميلا العام الماضي، ووفقا لإحدى شركات التحليل ففي آذار 2020 فقط أمضى المستخدمون وقتا على التطبيق يعادل المدة من العصر الحجري حتى الآن، أي 2,8 مليار ساعة أو 320 ألف سنة تقريبا. أصبح التطبيق في تموز الماضي أول تطبيق لا تمتلكه شركة «فيسبوك» يتخطى حاجز 3 مليارات عملية تحميل، مقابل 5،3 مليار مستخدم هاتف نقال في العالم.
من المؤكد أن الجميع صاروا يعرفون اسم «تيك توك»، حتى اذا لم يستخدموه مطلقا، ربما عن طريق تلفظ طفل بالكلمة أو الإعلانات التلفزيونية طيلة العام الماضي. وحققت الشركة المالكة للتطبيق «بايت دانس» ايرادات بلغت 34 مليار دولار في 2020، ولا تتردد بإنفاقها على امتلاك مستخدمين جدد، ففي بطولة اليورو الأخيرة على سبيل المثال رفع شعار «تيك توك» على كل لوحة اعلانية.
اذا كان ذلك يذكرك بصعود تطبيق آخر قبل أكثر من عشر سنوات فذلك لسبب وجيه، اذ يمتلك «تيك توك» 732 مليون مستخدم نشيط شهريا وبالتالي فهو تطبيق الحاضر والمستقبل، و{فيسبوك» الجديد.
ظهر ظل «فيسبوك» كبيرا على تاريخ الانترنت، بدءا من عملية التسجيل السريعة والمنتشرة بكل مكان، وصولا الى تحفيزنا على تغيير صورة الملف وتبيان موقفنا التلقيحي. ونال مكانة في ميدان التقنية تضمن له توفير الوصول لكل شيء مثل تطبيقات المواعدة والطائرات وخدمات توصيل الطعام.
 
صراع تكنولوجي
أمضى مارك زوكربيرغ السنوات العشر الماضية بمتابعة كل خيار ممكن في محاولة لإبقائنا نستخدم تطبيقاته، اذ اشترى «انستغرام وواتس آب»، وحول ما كان تطبيقا بسيطا الى شيء يحاول خدمة كل المصالح، مثل عرض أريكة قديمة للبيع واستضافة اجتماع عمل وممارسة ألعاب الفيديو، كل ذلك ممكن على الـ«فيسبوك».
لكن زوكربيرغ أدرك صعود منافس له، ويهدد نفوذه. فعندما يقضي المستخدمون وقتا أطول على «تيك توك»، فهم يقضون وقتا أقل على منافسيه مثل «فيسبوك» والتطبيقات التابعة له.
قد يبدو سهلا رفض تطبيق غريب لمشاركة مقاطع الفيديو القصيرة، لكن «تيك توك» يبشر بشكل مستقبل التكنولوجيا. ومثلما صاغ فيسبوك الانترنت وطرق تفاعلنا ومقاربتنا ومواقفنا تجاه البيانات الشخصية طيلة العقدين الماضيين، فال {تيك توك» لديه امكانية فعل الشيء نفسه طيلة السنوات العشرين المقبلة.
بدأ التطبيق بمقاطع فيديو تراوحت مدتها بين 15 ثانية الى دقيقة واحدة، لكنها ازدادت الى ثلاث دقائق حاليا. وكان «تيك توك» حتى شباط الماضي تطبيق هواتف فقط، لكن صار ممكنا مشاهدة المقاطع عبر متصفح الويب، أو حتى على التلفزيون الذكي. وتشمل خدماته البث الحي ويسمح للمستخدم بشراء منتجات بواسطته. لكن الحدث الأكبر هو تغيير بالسياسة لم ينتبه له كثيرون منذ آيار الماضي ويتمثل بإصدار نظام تسجيل جديد، ويسمح لمطوري تطبيقات الطرف الثالث بالسماح لمستخدميهم بالولوج اليها باستخدام حسابهم على الـ{تيك توك».
بتعبير آخر، سيصبح التطبيق منصة لبقية الانترنت ونستطيع الولوج لتطبيقات مثل سبوتيفاي وتيندر وغيرها الكثير من المواقع باستخدام حسابنا على فيسبوك حاليا، و{تيك توك» قريبا. الواقع هو ليس صراعا بين الحرية الغربية والرقابة في الشرق، بل تنافس بمليارات الدولارات على من يكسب سباق مواقع التواصل الاجتماعي.