الموسيقى التصويرية للأفلام الدينيَّة .. تعميق للبعد الروحي وإضافة جماليَّة لبنية الحدث

الصفحة الاخيرة 2021/09/21
...

 بغداد: نورا خالد 
 تسهم الموسيقى التصويرية للافلام السينمائية بصورة عامة والدينية على نحو خاص بشكل كبير في نجاح الفيلم، بل تترك أثرا إيجابيا في نفوس وذاكرة المتلقي وأهميتها لا تختلف كثيراً عن أهمية السيناريو أو الإخراج.
الناقد السينمائي علي حمود الحسن اشار في حديثه لـ «الصباح» الى انه «لا يوجد مؤلف موسيقي للافلام الدينية العربية او العالمية، انما هنالك افلام تعرض على الموسيقيين المختصين ليؤلفوا لها موسيقى تصويرية.
اذ يضع الموسيقي موسيقاه وفق رؤية المخرج وتتابع الاحداث، وهذا يعني أن المؤلف يتفاعل مع موضوعة الفيلم سواء كانت دينية او افلاما تاريخية او رومانسية او حربية، فمثلا الموسيقار الفرنسي الكبير موريس جار الذي ابهر العالم بموسيقى فيلم «الرسالة»  لمصطفى العقاد، التي ما زالت تسمع الى يومنا هذا، هو ذاته الذي الف موسيقى فيلم «لورنس العرب»، و»ممر الى الهند»، وهذه افلام مختلفة بمواضيعها، لكنه كيفها بعبقريته  كلا حسب خصوصيته، والامر ايضا ينطبق على الموسيقار الهندي اي. ار. رحمن الذي وضع موسيقى مفعمة بالابعاد الروحية للفيلم الايراني «محمد رسول الله» من اخراج مجيد مجيدي، بدءا من مشهد الابابيل وانتهاءً بالتلبية، وهو ذاته الذي وضع الموسيقى المرحة والضاجة بالتحولات اللحنية في فيلم «من سيربح المليون» والتي فاز عنها بالاوسكار».
واضاف الحسن «هذا الامر ينطبق على الافلام العربية الاثنتي عشرة، فمثلا  فيلم «الشيماء اخت الرسول « وضع الموسيقى التصويرية له فؤاد الظاهري ولحن الاغاني بليغ حمدي ومحمد الموجي وعبد العظيم محمد، وهؤلاء  جميعا وضعوا مئات الافلام  ذات المواضيع
 الخفيفة».
اما الموسيقي سامي نسيم فبين أن «الموسيقى التصويرية في الأفلام تشكل عموماً دورا رئيسا في صناعة الأفلام الاحترافية، وهو تخصص موسيقي دقيق له مجاله الدراسي ومناهجه التعليمية».
وتابع نسيم «بالنسبة للأفلام ذات الطابع الديني تلعب الموسيقى دوراً مهما في بنائها، لكونها تعمق البعد الروحي وتضيف قيمة دالة على الفعل الدرامي وجوانبه الايحائية المحيطة بقصته وتوصيلها للمشاهد بصورة ناضجة، ومن الأمثلة الواضحة في السينما العربية الأبرز فيلم «الرسالة» ومؤلف موسيقاه التصويرية موريس جار الذي أدهش المستمع العربي وغيره بمحتواها الروحي، وحظيت باهتمام بالغ يكاد يكون بمستوى أعلى من الصورة السينمائية، لذا فإن الموسيقى التصويرية لها الأثر البالغ بإضافة قيمة فنية عالية للأفلام، حتى وصل الأمر أن موسيقى هذه الأفلام قدمتها فرق كبيرة سيمفونية في حفلاتها للجمهور الراغب بسماعها مرات عديدة، فقدمت حفلات موسمية لموسيقى الأفلام ونجحت بذلك».
توصل الموسيقى التصويرية للافلام الدينية والتاريخية المشاعر الروحية والأفكار الايجابية التي لا يستطيع المخرج ايصالها الى المتلقي عن طريق الكلمات، لذلك غالبا ما تترك تلك الموسيقى الاثر الكبير في نفوس المشاهدين وتبقى عالقة في اذهانهم.
مديرة المركز الدولي لدراسات الموسيقى اسراء المرسومي اوضحت انه «غالبا ما تضيف الموسيقى التصويرية للافلام الدينية البعد الملحمي لتلك الاعمال، اذ توثق لاحاسيس مرتبطة بالمشاعر الدينية
 للمتلقي».
مبينة أن «وعي الملحن ومعرفته بأهمية الحدث التاريخي والديني هما الاكثر تأثيرا بأن يجعلا الفيلم يعيش في
 الاذهان» .
ويعد الدكتور علي مشاري «الموسيقى هي المحرك والحافز الاساس في اي عمل درامي، سواء كان دينيا او عملا يمثل حالة وجدانية او تعبيرية، فالموسيقى التصويرية لها ابعاد نفسية ايجابية وتأثير كبير على واقع الحدث لذلك يهتم منتجو الافلام باختيار الاسماء الكبيرة من المؤلفين الموسيقيين لاختيار موسيقاهم بشكل دقيق للاعمال الفنية سواء كانت سينمائية او
 تلفزيونية».
 وبين مشاري أن «الموسيقى لها وقعها وتأثيرها في العمل الدرامي وخصوصا في الاعمال الدينية وهذا ما شاهدناه جليا في كبريات الاعمال الدينية، فهناك ترابط وثيق بين التمثيل والموسيقى التصويرية، لذلك تكون الموسيقى التصويرية مكملة للعمل ولها ابعادها لدى المتلقي، فعندما تسمع بعد سنين اي موسيقى ما لعمل نجد هناك نقلة لذلك الزمن او المكان وهذا ما يطلق عليه «الزمكانية».
وختم المخرج عزام صالح بالقول «بما ان الموسيقى لغة عالمية فهي تستطيع التأثير في اي انسان وما الافلام الدينية الا صورة للتأثير الواضح والوافي في عمق التأثير الموسيقى والمأخوذ من البيئة التاريخية والاجتماعية للعصور التي تتناولها الافلام»، مؤكدا انه «ليس شرطا أن يكون مؤلف الموسيقى التصويرية من البيئة نفسها، الا ان دراسة البيئة من قبل الموسيقار مهمة جدا وهذا ما فعله موريس جار في فيلم
«الرسالة».