التحقيق يركز على شخصين في قضية أليك بالدوين ما هي أسلحة التمثيل.. وما مدى خطورتها؟

الصفحة الاخيرة 2021/10/25
...

  لوس انجليس: أ ف ب
أثارت حادثة إطلاق الممثل أليك بالدوين النار عرضاً على مصوّرة خلال التمرينات على أحد مشاهد فيلم في غرب الولايات المتحدة، تساؤلات حول استخدام الأسلحة في مواقع التصوير والتدابير الواجب اتخاذها لضمان سلامة طاقم العمل.
 
تفادي وقوع مأساة
يقول خبير الأسلحة في هوليوود غيوم ديلوش الذي زود صانعي الأفلام بالأسلحة لثلاثة عقود، مع 75 تعاونا سينمائيا في رصيده، إن هناك عادة ضمانات عدة لتفادي وقوع مأساة.
في ما يلي بعض المعلومات التي قدّمها الخبير حول استخدام الأسلحة في صناعة الأفلام:
* لماذا تُستخدم الأسلحة في مواقع التصوير؟
- رغم سهولة إضافة المؤثرات الرقميَّة في مرحلة ما بعد الإنتاج وكلفتها الميسرة نسبياً في زمننا الحاضر، يفضّل الكثير من المخرجين والممثلين استخدام الأسلحة الحقيقية لإضفاء مصداقية أعلى على المشاهد التمثيلية، وفق ديلوش.
ويقول الخبير: «مشكلة الأسلحة الوهميَّة تكمن في عدم إظهارها ارتداد الرصاص والدخان، وهي عناصر تضفي لمسة خاصة على التمثيل».
ويضيف «عندما تمنح الممثل مسدسا من البلاستيك أو المطاط وتضيف أثر الرصاصة لاحقاً بواسطة المؤثرات الرقميَّة، يظهر الفرق جلياً» مقارنة مع استخدام أسلحة حقيقية.
* كيف يتم التعامل مع الأسلحة في مواقع التصوير؟
- يقول ديلوش إنَّ بروتوكولات التعامل مع الأسلحة في مواقع التصوير صارمة، مشبّها عمليات التدقيق المزدوجة أو الثلاثية بطريقة عمل أنظمة سلامة الطائرات.
ويوضح «نتعامل مع الأسلحة الفارغة كما لو كانت حقيقيَّة. في كثيرٍ من الحالات، تكون أسلحة حقيقيَّة خضعت للتعديل».
ويضيف ديلوش «يتم الاحتفاظ بالأسلحة في خزنة. وبمجرد وضعها في مكان التصوير، ننظّم طريقة عرض الذخيرة الفارغة من خلال تمييزها وترميزها بالألوان لتفريقها» عن الطلقات الحقيقية.
ويتابع «في بادئ الأمر، نُظهر للطاقم والممثلين أن السلاح فارغ قبل حشوه»، و»عندما نضع الرصاص الخلّبي في السلاح، نعلن ذلك مرات عدة».
 
مسافات أمان
* ماذا يحدث عند الحاجة إلى إطلاق النار؟
يوضح ديلوش «لدينا مسافات أمان صارمة للغاية: إذ لا يُسمح بوجود أي شخص على مسافة تقل عن 20 قدماً (نحو ستة أمتار)، قرب السلاح عند استخدامه».
ويقول «حتى مع الرصاص الخلّبي، قد تنطلق بعض البقايا الصغيرة. من الأفضل عدم التصويب بتاتاً على شخص ما بشكلٍ مباشر، لذلك نعمل مع المصور السينمائي على وضع إطار مناسب للّقطة يعطي انطباعاً بأنَّ الشخص موجود في خط النار».
ويضيف «إذا أردنا الاقتراب أكثر، نضع حواجز من الزجاج الواقي. نغطي أفراد الطاقم ومديري المسرح بأغطية مقاومة للحريق. كما نضع في تصرفهم خوذات مضادة للضوضاء ونظارات أمان للحماية من الشظايا».
 
