رضا المحمداوي
ظلّتْ علاقة العمل السردي العراقي سواء أ كان روايةً أم قصةً قصيرة بالعمل الدرامي التلفزيوني من حيث الإعداد والاقتباس والمعالجة، متذبذبةً ومتفاوتة المستوى فتارة تشوبها القطيعة لمدة طويلة، وتارةً تعاود التواصل والالتقاء في نقطة جذب جديدة لتثمر عن عمل فني يحقق الفائدة والمنفعة لكل من العمل الأدبي نفسه والنتاج الدرامي الجديد القائم أساساً على تلك الأرضية الأدبية.
أطرحُ موضوع هذه العلاقة هنا، بمناسبة تشكيل لجنة في مديرية الدراما في شبكة الإعلام العراقي مُكوَّنة من الكاتبين: حميد المختار وحسين علاوي تتولى عملية إعداد وتحويل مجموعة من الروايات والقصص القصيرة إلى مسلسلات وأفلام تلفزيونية وتمثيليات، ومن بين هذه الأعمال السردية رواية (القلعة الخامسة) لفاضل العزاوي و(سيرة بحجم الكف) لمحمود عبد الوهاب و (عرقجينة السيد) لسلمان كيوش و(مدينة النحاس) لفوزي كريم و(سارد الحكايات) وهو عن السيرة الأدبية للقاص الكبير محمد خضير.
لقد أصبح معروفاً ومتداولاً من الناحية الفنية والأدبية أنَّ تحويل العمل الأدبي وإعداده وتقديمه كعمل درامي تلفزيوني يتطلب معالجة درامية على صعيد الرؤية والسيناريو والحوار، ويخضع للعديد من الاشتراطات والمواصفات الدرامية والفنية التي لا بُدَّ من توافرها لكي يكتسب العمل الفني درجة النضوج والاكتمال من حيث الوحدة العضوية والموضوعية الدرامية المستقلة عن النص
الأدبي.
ويجب أنْ يؤخذ بالاعتبار أن عملية تحويل النص الأدبي، الروائي منه أو القصصي بسردهِ الطويل والوصف والحوارات والمنولوج وتعدد الشخصيات، إلى نص درامي مكتوب باللهجة الشعبية الدارجة، ليستْ سهلة أبداً وإنما أصبحتْ حرفة فنية مستقلة لها مستلزماتها وأدواتها ولا تتوفر للعديد من الكُتّاب والمؤلفين سواء أكانوا من الأدباء أنفسهم أو المؤلفين الدراميين
الأصليين.
وتبعاً للدقة في اختيار النص الأدبي ومدى صلاحيته للإعداد التلفزيوني ومن ثم توافر عناصر الجودة والمتانة في كتابة المعالجة الدرامية له، لذلك تتفاوت نسب النجاح ونصيبها من الحضور الفني، فقد يخسر العمل الأدبي الكثير من هيبته وطرازه المعماري وقوته، وبالمقابل قد لا يحقق النص الدرامي ذلك التميّز والخصوصية المرجوة التي حظي بها العمل الأدبي المُعَدُّ
عنه.