هوغوورتس كيب تاون.. كلية السحر الفريدة من نوعها

بانوراما 2021/10/11
...

   تومي ترينشارد
  ترجمة: ليندا أدور
   تعد قصص التحويل لطلاب مدرسة هوغوورتس* في جنوب افريقيا أكثر من مجرد كونها قصصا خيالية، فهي بالنسبة لمعجبي كتب المؤلفة البريطانية جي كي رولينغ قد تبدو مألوفة الى حد ما، اذ تروي قصة فتى يواجه ظروفا معيشية قاسية، ينضم الى مدرسة يكتنفها الغموض بعيدة عن منزله لتتغير حياته، إثر ذلك والى الأبد، بفعل قوة السحر.
 
لكن قصة أنيل دياسي، ليست خيالية، فالمدرسة التي قصدها ليست «هوغوورتس»، وانما كلية السحر في كيب تاون، مؤسسة فريدة تدربَ فيها بعض من أمهر سحرة القارة منذ ثمانينيات القرن الماضي.
 
كلية حياة
نشأ دياسي في مدينة خايليشتا المترامية الأطراف، حيث تكثر فيها جرائم العنف وتقل وتندر فرص العمل، وفي سن العاشرة، بدأ دياسي تدريباته في الكلية على طرق السحر وألعاب خفة اليد والخدع وغيرها، وفي غضون أربع سنوات، صار دياسي يمثل بلده عبر مسابقات السحر العالمية كتلك التي تقام في لاس فيجاس وبكين، ليصبح نموذجا لجيل جديد من السحرة الناشئين. 
أما اليوم وقد أصبح في الثالثة والعشرين من العمر، فيقول دياسي عن المدرسة التي صار مدرسا فيها: «أراها أكثر من مجرد كلية حياة، فقد ساعدتني في الابتعاد عن طريق الجريمة وعمل العصابات». وعن أهم الأشياء التي تعلمها فيها خلال سنوات دراسته الست التي أمضاها فيها، يقول  بأنها لم ترتبط بالسحر بقدر ارتباطها بتعزيز الثقة بالنفس والتواصل الفعال، مهارات جعلت دياسي يشعر وكأنها قد وضعته في موقع جيد ليواجه تحديات الحياة. 
يراقب طلاب المرحلة الخامسة كل حركة يقوم بها دياسي بدقة شديدة أثناء تعليمه إياهم ألعاب الخفة بورق اللعب عن قرب، في محاولة منهم لاكتشاف الخدعة، أما خارج الصف، فكان الطلاب الأصغر سنا يلهون بالعصي وهم يدورون في دوائر حول موقف السيارات من على دراجات بعجلة واحدة. 
اجريت القليل من الأبحاث حول الفوائد التعليمية لتعلم السحر مقارنة بغيره من فنون الأداء كالموسيقى والرقص أو ألعاب السيرك، لكن الدراسات الحالية، ربطت بينه وبين الفوائد الجسدية والنفسية، كإسهامه في تحسين التركيز والقدرة على حل المسائل والتفكير جانبيا وبشكل افقي وتطوير المهارات الشخصية وزيادة تقدير الذات وتعزيز كفاءة العمل الجماعي. 
 
السحر كأداة
يقول ديفيد غور، مؤسس ومدير الكلية: «عندما بدأنا العمل فيها، لم يدر بخلدنا على الإطلاق ان تكون لها كل هذه الفوائد العرضية، اذ لم نكن ندرك مدى فاعلية السحر كأداة»، مشيرا الى ملاحظته أن طلاب المرحلة الأولى في المدرسة غالبا ما يكونون خجولين وعنيدين غير متعاونين، لكنهم في غضون أشهر، يمتلكون من الثقة بالنفس ما يكفي لتمكنهم من أداء العروض على المسرح أمام مئات الغرباء من الحضور.
كان عمر غور 19 سنة عندما دخل مع زميل له إحدى الصحف المحلية وهما يرتديان قبعات بتاج مرتفع وسترات خطافية، ليعلنا بأنهما سيفتتحان مدرسة للسحرة، وما أن نشرت الصحيفة قصتهما، سرعان ما تقدم 34 طفلا للانضمام اليها، وخلال أربعين سنة لاحقة، خرّجت المدرسة، التي تشغل قصرا قديما مشيدا على الطراز الفيكتوري أواخر القرن التاسع عشر، بضعة آلاف من الطلاب. يمتاز مبنى المدرسة بأنه شبيه بمدرسة هوغوورتس، اذ يزخر بالسلالم الملتوية والمداخل السرية المخبأة خلف رفوف الكتب، ومرافق خاصة للأرانب وطيور الحمام التي تستخدم أحيانا في تقديم العروض.
يقول دوما أم جي كواكي، طالب في المرحلة الرابعة وساحر طموح، عن المدرسة بأنها: «متعة أكثر من أي مدرسة أخرى، معربا عن استمتاعه بإبهار أطفال الحي، الذي يقطنه، بالخدع والحيل التي تعلمها في الكلية. ومع تمتع الكثير من خريجي الكلية بمهن السحر والفنون المرتبطة به، كحفلات الأطفال أو برامج التسلية والترفيه التلفزيونية، يشير آخرون الى أن الكلية أسهمت في تهيئتهم لطيف واسع من الوظائف البعيدة عن السحر تماما. 
 
عرقيات متعددة
في الكلية، يتلقى التعليم طلاب من أكثر أحياء مدينة كيب تاون فقرا، جنبا الى جنب مع أقرانهم من أحياء أكثر ثراء، اذ لا تزال المدينة واحدة من أكثر مدن العالم انقساما، بعد مرور ثلاثة عقود على نهاية الفصل العنصري، فلا تزال العديد من مدارسها, وأحياء بأكملها، تتيح القليل فقط فيما يتعلق بالتنوع العرقي. 
يقول غور، الذي خرق قانون الفصل العنصري خلال ثمانينيات القرن الماضي عندما أصر على أن تكون الدراسة في الكلية لطلاب من أعراق متعددة: «كنا مؤمنين بأن ما نقدمه يجب أن يكون متاحا أمام الجميع، وقد حرصنا على ذلك منذ اليوم الأول»، مشيرا الى أن الكلية تعمل كمؤسسة غير ربحية، للمساعدة في إيجاد رعاة لتغطية رسوم الطلاب الذين لا يستيطعون تحمل تكاليف الدورات، وتنظيم عملية نقل الطلبة الذين يسكنون مناطق بعيدة للحضور.