كيف تحصل الحوادث؟
لا يزال سبب الحادثة التي وقعت إثر إطلاق الممثل أليك بالدوين النار خلال تصوير فيلم «راست» غير واضح.
ويقول ديلوش إنَّ الحوادث نادرة للغاية، نظراً للعدد الكبير من الإنتاجات الهوليوودية التي تتضمن مشاهد استخدام أسلحة.
مع ذلك، يمكن أنْ تحصل حوادث إذا استُخدمت الذخيرة الحية في موقع التصوير لسبب ما.
ويوضح «لكن الذخيرة الحقيقيَّة لا مكان لها إطلاقاً في مكان التصوير حيث يُستخدم أيضا رصاص وهمي ما قد يُحدث التباسا بينهما».
ويضيف ديلوش «ثمة احتمال في أنْ تنفصل طلقة خلّبية عن غلافها ثم تدخل ماسورة المسدس. إذا ما وُضعت طلقة خلبية خلف تلك الرصاصة الوهمية، فإنها تتحول إلى طلقة حية».
ويشير إلى أنَّ «هذا ما كلف براندون لي حياته (عام 1993 خلال تصوير فيلم «ذي كرو»). لم يحصل أي تدقيق من خبير الأسلحة في الموقع، إذ كان ذلك ليمنع وقوع الحادث».
ويؤكد ديلوش أنَّ «وقوع حادث تسبقه دائما سلسلة من الأخطاء».
قد تكون خطيرة
وتبدو أسلحة التمثيل غير مؤذية، إلا أنها قد تكون خطيرة، وهذا ما نعرفه عنها. وتبدو الرصاصات الفارغة مقنعة في التصوير، لأنها في الواقع رصاصات حقيقية معدّلة.
وتتكون الرصاصة من مظروف معدني يحتوي على مادة متفجرة. وعند سحب زناد المسدس يتحرّر القادح ويتحرك إلى الأمام ليدفع الشحنة المتفجرة، فتخرج الرصاصة من فوهة المسدس.
وبدل استعمال مادة معدنية كما في الذخيرة الحية، تحتوي الرصاصة الفارغة على مادة من القطن أو الورق.
أما أسلحة التمثيل فهي أسلحة معطلة تستعمل في تصوير المشاهد السينمائية، لإضفاء مصداقية عليها.
فعندما تطلق النار برصاصات فارغة، فإنك تسمع صوت الطلقة، وتشاهد نار احتراق المادة المتفجرة.
 
ما هو العتاد الخلب
نعم. حدث ذلك. ربما تتذكرون الممثل براندون لي، ابن أسطورة الفنون القتالية، بروس لي.
فقد توفي براندون لي في الثامنة والعشرين من عمره، عام 1993، أثناء تصوير فيلم «الغراب»، إذ تلقى طلقة نار من مسدس تمثيل كان معبئاً عن طريق الخطأ برصاصة تدريب.
وتستعمل رصاصات التدريب في التصوير عن قرب، ولكن لا بد من تفريغ المسدس منها قبل تعبئته بالرصاصات الفارغة.
وبعد تلقي لي طلقة النار استمر التصوير حتى انتهاء المشهد، وعندما لم يقف على قدميه عرف القائمون على التصوير أنه تعرض لمكروه.
وفي حادث آخر، في العام 1984، كان الممثل الأميركي، جون إيريك هيكسوم، يتندر في موقع تصوير فيلم تلفزيوني، بسبب ضجره من تأخر التصوير. وعبأ المسدس برصاصة فارغة ووضع فوهة المسدس على صدغه وأطلق النار.
وعلى عكس لي، لم يمت هيكسوم في الموقع، ولكن قوة الطلقة كسرت جمجمته، ومات بعد أيام في المستشفى.
نبهت وفاة هيكسوم إلى مشاكل الأسلحة الخلّب، لأنها قد تكون خطيرة جداً.
ومما يزيد من المخاطر هو أن بعض مواقع التصوير ترفع كمية المادة المتفجرة من أجل تعزيز التأثير البصري.
وتضع مواقع التصوير عادة قواعد صارمة لاستعمال أسلحة التمثيل. إذ يوفرها متخصصون يقدمون إرشادات بشأن كيفية استعمالها.
ويرى خبير الأسلحة، بيل ديفيز، الذي عمل في العديد من مواقع التصوير التلفزيوني: «إذا وضع أحد ذخيرة حية في المسدس، أولاً لم يكن يجب للذخيرة الحية أن تكون موجودة في موقع التصوير. ثانياً كان عليهم التأكد من خلو المسدس بإدخال قلم في الماسورة والنظر في داخلها، وثالثاً كان عليهم أن يراقبوا الذخيرة التي يضعونها في المسدس».
ويتساءل بعض العاملين في تصوير الأفلام، لماذا لا تزال الذخيرة الخلّب تستعمل أصلاً، في حين أن التكنولوجيا توفر الآن مؤثرات إطلاق النار عن طريق الكومبيوتر، بتقنيات بسيطة.
وكتب الممثل والمخرج، كريغ زوبل، على تويتر: «لا داعي اليوم لوجود مسدسات معبأة برصاصات فارغة أو بأي شيء آخر. لماذا لا تمنع نهائياً بالقانون؟»
وغرد الكاتب التلفزيوني، دايفيد سلاك، قائلاً: «مسدسات التمثيل هي مسدسات حقيقية، والرصاصات الفارغة فيها مواد متفجرة حقيقية. يمكنها أنْ تؤذي وتقتل. إذا كنت في موقع تصوير به أسلحة تمثيل لا تراعي قواعد السلامة في استعمالها، فما عليك إلا أنْ تغادر المكان. ليس هناك برنامج أو تصوير سينمائي يستحق المخاطرة بحياة الناس».
 
