يوم النار

الصفحة الاخيرة 2021/09/11
...

جواد علي كسار
 
هو عنوان اختاره الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن، لوصف ما جرى لأميركا قبل عشرين عاماً، يوم الثلاثاء 11 أيلول 2001م.
يذكر أنه استيقظ مبكراً، وبدأ على عادته بقراءة الكتاب المقدّس، ومارس رياضة الجري والظلام لا يزال يُخيّم على المكان، حيث كان في فلوريدا، بعد أن استحم وتناول إفطاراً خفيفاً في الفندق الذي نزل فيه، تلقى نحو الساعة الثامنة صباحاً، الموجز الرئاسي اليومي، وهو لقاء يومي يجمع إلى جوار المعلومات الاستخبارية السريّة جداً، تحليلا سياسيا معمّقا للوضع في أميركا والعالم، وقد قدّمه ذلك اليوم مايك مورل، العضو الذكي في وكالة المخابرات المركزية على حدّ تعبير بوش.
في طريقه إلى مدرسة ريما بوكر الابتدائية، ذكر له أحد الموظفين المرافقين من جهاز الرئاسة، أن طائرة تحطمت في مركز التجارة، فتصوّر بوش أنها طائرة مروحية صغيرة في حادث عادي، ثم ما لبثت أن اتصلت به رايس على الهاتف الآمن، وصححت له الصورة عندما ذكرت أن الطائرة التي ضربت البرج تجارية، فظن بوش أن الطيار أخطأ من فرط غفلته أو غبائه!
وهو في المدرسة يتحدث إلى الطلاب من الصف الثاني، أحس بوجود شخص وراءه، انحنى ثم همس في اذن الرئيس: طائرة ثانية ضربت البرج الثاني، كان بوش يدرك وزيارته تُنقل على الهواء مباشرة، أن أيّ رد فعل خاطئ، سيضاعف المشكلة، لذلك واصل اللقاء، وكأن شيئاً لم يحدث.
عندما انتهى كان الإعلاميون قد تجمهروا، بعد أن شاهدوا الضربة المروعة عبر شاشات التلفاز، ومن خلال هواتفهم النقالة، والكلّ ينتظر كيف سيكون أول ردّ فعل للرئيس على الواقعة، لكن قبل أن يتحدث بوش بكلمة، رأى وزير إعلامه آرن فليشر، يحول بينه وبين الصحفيين، وقد رفع لافتة كتب عليها: «لا تقل أيّ شيء الآن!» وقد التزم الرئيس!. لقد قرر العودة إلى واشنطن، لكن الأجهزة الأمنية منعته من ذلك، لأن هناك ثلاث طائرات مخطوفة لا تزال في الجو، فأذعن للمختصين، وطلب أن تتجه الطائرة إلى القاعدة الجوية في لويزيانا، وطلب أن ينفرد بنفسه في المقصورة الرئاسية، وكان مما اكتشفه وهو معلّق بالجو، أن أجهزة الاتصال في الطائرة الرئاسية، عاجزة عن توفير بث تلفازي مستقر للرئيس، كما هي عاجزة عن توفير اتصال آمن بزوجته!. أتمنى للسياسيين والإعلاميين خاصة، أن يعودوا لقراءة المشهد كاملاً في مذكرات بوش؛ السياسيون لكي يأخذوا من الواقعة درساً، والإعلاميون لكي يؤسسوا مواقفهم من خلال المعلومة وليس الشعار!.