ثامر الهيمص
عادة ما يتقاطع الاقتصاد الريعي/ النفطي مع المأسسة من حيث المبدأ، نظرا لخضوع الاول لعوامل واعتبارات السياسة الدولية، فهو لا يخضع للعرض والطلب في تحديد أسعاره، لذلك تصبح عملية مأسسة مردوداته هي نقله نوعية على مختلف الصعد، وان ربط عوائد الضرائب بالتمويل الزراعي والصناعي، هي حجر الاساس لمأسسة الريع النفطي وترويضه تدريجيا للانتقال الى التنمية المستدامة.
ولغرض انعاش الصناعة واقامة الشراكات، هناك تساؤلات: هل تمت معالجة عودة القطاع المختلط بوصفه نموذجا للشراكات؟
وهل تم اعتماد خطة مالية كما اشار المستشار المالي لرئيس الوزراء، الى جعل الضرائب مصدرا محددا لاقراض المشاريع الصناعية /او الزراعية وتحديد أوعيتها الضريبية، كالضرائب المفروضة على المستورد الصناعي، وهل تذهب للمشاريع الصناعية من خلال المصرف الصناعي؟
كما لا يفوتنا القطاع الثالث وهو قطاع الخدمات بسياحته والنقل العام والخاص والكهرباء.. فهل أخذت وزارتا الصناعة والزراعة بالحسبان عوامل الجدوى الاقتصادية واثرها في التكاليف النسبية، التي تمثل المحور للتنافس التجاري مع المصدرين؟
وهل إن النظام المصرفي العام والخاص جاهز لاقراض المشاريع المجازة و/ او التي في قائمة الانتظار؟.
كما ان تصدير المنتج العراقي يبقى هدفا ستراتيجيا يعمل على اقامة الشراكات، تماشيا مع قاعدة مميزات الانتاج الكبير الذي يغطي الحاجة المحلية ليفتش بعدها عن اسواق خارجية.
اذن لا بد من الأخذ بنظر الاعتبار المناطق التقليدية للصناعة، فالمعروف ان بغداد تسيطر، حتى سبعينيات القرن الماضي، على 55 % من النشاط الصناعي، انها رقم صعب ديموغرافيا وبيئيا، فالقطاع المختلط محصور في بغداد وهو المؤمل ان يكون عراب الشراكات الصناعية، اذ من دونه يصعب تصور قيام شراكات.
إن المسح الميداني لاقامة المدن الصناعية ينبغي اخذه لمناطق الصناعة التقليدية ليعيد ترتيبها بما ينسجم مع الاعتبارات الديموغرافية للحد من التركز الشديد او القرب الشديد في المدن، وكلما كانت مشتركة مناطقيا كلما كانت افضل.
هذه الانتقالة من الاقتصاد الريعي لاقتصاد التنمية تكاد تكون الفرصة التاريخية الاخيرة لهذا الجيل والاجيال المقبلة، كون النفط في تراجع لعقد او عقدين من الزمن، كما ان الليبرالية الاقتصادية وصلت لطريق الانفتاحية الاقتصادية .
هذا التحول المنشود نحو الشراكات لا تنجزه وزارة منفردة، لانه مشروع الجميع من وزارة الخارجية الى الثقافة، مرورا بكل الوزارات والهيئات والدواوين.
نامل أن نسمع صوت اتحاد الصناعات والاتحاد العام للجمعيات الفلاحية ومنتسبيهم مدويا في البرلمان المقبل، لنضع حدا لسياسات التجربة والخطأ، بارادة اقتصادية تقدم جميع الاعتبارات .