حسب الله يحيى
وانا اتصفح الفيسبوك توقفت عند لوحة كتبت على بوابة احدى جامعات افريقيا الجنوبية جاء فيها: «ان تدمير بلد لا يتطلب استعمال القنابل او الصواريخ بعيدة المدى؛ يكفي تخفيض نوعية التربية والتعليم والسماح بالغش بالامتحانات، حينئذ سيموت المريض على يد الاطباء، وستنهار المباني على يد المهندسين وسيهدر المال العام على يد الاقتصاديين، وستضيع العدالة على يد
القضاة».
وعندما كنت اتوجه الى عملي، حدثني سائق الحافلة التي كنت فيها جالسا الى جانبه، قائلا: «لي اصدقاء عادوا من المانيا، بعد أن طردتهم صاحبة المنزل لانهم استاؤوا من اجور الكهرباء العالية واقترح عليها احد هؤلاء الاصدقاء وهو مهندس كهربائي ان له خبرة في التعامل مع العداد الكهربائي بحيث يمكن أن يجعله يسجل اجورا قليلة، تأملت المرأة اصدقائي وطردتهم من منزلها قائلة : لا اريد أن اؤجر منزلي لمن لا يحترم القانون والدولة، انا احب القانون واحب بلدي ولن اتعامل معهما بطريقتكم ..».
هذان المشهدان اثارا انتباهي الى مسألة تتعلق بالتربية اولا ومن ثم التعليم ثانيا، ذلك انني كما قلت من قبل ان التربية وبناء الانسان منذ الطفولة هما الاساس في تعزيز مستقبل المجتمع نحو الافضل والاكثر كمالا ومصداقية، ليأتي التعليم بعدئذ ويعمل على اكمال التربية بالمعرفة، فما قيمة أن تعرف وانت بلا قيم ولا سلوك حسن؟.
لذلك يحسن بالمؤسسات التربوية والتعليمية أن تعتمد على كل ما هو نظيف خلقا واخلاقا لدى الشبيبة الغضة وهي تنشد العلم والمعرفة وتكتسب الخبرات العملية والحياتية معا، وهو الامر الذي من شأنه أن يجعل الحياة جديرة بالعيش في ظل اناس يعرفون حقوقهم وحقوق سواهم، وأن يعيشوا عيشا صادقا وسليما وآمناً،
ذلك ان غياب التربية واهمال السلوك الانساني من شأنهما أن يقودا العلم الى هاوية الفساد ومن ثم تخريب البلاد والعباد معا، فالطبيب والمهندس والاقتصادي وحتى السياسي الذين لم يحصلوا على شهادة
حقيقية سوف يلحقون بالمجتمع افدح الاضرار، وهو ما يجعل الامة بمجملها تنهار كليا نتيجة لانهيار التربية والتعليم.