الصباح: نافع الناجي
يعد قطاع التصنيع أحد القطاعات الداعمة للناتج المحلي لأي بلد، ومصدراً مهماً للإيرادات المالية التي تسهم بإنعاش الموازنة وتوفير السيولة لتنفيذ الخطط التنموية، وفي إقليم كردستان تنامى الطلب لتسجيل وترخيص المصانع مابين عامي 2008 - 2014 بشكل كبير، لكن هذه الحركة الفاعلة في تشييد المصانع سرعان ما هبطت وضعفت، حتى تعرضت الكثير منها الى التوقف او أغلقت أبوابها وسرحت عمالها لأسباب شتى. حسب آخر إحصائية لوزارة الصناعة والتجارة في إقليم كردستان، أن عدد المعامل والمصانع المسجلة لديها بلغ 5280 معملا منها 3500 معمل ومصنع في الخدمة حالياً بأحجام وتصنيفات مختلفة.
وتشير تلك الإحصاءات الى ان نحو 90 % من تلك المعامل ذات أحجام صغيرة ومتوسطة، تخصص بعضها في تصنيع المواد المنزلية والانشائية ومواد التنظيف والتعقيم والمستلزمات الطبية، وأن 7 % منها فقط، هي معامل كبيرة تعمل في مجالات النفط والصناعات الإنشائية كالطابوق والاسمنت والحديد والصلب.
المواد الغذائيَّة
وأوضح المستشار الاقدم في وزارة الصناعة والتجارة في الاقليم فتحي محمد علي، أن {لدينا طلبات عديدة لإنشاء معامل جديدة متعلقة بتعليب وتصنيع المواد الغذائية والخدمات الطبية}، مضيفاً {وصلنا تقريبا الى نتائج مرضية واقتربنا من تحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض المواد، فضلاً عن أننا حققنا الاكتفاء بالفعل في مجالات المواد الإنشائية كإنتاج الاسمنت وحديد التسليح}.
وتبلغ القدرة الإنتاجية لهذه المعامل التي تتوزع بين جميع محافظات الاقليم - اذا ما تم تشغيلها بالكامل من دون تعطيل- فإنها تسد 70 % من حاجات سكان الإقليم وسائر المحافظات العراقية، وفقاً لتوقعات المديرية العامة للتنمية الصناعية في وزارة الصناعة والتجارة للأقليم، كما ان لدى الوزارة وهيئة الاستثمار خططا لبناء 11 منطقة صناعية موزعة بين عموم المحافظات والمناطق
الكردية.
غياب التشريعات
وبالرغم من ذلك، فلا توجد تشريعات في الإقليم تلزم الحكومة بدعم المعامل المسجلة لدى دوائرها المتخصصة، كالاعفاءات الضريبية وتخفيض أجور الخدمات العامة أو إيجاد سوق للمنتج المحلي خارج البلاد، والى ذلك يشير {هيرش خوشناو} رئيس اتحاد رجال الأعمال في أقليم كردستان، بأن كل بلد فيه قانونين لا غنى عنهما، وهما حماية المنتج وحماية المستهلك. مشيراً الى {وجود مسودات قوانين تجري مناقشتها منذ أكثر من عشر سنوات من دون الوصول الى تبني تشريع لقوانين بهذا
الصدد}.
أما {عارف حيدو} مدير عام الضمان الاجتماعي في الإقليم، فيقول: {ليس من صلاحياتنا إجبار وزارة الصناعة أو هيئة الاستثمار بتقديم دعم للمشروعات الصناعية أو غيرها من الأنشطة الاقتصادية}. واستدرك بالقول، ان {الوزارة في توجيهاتها تقف دائماً مع ضرورة إنعاش وتفعيل القطاع الخاص}، حسب وصفه.
تراجع اقتصادي
وفي ظل تراجع الوضع الاقتصادي في العراق بصورة عامة وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، اضطر عدد لايستهان به من تلك المصانع الى إغلاق أبوابه أو تسريح عماله، لأسباب مختلفة بعضها تتعلق بالحكومة وأخرى بإدارات تلك المعامل.
وتشير الإحصاءات الى ان 40 % من مصانع المواد الإنشائية في الإقليم أما أغلقت أو تحولت الى مستودعات ومخازن للبضائع أو غيّرت نشاطها الى مهن مختلفة.
يقول {عبد العزيز ميرزا} صاحب احد مصانع الإصباغ في جمجمال في السليمانية، انه اضطر لغلق مصنعه وتسريح عماله بسبب سوء الأحوال الاقتصادية وعدم وجود دعم حقيقي للقطاع الخاص، فضلا عن الإغراق ودخول منتجات رديئة غير خاضعة للرقابة والفحص والسيطرة النوعية.
ويضيف انه فوجئ بعد اطلاعه على احد مناقصات {تنادر} المؤسسات الحكومية بشرط يلزم المقاولين ان يتم استخدام الأصباغ (المستوردة) في الانشاءات، مما يعني عدم التفات محافظة السليمانية الى عشرات المصانع المحلية التي تنتج الأصباغ او المواد الإنشائية الأخرى.
وحتى وقت قريب كان ميرزا ينتج (150) طناً شهريا من الأصباغ عالية الجودة، كما ان لديه المقدرة لتجهيز نسبة عالية من احتياجات السوق في الإقليم من الأصباغ ونحو 10 بالمئة من حاجة باقي المحافظات العراقية، وكان يفكر بتوسعة مصنعه وإضافة قاعات أخرى وتوريد خطوط إنتاج جديدة.