التحقيق مع شخصين
يتواصل التحقيق في ملابسات مقتل مديرة تصوير بطلقة رصاص أطلقها أليك بالدوين خلال تصوير فيلم ويسترن، مع التركيز على المشرفة على الأسلحة ومساعد المخرج.
وقد أصيبت هالينا هاتشينز برصاصة في صدرها أطلقها أليك بالدوين من سلاح استخدم أكسسوارا في فيلم «راست»، وفق تقرير التحقيق الأولي. وهي نُقلت بالمروحية إلى مستشفى في نيو مكسيكو حيث أُعلنت وفاتها.
أما المخرج جويل سوزا الذي أصيب في كتفه في هذه الحادثة، فهو في طور التعافي. وقد كشف السبت في بيان نُقل إلى موقع «ديدلاين» أنه «مفجوع بخسارة صديقة وزميلة».
وأشار إلى أن هالينا كانت «مفعمة بالحنيّة والحياة والموهبة».
ويركّز المحققون على دور هانا غوتييريز ريد (24 عاما)، المشرفة على الأسلحة في موقع التصوير، لأنها هي التي حضّرت، بحسب التقرير، المسدّس الناري الذي خرجت منه الطلقة القاتلة. وكانت قد وضعته في عربة مع سلاحين آخرين.
ثمّ قام معاون المخرج دايف هالز المعروف بطول باعه في هذا المجال بإعطاء السلاح لبالدوين خلال التمرّن على أحد مشاهد الفيلم، قائلا له إنه «بارد»، أي أنه غير محشو برصاص فعلي وفق المصطلحات المستخدمة في مجال التصوير السينمائي.
ولم يكن هالز على دراية بأن السلاح كان محمّلا برصاص فعلي، وفق ما جاء في تقرير لمركز الشرطة في سانتا في بولاية نيو مكسيكو.
وبعد الطلقة، رُدّ السلاح إلى غوتييريز ريد التي أخذت الرصاصة المستخدمة وسلّمتها إلى الشرطيين عند وصلوهم، بحسب التقرير.
ولم تطلق بعد أي ملاحقات قضائية في هذا الشأن، وفق ما أفاد ناطق باسم مكتب الشرطة.
 
