القصر الأبيض العراقي والأميركي

الصفحة الاخيرة 2021/09/21
...

زيد الحلي
في مساء يوم ماطر، من سنة 1933، طلب الملك غازي من (امين العاصمة) الحضور الى قصر الزهور لأمر مهم، وفعلا حضر الامين واثناء جلوسه تحت القبة الدائرية في القصر الملكي، اظهر الملك الشاب الذي لم يمض على اعتلائه عرش العراق سوى بضعة ايام، صورة للقصر الابيض في واشنطن، قائلا : اريد قصرا مقارباً له في 
بغداد. 
خرج امين العاصمة ارشد العمري وبيده الصورة الفوتوغرافية، وفي اليوم التالي تدارس مع طاقمه الهندسي قرار الملك ثم توالت الاجتماعات واستقر الرأي على مشاركة مهندس اجنبي في التنفيذ، بعد أن تم اختيار منطقة {بارك السعدون} لبنائه وسط بغداد، وكانت من اجمل المناطق، وبعد نحو عام اكتمل البناء، وافتتحه الملك بحضور رسمي وشعبي كبير، هذه هي حكاية (القصر الابيض) الذي يقبع حاليا، مكسور الجناح في مكانه الاصلي بشارع النضال وقد تشققت واجهاته، وتغير لونه بفعل غدر الزمن، وانتشار الورش والمعامل الاهلية في محيطه، وتحولت حدائقه الغناء الى اشجار ميتة، وسط ارض 
سبخة.
مبنى {القصر الابيض} العراقي عمره حاليا 87 عاما، و{القصر الابيض}الاميركي يزيد على 226 عاما، لكن الفارق بين القصرين يحتاج الى مجلد من الكتابة.. انا لا اطالب بمساواة قصرنا الابيض بالقصر الاميركي، لكن اطالب بالحد الاقل من الادنى بالحفاظ عليه من التآكل ومن آفات ما يسمى بالاستثمار، فارضه ثمينة ومكانه اثمن، واخشى أن تمتد يد لا تعي اهميته، فتقوم بالتوقيع على ازالته بحجج 
واهية، ونخسر بذلك معلما وتاريخا مهما في 
حياتنا. 
ان القصر الابيض امانة كبرى، فلنحافظ عليه من سراق الغفلة، ونعيد اليه ماضيه الجميل، يوم كان الباص الاحمر ذو الطبقتين يسير بمحاذاته، ونسعد بمشاهدته، ونحن على مقاعد الطبقة العليا من الباص الآسر.. آخ 
يا بغداد!.