هل نفتقر الى الخبرة في تذوق الفن؟

منصة 2021/09/30
...

  خضير الزيدي
لماذا نشعر بأن الفن بعيد عنا في هذه المرحلة، مع أن رسالته جمالية ومثيرة في النفس، هل يتوجب ان يفعل ما تعجز عنه اساطيرنا اليومية، فكرة المبالغة التي يقدمها الفن سريعة الوقع في النفس الانسانية، ولكنها عاجزة اليوم أن تقدم حلولا. الصورة التي نمت وترعرعت معنا حيال الفنون الانسانية، وما ينجزه الفنانون من براعة تصوير وتقديم افكار جمالية أراها عاجزة ومشلولة في هذه المرحلة
 
 قد تكون ساحة العلوم أوسع انتشارا منها ربما هذا سبب، وقد تبدو حياة المرء منا أكثر تعقيدا ورتابة في العيش، فما الذي سيوفره الفن لأناس عاجزين عن توفير فرصة عمل لهم او الترفيه عن حياتهم، الفن نتاج مخيلة تصنع الجمال والنفوس غير المستقرة، لن تتذوق تلك الجمالية ثمة تشويش متعمد يعيشه الانسان، واحدة من معطيات العلم الحديث مثل (مواقع التواصل الاجتماعي)، خلقت هكذا فجوة لكسر جمالية الفن فابتعد الانسان عن مشاهدة أي رسوم قائمة امامه، ما عادت الصورة التي يتعب عليها الفنان تثيرنا، اذ بالإمكان رؤية أعمالٍ أجمل منها توفرها منظومة الانترنيت، لنتفق بأن تذوق الفن يحتاج لخبرة وفهم من نوع خاص، فكيف بنا ونحن لم نعش شغفا برؤية مسرح جاد يقدم افكارا مهمة تعطلت المسارح لدينا بل، ماتت انمحت فكرة جماليات العرض المسرحي، بدأ الخطر يدب إلينا، الامر ينطبق على عالم السينما لم يتساءل أي مسؤول ووزير، لماذا لا توجد دور عرض سينمائية مع أن الغالب من القائمين على لجان الثقافة او الوزارة يحسبون مثقفين وتنويريين. السبب الواضح انهم نتاج مرحلة سياسية لا تعير للفنون الانسانية أية أهمية عدم المسؤولية هذه بالإمكان مردها، الى عدم وجود ثقافة حقيقية عندهم  وفهم لأهمية المسرح والرسم والسينما، لن نجد في عقولهم وقلوبهم عاطفة او تصورا باتجاه بث الجمال الانساني. أشعر اننا ظلمنا انفسنا ونحن نكتب في الفن، لأننا شوهنا على الآخر الاهتمام بفن لم نجده امامنا، كأننا نحلم في ارض كلها مقابر. 
وصل بنا الامر الى كسر المبادئ وتسمية الاشياء بغير مسمياتها. الصورة التي نحلم بها لم نتلمسها خرجت لسوء الحظ خارج الحدود، فبقينا منشدين لعودتها من يراقب العالم يجد الجمال قابعا في كل بقعة، حيث التصاميم الجميلة للبنايات ولأغلفة الكتب والمجلات، هذا جزء عائد لفهم الفن وتذوقه، يجد الغرب رغم رعب الجائحة يفرض نوعا من رياض الاطفال والسماح لدخولهم لمسارح ودور سينما، يتبنى العالم الموسيقى والاهتمام بها، وجعلها علاجا نفسيا في الجهة الاخرى، لا غرابة ان تجد مراهقا يدعي الثقافة مستشارا لجانب من معطيات حقل الثقافة وقريبا من القائمين عليها، للأسف تحسبه على الثقافة، بينما يتعلم في بيت أبيه إذكاء النزعة الطائفية ويتدرب على السلاح. الا يرانا الاخر بأننا ساحة تناقضات من نوع مخيف، لم نتعلم من الفن حتى وان امتلأت بيوتنا من لوحات الرسم، لأن أولى مهامه ان يضعنا عند مراجعة الذات وتعلم الصدق وعدم المجاملة، الفن مهنة شاقة.  
أكتب هنا وأنا أتذكر مقولة لإرنست ليفي والتي يشير فيها إلى أن الإنسانية ستبدأ بالتحسن، عندما تأخذ الفن على محمل الجد، كما الفيزياء والكيمياء والاقتصاد، هل سنأخذ بالحسبان مثل هذه الافكار ونشرها في طرائق التعليم الفن يجعلنا لا نجامل ولا نتكبر.. نتواضع ونتمسك بخيار الجمال المفقود لنعيده الينا، حتى لو كلفنا ان نخسر الكثير من مدعي الثقافة ومدعي الفن، ونشير لسوء تعاملهم وخيانتهم للثقافة؟!.