التربية الثقافيَّة

الباب المفتوح 2021/10/20
...

نجم الشيخ داغر
إن من اصعب امراض المجتمعات واشدها فتكا هو الجهل، فان انتشر في الاوساط افسدها ولذلك ورد عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) «الجهل فساد كل امر»، وعنه ايضا «الجهل اصل كل شر» ، ميزان الحكمة ج2ص608.
وبما اننا نعاني من الامرين معا بشكل يكاد يبدو انه اكثر من بقية مناطق العالم، ربما لكثرة ما نتعرض له من مؤامرات او هجمات ارهابية شرسة، لكن في المجمل وشئنا ام ابينا اننا نعاني من الشر والفساد المنتشرين بين ربوعنا، إذ نكاد نلجأ للعنف لحل اغلب مشكلاتنا، وهذا ما يستدعي منا الوقوف مليا امام هذين الحديثين الشريفين، على اعتبار ان اكتشاف العلة نصف العلاج.
تعد هذه الوقفة ضرورة لكل ذي عينين وحريص على مصلحة البلد، كي لا نصل الى طريق اللا رجعة حينما يستحكم فينا هذا الداء العضال.
ولعل من انجع الحلول التي يمكن لها أن تكبح جماح هذه العلة المميتة، يأتي عبر قطاع التعليم، من خلال استثمار الاجيال الجديدة وحقنها بالعلم والثقافة التي ستكون بمحل الجهاز المناعي الفكري امام امراض المجتمع.
وفي البدء لا بد أن نتفق على تعريف او معيار للثقافة التي يمكن اطعامها لابنائنا في المدارس، والذي اقترح أن يكون عبر مادة دراسية تعنى بالتربية الثقافية.
وبغية حصر هذا التعريف فيما نريد أن نسوق له، علينا أن نخصصه عن المعنى العام للثقافة الذي هو : العلومُ والمعارفُ والفنون التي يُطلب الحذق فيها، كما جاء في كتب اللغة، ونقول اننا نريد العمل على معناه الخاص الذي يعني ثقَّف الشيءَ: أقام المُعوَجَّ منه وسوّاه
ثقَّف الإنسان: أدّبه وهذبه وعَلَّمه
ثقَّف الأخلاق: أصلح السلوك والآداب.
اي اننا نريد الثقافة التي تركز على تهذيب المجتمع واصلاح عاهاته وامراضه، وبمعنى ادق لا نريد الثقافة التي تزود الطالب او ابن المجتمع بالمعلومة فقط وانما تلك التي ترشده لكيفية استخدامها في الخير والاصلاح والبناء.
وهذا يكون عبر منهج دراسي نقترح ادخاله في مختلف المناهج، على أن يشتمل على المعارف واساسيات الاخلاق الحميدة، ويسمى درس التربية الثقافية.
واذا اردنا أن نستشرف المستقبل لنرى مدى نجاح هذا الامر بتزويد المجتمع بالاخلاق والعلوم، علينا الرجوع الى الوراء ودراسة تجربة اليابان في هذا المجال، وكيف انها ركزت طوال مدة الدراسة الابتدائية على مد الطالب بالقيم الاخلاقية التي يحتاج اليها لبناء مجتمع ناجح ومتطور ومسالم ايضا.
واقترح ايضا أن يلزم الطالب بقراءة رواية او كتاب يعنى بالاخلاق، على أن تتم مطالبته بكتابة ملخص له وابرز الدروس المستفادة منه، بغية تحريك عقله من جهة ومده بالقيم التي تبني شخصيته وتقومها من جهة اخرى.