كيف تحول «هوس البروتين» الى صناعة بملايين الدولارات؟

بانوراما 2021/10/03
...

  سيرين كايل 
  ترجمة: ليندا أدور
تحول البروتين من مكمل غذائي مختص بلاعبي كمال الأجسام، الى هوس سائد، فقد أصبح اليوم يضاف الى طيف واسع من الأطعمة والمشروبات. لكن، ما الذي قاد لهذا النمو الكبير والمفاجئ لهذه الصناعة التي تقدر بملايين الدولارات؟.
 
في متجر متخصص ببيع المنتجات المدعمة بالبروتين في تونبريج ويلز بالمملكة المتحدة، يمكن الحصول على أي وجبة خفيفة تختارها طالما ستحتوي على بروتين مضاف، كمنتجات الالبان والكيك والبرغر والمافن والكرواسون، الى جانب ألواح البروتين الموجودة بكل النكهات التي يمكن تخيلها، مثل كعكة المليونير بالكراميل، وكيك الجبن نيويورك، ورقائق شوكولاته بالنعناع، ولفائف القرفة وغيرها الكثير.
التوجه في 2022
يحرص انتوني رودجرز (36عاما)، مؤسس المتجر، على تناول ثلاثة ألواح بروتين يوميا، وقد بدا ذلك واضحا في جهازه العضلي، ويقول خلال تجوله بين المتجر ومستودعه بأنه بدأ العمل سنة 2013 كمتجر عبر الانترنت، بعد أن لاحظ ميلا نحو ألواح البروتين ذات النكهات الغريبة في الولايات المتحدة عندما كان من مرتادي صالة الألعاب الرياضية، بينما كانت ألواح البروتين قد بدأت للتو لتصبح أكثر إبداعا واهتماما. ولأن روجرز رجل سابق لعصره، بنحو عقد بالكاد، كان البروتين قد نما من مجرد بروتين يختص به لاعبو كمال الأجسام الى العنصر الغذائي الكبير والسائد، اذ وفقا لشركة (منتل- Mintel) لأبحاث السوق، فإن نحو ستة بالمئة من المنتجات العام الماضي الغذائية والمشروبات تحتوي على نسب عالية من البروتين أو البروتين المضاف، وهي أكثر بنسبة ثلاثة بالمئة عن العام 2016، وقد اتجهت معظم الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات لإضافة البروتين الى منتجاتها.
يقول جايد هاواي، مدير المشتريات لدى فرع المملكة المتحدة في «هول فودز ماركت» احدى سلاسل متاجر البقالة الفاخرة، إن السلسلة وفرت 50 نوعا جديدا من المنتجات الغنية بالبروتين خلال العام الماضي وحده، من بينها توفو الحمص ومعكرونة العدس الأحمر وبأن: «التوجه في العام المقبل، هو أن تكون بذور عباد الشمس الغنية بالبروتين المكون الجديد، اذ سيتم إدخالها في صناعة الزبدة والحليب وحتى المثلجات». ووفقا لمنتل، تتصدر بريطانيا الدول في «هوس البروتين»، فهي تمتلك ثالث أعلى نسبة من المنتجات الغنية بالبروتين والبروتين المضاف في العالم بعد فنلندا واستراليا.
 
