الشامية.. مدينة الحقول الخضراء

الصفحة الاخيرة 2021/09/12
...

 الديوانية: عباس رضا الموسوي
كثيرة هي المميزات التي حظيت بها مدينة الشامية او (شوميا)، كما اطلق عليها في الازمنة الغابرة، فهذه البقعة الخضراء النضرة التي نشأت بين الديوانية والنجف الاشرف في العهد العثماني عام 1822 م ما زالت العديد من جوانب الحياة فيها كما هي، وكأنها قابضة بكفيها على اصالتها، حيث العادات والتقاليد والزي العربي والتعاليل في مضايف القصب، وفطرة انسانها وروائح عنبرها الذي عرفت به منذ القدم. 
 
تاريخ قديم 
قبل أن تتأسس في العهد العثماني، كانت الشامية منطقة زراعية تقطنها العشائر ويعتمد سكانها على الاكتفاء الذاتي تقريبا، خصوصا انهم يزرعون ويربون كل ما يحتاجونه من غذاء، مثل الحنطة والشعير والرز واللحوم بانواعها والبيض والحليب ومشتقاته والتمر والخضار وغيرها، يقول الباحث علي كامل: ان «الشامية قبل نشأتها الحديثة كانت تتمتع بالاكتفاء الذاتي، خصوصا ان سكانها اعتادوا على تربية الجاموس والابقار والدواجن، ومهروا بصيد الاسماك وطيور الماء، ولديهم الخبرة بزراعة المحاصيل الزراعية بانواعها». 
 ويضيف: ان «هذه البقعة من الأرض كانت في السابق شبه جزيرة خضراء، بسبب كثرة الاهوار والمسطحات المائية، وسميت بداية الأمر بالحميدية، نسبة الى السلطان العثماني عبد الحميد الاول»،  وذكر أيضا انها في القديم كانت نقطة التقاء القوافل القادمة من الشام. 
 
(شعر وسالفة وفنجان قهوة) 
يقول الشاعر الشعبي محمد الشبلاوي: ان «الشامية مدينة ذات طابع ريفي لم تغيره كثرة التحديات، كاتساع رقعة التمدن، لأن سكانها يريدون أن تبقى الشامية على ماهي عليه من مناخات ريفية»، مشيرا الى أن «لهذه البيئة اثراً في ابنائها الذين ابدعوا في مجال الشعر والفنون، امثال الشاعرين قاسم محمد الياسري ونوماس الغريري والأديب معن غالب سباح وغيرهم من مبدعين، لهم مكانتهم في الساحة الثقافية العراقية». 
وتابع الشبلاوي «بقت الشامية محافظة على اغلب تراثها وعاداتها وتقاليدها، وكأنها لم تتأثر بالتطور التكنولوجي الذي يشهده العالم، اذ ما زالت المضايف تعجّ بالرجال، وتفوح منها روائح القهوة المرة وارتفاع سحب دخان الموقد، وسرد الحكايات والمساجلات الشعرية وغيرها من تفاصيل الحياة الريفية». 
 
 البرحي وعنبر الشامية 
عرفت الشامية منذ القدم بطابعها الزراعي لوفرة المياه وخصوبة الارض وتعلق سكانها بالزراعة التي ما زالت باب رزقهم الاوسع، اذ يقول رئيس الجمعيات الفلاحية في الديوانية محمد كشاش: «تعد الشامية المركز الزراعي لمحافظة الديوانية ومنتوجاتها الزراعية، إذ تصدر الى العديد من المحافظات مثل النجف الاشرف وكربلاء المقدسة، اما عنبر الشامية الذي تبلغ مساحة زراعته 45 الف دونم، فما زال ذا جودة عالية ويحتل مكانة كبيرة في الاسواق المحلية». 
 مشيرا الى تميزها أيضا بمنتوجات زراعية كثيرة، من بينها زراعة النخيل بانواعه النادرة مثل البرحي والتين والعنب والخضراوات الاخرى.
 مضيفا ان «ابرز الأسباب التي جعلت الشامية بهذا القدر الزراعي الكبير تعود لوفرة المياه وخصوبة الارض ورغبة أهلها بالحفاظ على تراث الآباء والأجداد وعشقهم للأرض».