حادث عرضي
وبقي أليك بالدوين طليقا بعد استجوابه، مع تمحور التحقيقات على فرضية الحادث العرضي.
وأصدر قاض الجمعة مذكّرة تفتيش تخوّل قوى الأمن ضبط المعدّات المرتبطة بالتصوير، فضلا عن الأسلحة والذخائر المستخدمة كأكسسوارات والملابس التي كان يرتديها الممثل وبقيّة أفراد الطاقم خلال وقوع الحادث.
وحصلت المأساة في موقع «بونانزا كريك رانش» المستخدَم على نطاق واسع لتصوير أفلام الويسترن، وقد ضربت الشرطة طوقا حوله ومنعت الدخول إليه.
و»راست» فيلم من نوع الويسترن (أفلام الغرب الأميركي القديم)، من تأليف جويل سوزا وإخراجه ومن بطولة أليك بالدوين الذي يشارك أيضا في إنتاج العمل ويؤدّي فيه دور رجل خارج عن القانون يدعى هارلاند راست يهبّ لنجدة حفيده البالغ من العمر 13 عاما والذي حُكم عليه بالإعدام شنقا بتهمة القتل.
وكتب الممثل البالغ من العمر 63 عاما على «تويتر» الجمعة «لا أجد كلاما للتعبير عن ذهولي وحزني بعد الحادثة المأسوية التي أودت بحياة هالينا هاتشينز» (42 عاما)، مؤكدا «التعاون الكامل مع تحقيق الشرطة بشأن الطريقة التي حصلت فيها هذه المأساة».
 
وأعاد لاحقا تداول مقال لـ «فاراييتي» على حسابه الخاص جاء في عنوانه أنه «اُعلم بأن السلاح الخلّبي آمن قبل الطلقة القاتلة»، من دون التعليق عليه.
 
توترات
ونمّت المكالمة الهاتفية التي تلقّتها خدمة الإسعاف (على رقم 911) عن توتّرات سائدة على موقع تصوير هذا الفيلم المحدود الميزانية.
وبحسب التسجيل الذي تمّ نشره، ردّت صاحبة الاتصال التي لم يُكشف عن هويتها عندما سألتها مشغّلة الهاتف عن وجود رصاص فعلي في السلاح، «لا يمكنني أن أؤكد الأمر... ومعاون المخرج المعتوه هذا الذي صرخ في وجهي وقت الغداء... من المفترض أن يتحقّق من الأسلحة وهو مسؤول عما يحصل في الموقع». وكان ستة أفراد في الفريق التقني للفيلم قد غادروا موقع التصوير قبل ساعات من وقوع الحادثة تنديدا بشروط العمل والظروف الأمنية، بحسب ما أفادت صحيفة «لوس أنجليس تايمز».
فقد شُغّل سلاح يُستخدم أكسسوارا في موقع التصوير مرّتين على الأقلّ عن طريق الخطأ قبل الحادث، وفق ما نقلت الصحيفة عن مصادر لم تكشف عن هويتها لم تحدّد إذا ما كان ذاك هو المسدس عينه الذي تسبب بالحادثة.
ولم تردّ شركة الإنتاج على استفسارات وكالة فرانس برس عن هذا الموضوع.
وكانت غوتييريز ريد التي لم تدلِ بعد بأي تصريح علني منذ وقوع الحادثة قد كشفت في بودكاست نُشر في مطلع أيلول/سبتمبر أنها تردّدت في العمل على فيلمها السابق «ذي أولد واي» مع نيكولاس كايدج لأنها لم تكن أكيدة من أنها مستعدّة لذلك، لكنها أشارت إلى أن التصوير جرى على خير.
وفي السنوات الأخيرة طارت شهرة بالدوين في الولايات المتحدة بفضل تقليده المتقن لشخصية الرئيس السابق دونالد ترامب في برنامج «ساترداي نايت لايف» الساخر الشهير.
وكانت قد تدهورت سمعته في مطلع الألفية إثر طلاق مرير، لكن تحسّنت صورته مجدّدا في أواخر العقد بفضل نجاح المسلسل الكوميدي «30 روك» الذي نال عن دوره فيه جائزتي «إيمي».
وكانت هالينا هاتشينز المولودة في أوكرانيا والمقيمة في لوس أنجليس تُعتبر نجمة صاعدة في التصوير السينمائي.