بدور العامري
باتت وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف مسمياتها هي الوسيلة الإعلامية الأكثر انتشاراً بين الناس، لما تمتاز به من سهولة تبادل المعلومات ونقل الاحداث التي تحصل في أي مكان وبأسرع وقت، الامر الذي شجع المرشحين للانتخابات النيابية المقبلة على استثمار هذه الميزات في التثقيف لبرامجهم السياسية وحملاتهم الانتخابية والتواصل مع الجماهير في أي وقت، ومن جانب آخر وجد فيها الناخب منبراً حراً للمطالبة بحقوقه العامة ومتطلباته التي يرغب بتوفيرها عن طريق من يمثله في مؤسسات الدولة.
الاكاديمي في الجامعة المستنصرية غزوان جبار تحدث لـ «الصباح» عن أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة باعتبارها المتنفس الوحيد للافراد من مختلف الاعمار والمستويات الثقافية، فمن الطبيعي أن يجد فيها المرشحون للانتخابات وسيلة فعالة للوصول الى الناخب بأقل جهد وتكلفة باعتبارها (دعاية مجانية) تتناسب مع ظروف المرحلة الحالية خاصة بعد إجراءات التقييد للتجمعات الجماهيرية، نتيجة للإجراءات الوقائية التي تفرضها الدولة والمؤسسات الصحية على وجه الخصوص بعد تفشي وباء كورونا، وأصبحت هذه المنصات مؤسسات وصفحات اعلامية افتراضية، واكد الاكاديمي غزوان جبار انه يراهن على وعي المواطن العراقي بالرغم من كل المعاناة التي تعرض لها خلال الفترات السابقة من نقص الخدمات الأساسية في جميع القطاعات الصحية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية، فالفرد العراقي مازال يميز بين ما هو حقيقي ومزيف وبالتالي هو ليس بحاجة الى الوعود والبرامج الخيالية التي يقدمها بعض المرشحين بعيداً عن الواقع الملموس والمنطق.
منصة الناخب
بينما تعتقد الناشطة في مجال حقوق الانسان قمر العسكري ان وسائل التواصل الاجتماعي قبيل انتخابات أعضاء مجلس النواب العراقي للعام 2021، أصبحت المنصة الأولى للمواطن، اذ يستطيع من خلالها إيصال صوته ومطالبه وطموحاته اذ تقول «بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هي الفضاء الواسع والمتوفر للمواطنين، خاصة من الطبقات الفقيرة والمتضررة.
اذ يقوم الافراد بطرح مطالبهم في مجال توفير الخدمات باعتبارها حقوقا طبيعية للمواطنين مثل توفير السكن اللائق وتوفير فرص العمل للشباب العاطلين، إضافة الى توفير الخدمات الصحية والتعليمية بمستوى يليق بالمواطن العراقي، فضلا عن الخدمات الأساسية الأخرى المتمثلة بالبنى التحتية من كهرباء وطرق معبدة ومراعاة الفئات الفقيرة والمهمشة في المجتمع مثل الارامل والايتام
والمعاقين».
سلاح ذو حدين
اما الباحثة والمختصة في الشأن السياسي غفران كريم فتقول «اخذت وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دوراً كبيراً في توجيه الرأي العام في العالم بصورة عامة والعراق بصورة خاصة من حيث التأثير على الجماهير بصورة مباشرة وغير مباشرة من خلال القدرة على خلق الازمات التي تغذي فكرة معينة بصورة ممنهجة ومنظمة، الامر الذي يضفي عليها صفة (سلاح ذو حدين).
اما أن تستثمر في اصلاح المجتمع وقضاياه الجوهرية او يتم تسخيرها من قبل ضعاف النفوس في الترويج لاهدافهم الخاصة والضيقة، بعيدا عن تطلعات وهموم الافراد الأساسية، وبالتالي سلب الممارسة الديمقراطية من محتواها الحقيقي في احداث التغيرات نحو النهوض والتنمية، وهي الآلية ذاتها المتبعة قبيل فترة
الانتخابات».
التسقيط والتشويه
لا تذهب الباحثة غفران كريم بعيدا عن موضوع توجيه الرأي العام بالتنبيه على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بكل صنوفها من (فيسبوك، انستغرام وتويتر وغيرها) لقضايا التسقيط بالخصوم ونشر الأكاذيب والشائعات المفبركة عنهم، وبالتالي خسارتهم لاعداد كبيرة من القاعدة الجماهيرية التي تناصرهم في الفترة السابقة، وتضيف الباحثة السياسية قائلة «من خلال متابعتي للمشهد السياسي العراقي وجدت بعض الجهات المنتفعة التي تجند مواقع وصفحات الكترونية تروج لمقاطعة الانتخابات بعد شن حملات تشويه للعملية الانتخابية المرتقبة واتهامها بالفساد وعدم الحيادية.
وكذلك عدم التواني عن بث مشاعر الإحباط واليأس في نفوس المواطنين في أن هذه الانتخابات لن تغير شيئا من الواقع وليست لها جدوى في تقديم ما يصبو اليه الفرد العراقي، مستفيدين من تجذير بعض المصطلحات مثل (التزوير، بقاء نفس الوجوه، شراء الذمم) وغيرها من المصطلحات
البائسة.
وعي المواطن
السيدة الهام عبد الصاحب (45 عاماً) موظفة وام لأربعة اطفال تشاطر الناشطة قمر العسكري بالرأي مع تفاؤلها بزيادة الوعي لدى المواطن وادراكه للاساليب الراقية في إيصال صوته للمسؤول او المرشح في حال فوزه بالانتخابات بعيدا عن السب والقذف والتشهير، اذ تقول «من خلال متابعتي لعدد من وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المنشورات لمست وجود مطالبات واعية عن طريق قصة معينة او مشهد تمثيلي يحتوي على الكوميديا الهادفة او رسوم كاريكاتير وغيرها، وكل هذه الأساليب تعكس زيادة الوعي لدى المستخدم ومساهمته في إشاعة ثقافة المطالبة بالحقوق بصورة صحيحة وقانونية، بعيدا عن أساليب الشتم والسب ونشر الفضائح وشخصنة الأمور».
نقد بناء
وتتابع السيدة الهام حديثها مستشهدة بأحد المنشورات على موقع الفيسبوك فتقول «على سبيل المثال قرأت قبل أيام منشورا لاحدى السيدات كتبت فيه «هل تعرفون لماذا اصبح أطفالنا اكثر شقاوة وازعاجا؟ الجواب بسبب السياسيين!»، لتبدأ بعدها بتفسير السبب وجذوره، وهو اهمال المسؤولين في الفترات السابقة لموضوع انشاء متنزهات صغيرة داخل الاحياء السكنية وتجهيزها بالالعاب المناسبة لهذه الاعمار كي يلعبوا ويمرحوا ويفرغوا طاقاتهم الكبيرة بالاساليب المحببة مثل الجري والرياضة، ثم يرجعوا الى بيوتهم اكثر هدوءا واسترخاء، وبالتالي لا يعاني الاهل من حركتهم وازعاجهم المفرط كما هو حالهم الان».