«شيطنة» الكاربوهيدرات
بدأت هذه الصناعة التي تقدر بملايين الدولارات بلوح واحد عندما تم دمج 21 غراما من البروتين مع أحد أنواع البسكويت مع الكريمة، لتتطور في ما بعد هذه التكنولوجيا لتصبح قريبة الى ألواح الشوكولاته العادية التي تمنح الشعور بالشبع وعدم الشهية لتناول الطعام. لإحتوائه على الأحماض الأمينية اللازمة لنمو العضلات، صممت منتجات البروتين المضاف، بداية الأمر، لمرتادي صالات الألعاب الرياضية الساعين لبناء عضلاتهم، وصنفت هذه «الأطعمة الوظيفية» كمغذيات رياضية مخصصة للرجال في المقام الأول، لكن 85 بالمئة من مستهلكيها حاليا من النساء، فتأتي نزعة البروتين لديهن من ثقافة النظام الغذائي المتطورة باستمرار، ففي العقد الأول من القرن الحالي، كان السائد هو «شيطنة» الكاربوهيدرات من قبل محبي حمية أتكنز. وخلال تسعينيات القرن الماضي، اقتاتت النساء العصريات على نظام غذائي يعتمد على حساء الملفوف لإسبوع في كل مرة، واليوم يأتي هوس البروتين بمحاذاة هوس «الصحة». 
توصي الهيئة البريطانية الخدمات الصحية الوطنية، بتناول 50 غراما من البروتين يوميا، أي ما يعادل صدري دجاج صغيرين، وترى كلير ثورنتون وود، اخصائية التغذية أنه يمكن للجسم أن يحلل نحو 20 غراما من البروتين في المرة الواحدة، وما زاد عن ذلك يطرح خارجا، محذرة من أن الإفراط بتناول البروتين قد يتسبب بأضرار لمن يعانون أمراض الكلى كونه يشكل ضغطا إضافيا عليها. 
 
اسطورة البروتين
لا تحتوي ألواح البروتين على منتجات حيوانية، بالرغم من استخدام البعض للجيلاتين كمادة رابطة او تصنع من بروتين مصل اللبن، وهو المنتج الثانوي من صناعة الجبن، أما المصدر الشائع الآخر للبروتين الرخيص فهو الصويا.
تقول الكساندرا روتيشاوزر بيريرا، من منظمة العمل ضد الجوع  Action Against Hunger, الانسانية العالمية، بأن: «الاستهلاك المفرط للبروتين مرتبط باسطورة انتشرت حول ضرورات البروتين الحيواني، وبشكل خاص، في مؤتمرات ممولة من قبل كبار صناع الأغذية الحيوانية، اذا ما علمنا أن صناعة اللحوم من أكبر محركات الانبعاثات. ففي الوقت الذي يصل معدل استهلاك الفرد الأميركي الى 100 غرام من البروتين يوميا، وهو ضعف الكمية الموصى بها، فإن 50 بالمئة من أطفال مدغشقر يعانون من توقف النمو بسبب نقص البروتين». وتشير بيريرا الى أن نقص البروتين يظهر في مشكلات النمو الطبيعي وضعف القدرات المعرفية. تواجه مدغشقر أسوأ موجة جفاف منذ ما يقرب من أربعة عقود ويعود السبب الى التغير المناخي، الى جانب بعض الأنظمة الغذائية الغربية الغنية بالبروتين. «لا تسهم اللحوم في انبعاث غازات الاحتباس الحراري، مقارنة بالأغذية الأخرى سواء كانت الحيوانات المجترة  التي تطلق غاز الميثان، فحسب، بل يتعلق الأمر بمساحات الأراضي التي تستخدم لإنتاج الأعلاف. لذا، ولأسباب تتعلق بالمناخ، نصحت اللجنة الخاصة بالتغير المناخي لبريطانيا بتقليل نسبة استهلاك اللحوم ومنتجات الألبان بمقدار 20 بالمئة. 
قد يساعد النظام الغذائي الغني بالبروتين بخسارة الوزن وبناء عضلات خالية من الدهون (مشروطة بممارسة الرياضة)، اذ يساعد على بقاء الجسم ممتلئا لفترة طويلةـ لهذا السبب يفضله من يتبعون حمية غذائية، اذ غالبا ما يربطه الناس بالصحة، لكن المفارقة هنا هي أن الوجبات الخفيفة بالبروتين المضاف ليست صحية على الإطلاق، فغالبا ما يدخل ضمن مكونات هذه الألواح زيت النخيل الغني بالدهون المشبعة وشراب الذرة المرتبط بمقاومة الانسولين، لذلك تحذر الهيئات الغذائية من استبدال الوجبات الرئيسة بوجبات خفيفة غنية بالبروتين، والحرص على تناول أغذية غير معالجة. 
*صحيفة الغارديان البريطانية