لميعة كانت الأولى.. فمن يكون الثاني؟

الصفحة الاخيرة 2021/09/15
...

زيد الحلّي
 
فوجئ الوسط الثقافي، قبل نحو عقد من الزمن، حين اعلنت
الشاعرة لميعة عباس عمارة، بأن الشعر خاصمها، وانها لم تعد تقوى على مغازلة الالهام الشعري، وهي الشاعرة التي عندما اقرأ لها، فانني اجد في شعرها موسيقى البحتري، وتصوير ابن الرومي وصوفية المعري، وروحية نزار قباني، وشفافية حميد سعيد وعمق حسب الشيخ جعفر وشجن مظفر 
النواب.
 لقد حمل هذا الاعلان في وقته ولا يزال، جرأة لم نعتدها في محيط الشعر العربي المعاصر، فبعض الشاعرات والشعراء، يرون في انفسهم ينبوعا لا ينضب طالما هم على قيد الحياة!. 
وقد كتبتُ مادة ثقافية ونشرت في عدة مواقع ادبية، في أعقاب ذلك الاعلان، تساءلت فيها : هل خمد بركان الشعر عند لميعة عباس عمارة بلمح البصر؟ وهل حقاً ضاق الشعر بلميعة، وضاقت لميعة بالشعر لتعلن قرارها في التقاعد، وهي في قمة وهجها الشعري وحضورها البهي في خارطة الشعر العراقي 
والعالمي. 
في ظني ان القرار الحكيم لعمارة، جاء بعد أن أحست الشاعرة المثقلة بتاريخ ثري في الذاكرة الشعرية، بأن طير الشعر غادر أعشاشه، ولا تريد أن تنظم صورا شعرية تعتقد أنها لا تضيف الى اسمها 
شيئاً..
لقد اكدت مبدعتنا التي ودعناها، يوم الجمعة 18 حزيران 2021، عن عمر ناهز 92 عاما، ان نظم الشعر هو فعل المبدعين، ومسؤولية كبيرة لا يقدر على حملها من اتعبته سني 
الحياة..
ان لميعة عباس عمارة، بمجدها الشعري والمعرفي، هي الشخصية الاولى في الاعتراف الذاتي بأن الشعر طلقها بالثلاثة، فمن سيكون الثاني بمستوى هذه الجرأة في الاعتراف بأن وعاءه الشعري، نضب وعليه الانسحاب من الساحة الشعرية ممهوراً بماء الوجه، بدل أن يتلقى سهام النقد المميتة، فعند ذاك يخسر ماضيه، وعطاءه يوم كان مشبوب الذاكرة، نشيطاً في محيط الشعر.. مَنْ؟.