نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مصادر دبلوماسية أميركية، أن واشنطن تحاول منع الدول العربية من إعادة علاقاتها مع دمشق، بل وتهرع في سبيل ذلك إلى التهديد بالعقوبات.
ونقلت الصحيفة أمس عن مصادر دبلوماسية أميركية قولها في هذا الشأن: إن محاولات الدول العربية لاستعادة العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد، بعد أن أصبح عمليا منتصرا في الحرب، تصطدم بمقاومة من قبل الولايات المتحدة، استخدمت فيها حتى التهديد بفرض عقوبات.
ولفتت الصحيفة الأميركية إلى أن نقطة البداية كانت في قرار الإمارات الصادر في 27 كانون الاول الماضي، والذي أعلنت من خلاله افتتاح سفارتها في دمشق التي توقف عملها في عام 2011 مع بداية النزاع في سوريا، وعقب ذلك بدأت عدة دول عربية في إظهار رغبتها في تحسين العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد.
وعزا هذا التقرير السبب في أن أولئك الذين دعموا في البداية المعارضين السياسيين للأسد يواجهون الآن الحقيقة المتمثلة في أن الرئيس السوري سيبقى في السلطة بدرجة احتمال عالية في المستقبل المنظور، مضيفا أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تحاول بنشاط أن تجعل حلفاءها في العالم العربي يحجمون عن محاولات التقرب من سوريا، وهي تلجأ في سبيل ذلك إلى التهديد بالعقوبات.
وأشارت الصحيفة الأميركية في تقريرها إلى أن روسيا في الطرف المقابل، تبذل جهودا وتحث شركاءها في العالم العربي على البدء في بناء جسور دبلوماسية مع دمشق.
موقف قطري
في السياق نفسه قال وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني: إن التوصل لحل سياسي في سوريا هو الخيار الوحيد.
وأكد عبد الرحمن، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف، امس الاثنين، شرط وجود حل سياسي للأزمة السورية من أجل عودة سوريا إلى عضوية الجامعة العربية.
وأردف: «كانت هناك أسباب لتعليق عضوية سوريا وما زالت الأسباب قائمة، وبالتالي لا يوجد أي جديد لتغيير هذا القرار ويجب أن يوجد حل سياسي أولا».
وكانت جامعة الدول العربية قد اعلنت موقفها بهذا الشأن في 11 شباط الماضي، اذ قال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط -للصحفيين في بيروت عقب لقائه الرئيس اللبناني ميشال عون: « لم أرصد بعد أن هناك خلاصات تقود إلى التوافق الذي نتحدث عنه، والذي يمكن أن يؤدي إلى اجتماع لوزراء الخارجية يعلنون فيه انتهاء الخلاف، حتى الآن لم أرصد هذا التطور أو المفهوم».
في المقابل أعلنت المتحدثة باسم الرئاسة التونسية، سعيدة قراش، الاسبوع الماضي، أن قمة الجامعة العربية التي ستستضيفها تونس أواخر الشهر الجاري، ستبحث مسألة عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة و»ستتخذ قرارها» بهذا الشأن.
وقالت قراش لـ»الإذاعة الوطنية:» إن بلادها لا تكن العداوة لسوريا، معربة عن احترام تونس للشعب السوري وقراراته في اختيار قيادته وممثليه.
وتابعت أن قرار عودة سوريا للجامعة العربية يعود لنفس الهيكل الذي قرر تجميد عضويتها عام 2011، ولا تستطيع تونس كدولة مستضيفة للقمة اتخاذ قرار إعادة العلاقة الدبلوماسية مع دمشق بمفردها.
قمة تونس
وبشأن التحرك العربي لعودة سوريا للجامعة العربية تعقد تونس آمالاً مرتفعة بشأن القمة العربية المرتقبة نهاية الشهر الحالي، برغم أنها «تعتمد مقاربة واقعية للوضع العربي»، حسب تعبير دبلوماسي في تونس تحدث لـ»العربي الجديد». وتأمل تونس أن تكون هذه القمة مختلفة عن سابقاتها في السنوات الأخيرة، برغم تصاعد حدة الخلافات العربية ــ العربية في أكثر من إقليم، وحول عدد من الملفات، لكنها «تعوّل على علاقاتها الجيدة مع الجميع لمحاولة تطويق هذه الخلافات والعمل على تطبيع بعض العلاقات في حدها الأدنى، كأرضية تشكّل منطلقاً لطرح هذه الملفات من جديد» وتنهي وضع التلاسن عن بعد بين هذه الدول.
الى ذلك كشفت مصادر مطلعة عن ان تونس تتوقع حضوراً بارزاً في هذه القمة، ربما يتجاوز معدلات الحضور في القمم السابقة، إذ أكدت غالبية دول الخليج حضورها القمة برغم خلافاتها، وربما تحضر جميعاً في انتظار معرفة حجم الحضور العماني، وهو ما قد ينسحب أيضاً على الجزائر بحكم الوضع الصحي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. كما أعربت أغلب الدول العربية الأخرى عن عزمها المشاركة في القمة، على غرار الاْردن ومصر، بانتظار معرفة موقف المغرب وتحديد ممثله في القمة بين الملك المغربي ورئيس حكومته.
ويتوقع مراقبون أن يضغط الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بكل ثقله وعلاقاته الجيدة مع الجميع لمحاولة إنجاز اختراق في بعض الملفات المجمدة، وربما يتوصل عبر الاجتماعات الثنائية والجانبية إلى إحراز تقدم، وحلحلة الوضع، ولو جزئياً، خصوصاً في الملف الخليجي، لكن الرهان الحقيقي يتمحور حول الملفات التي ستطرح في هذه القمة، وهي ملفات سوريا واليمن وليبيا. وتراجعت الحماسة العربية بشأن الملف السوري، مع أنه سيتم طرح قضية إعادة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية في هذه القمة، كما ستطرح على اجتماع وزراء الخارجية الذين سيرفعون توصية إلى القادة. وتؤكد تونس باستمرار أنها ليست صاحبة القرار في هذا الموضوع، وهو أمر يجب أن يصدر فيه قرار عربي جامع تماماً كما كان قرار تعليق العضوية.
ويبدو أن بعض الجهات الأوروبية تدفع نحو تسوية سياسية للملف السوري، وتشجيع الدول العربية على طرح الموضوع في القمة العربية، من دون تقديم أفق عملي لذلك، بانتظار تطورات الأحداث على الأرض بعد قرار الانسحاب الأميركي من سورية وتداعياته، بحسب مصادر دبلوماسية أشارت إلى تعقيدات الملف وتباين الرؤى العربية
بخصوصه.
وإثر انتهاء أعمال القمة مباشرة سينتظم منتدى الأعمال الصيني العربي في 2 و3 نيسان المقبل، والمنتدى الاقتصادي التونسي الصيني، وهي مناسبة تعتقد تونس أنها قد تدفع إلى تعزيز التعاون الاقتصادي البيني مع العملاق الصيني وتفتح أفاقاً جديدة أمام الدول العربية.