الموسيقى هي الحل

الصفحة الاخيرة 2021/10/19
...

سامر المشعل 
 
عكس الموسيقار نصير شمة مستوى فكريا عاليا، مثيرا للاهتمام، خلال لقائه الاخير عبر قناة mbc ومن ضمن الافكار التي اثارها شمة، ان الموسيقى هي علم هندسة ورياضيات وجزء منها نغم وايقاع، والعمل الموسيقي المتقن سواء كان شرقيا أم غربيا، يعمل على تنظيم عقل وروح الانسان من الداخل من خلال الذبذبات التي ترسلها الموسيقى لعقل المتلقي. وتطرق شمة الى أن للموسيقى تأثيرا كبيرا في تنشئة الطفل وتربيته وبامكانها أن تعالج الكثير من الامراض ومنها مرض التوحد، الذي يسمى “مرض العبقريات” فالكثير من العبقريات في العالم مثل انشتاين وغيرهم كانوا مصابين بهذا المرض.
وخلص شمة من خلال حديثه بالبرنامج الى القول بأن الموسيقى لو وظفت بالشكل الصحيح من الممكن أن تعالج الكثير من امراض المجتمع، مشيرا الى أن الدين يحث على الاخلاق، وهنا يلتقي الدين مع الموسيقى في الوصول الى الهدف نفسه، ولو وضعت مناهج تربوية من قبل مختصين في مجال الموسيقى، ممكن أن ننشئ جيلا يتسم بالخلق والانسانية، ومحبا للخير والسلام والوطن.
وبذلك جمع الفنان نصير شمة مقومات الابداع في شخصية متفردة بحضورها المعرفي وجمال افكاره وبين عطائه المتقدم في التأليف الموسيقي والعزف وهو يحلق بنا بفضاءات حسية ملونة بالجمال الموسيقي.
طروحات شمة تتسق مع ما كتبته سابقا وتحفزني للكتابة مجددا، بأن الموسيقى  من الممكن أن تكون هي العلاج والحل للكثير من الامراض التي اصابت المجتمع، بسبب موجات التجهيل والتخلف نتيجة الحروب والحصار والخوف، ما ادى الى الانغلاق الفكري والاجتماعي، وتتفق مع الدراسات الحديثة في مجال علاقة الموسيقى بالجانب الفسيولوجي وتحفيز خلايا الدماغ، وقد اجريت دراسات حديثة في الولايات المتحدة الاميركية على مجموعة من الاطفال حديثي الولادة، يتم اسماعهم موسيقى كلاسيكية هادئة وتحديدا موسيقى موزارت، بعد لحظة الولادة مباشرة، وهناك مجموعة اخرى من حديثي الولادة يتم اسماعهم موسيقى صاخبة، وتجري مراقبة سلوك هؤلاء الاطفال حتى بلوغهم.
فالاطفال الذين تم توجيه الموسيقى الكلاسيكية لهم، وجد انهم بصحة نفسية جدية، وبذكاء اعلى ومتفوقين دراسيا، ولهم ميول نحو الفنون الجميلة، وهم اشخاص مسالمون يحبون الهدوء ولا يميلون للعنف، عكس العينات الاخرى التي سمعت الموسيقى الصاخبة.
وهذا ما نحتاجه بالوقت الحالي، هو السلم الاجتماعي والابتعاد عن العنف ولغة السلاح، وبذلك ممكن أن تكون الموسيقى علاجا فعالا لاصلاح المجتمع، مثلما اشارت الدراسات الحديثة.
هذه الافكار تتسق مع طروحات شمة بأن الموسيقى ترسل ذبذبات تستقبلها خلايا الدماغ وتعمل على التفاعل معها وتنظيمها، لذلك المستمع عندما يحضر الى الحفلات الاوركسترالية يستمتع أكثر مما يسمعه عبر التسجيل، لان ذبذبات الموسيقى تتفاعل بشكل حي ومباشر مع خلايا الدماغ الموجودة في الفص الايسر منه فيشعر بالراحة والمتعة.
ولهذا الغرض ايضا يتم بناء الاوبرات وقاعات العزف الاوركسترالي وفق معايير هندسة الصوت، وكذلك يتم توزيع العازفين على المسرح بحسب الآلات الموسيقية، كالآلات النفخية والايقاعية والوترية، كي تصل ذبذبات الصوت الى اذن المستمع بالشكل الصحيح.