قد تختلف القراءة من شخص الى آخر حسب الاهتمامات والعمر والجنس ومستوى التعليم واختصاصه بل وحتى البيئة والمستوى الاجتماعي، لكنها تبقى فعلا جامعا مهما كان شكل ونوع الكتاب المقروء للتعليم او التسلية او المتعة او التثقف وزيادة المعرفة والاطلاع والدراسة والبحث.
يذهب البعض الى وضع اكثر من توصيف للقارئ كما الحال مع المثقف، فيقولون قارئا مثقفا، وقارئا نهما، وقارئا عاديا، وهكذا بقية التوصيفات الاخرى التي يستند بعضها الى وجهة نظر شخصية قد لاتكترث بالتطورات والمتغيرات التي حصلت في شتى مفاصل الحياة بعد الثورة التقنية والتكنولوجية.
فلو سلمنا الامر الى وجود قارئ عادي واخر مثقف ما يعني انه يحمل صفة المثقف وهذا المصطلح بحد ذاته مازال اشكاليا بين عدة اراء وافكار، ويعني ايضا ان هناك قارئاغير مثقف بالتالي ثمة تساؤل ما فائدة القراءة ان لم تترك اثرا على الشخص سلوكيا او فكريا، بالتالي لافائدة من هكذا قراءة او اقتناء للكتب ان لم تكن مؤثرة في الشخص ومنظمة لسلوكه الاجتماعي ومنيرة لفكره ومزيدة لوعيه وهنا الامر حتما خاضع لنوع الكتب وشكل القراءة، ربما يكون هناك قارئ هاوٍيجد بالقراءة وسيلة تسلية وقضاء وقت من دون الاهتمام بتفاصيل ومواقف الكاتب والكتاب يقرأ ما يتلاءم وذائقتها. ونادرا ما يقحمون انفسهم بقراءة الكتب الفلسفية او العلمية بل حتى بعض الروايات التي تحمل ابعادا اخرى غير السرد والحدث وقارئ محترف بالعكس من كل ذلك.
اعتقد ان التوصيف الادق هو القارئ الواعي، القارئ المحاور والباحث عن اجوبة فيما يقرأ، القارئ الذي لايترك فرصة الا واستفسر فيها عما طالعه في كتاب معين ان كان عبر الاتصال بالكاتب بما يتوفر الان من وسائل الاتصال وتواصل او عبر الاخرين ممن يهتمون بما قرأه اي النقاد والمتابعين من اولي الاختصاص. مثل هكذا نوع من القراء ورغم محدوديتهم لكنهم اخذوا يحركون الساكن بالعلاقة بين الكاتب والقراء فضلا عن مناقشاتهم الخاصة فيما بينهم حول فكرة كتاب معين تبادلوا قراءته والاراء التي تطرح من قبلهم وهم يحاولون فك تشابك مجموعة افكار وردت بالكتاب او مناقشة فكرة الكتاب الخ .
هولاء القراء يعول عليهم ايضا في ندوات معارض الكتاب والحوارات المفتوحة مع الكتاب اذ يثيرون جملة اسئلة ربما لم يكن بعضها يرد بخلد الكاتب الذي حتما يكون له شأن بمجال كتابته او اختصاصه الابداعي الذي بموجبه نظمت له الندوة. وفي معرض بغداد بدورته الاخيرة برزت مثل هكذا ظاهرة في الندوات والنقاشات التي جرت ضمن برنامج المعرض الثقافي، اذ كانت للجمهور الحاضر مداخلات تستحق الوقوف والاشادة عكس أولي الشأن من أدباء ومثقفين أغلبهم ظل يتجول في اروقة المعرض دون حضور اي فعالية، وليس هذا فحسب بل حتى نسبة المشتريات والاقبال على الكتب لم تكن بالمستوى المطلوب عند الادباء والمثقفين بالعكس من بقية زوار المعرض واقصد هنا الجمهور العام من زوار المعرض.
تبقى القراءة اشبه بتناول جرعة من الفيتامينات المغذية، وبدون القراءة قدتكون الأشياء خاملة ساكنة والحياة رغم ضجيجها ومتاعبها مملة لذا تتحول القراءة الى محفز للبقاء والبحث عما يتبقى من سكون حياتي حولنا.