روسيا تجدد نسيج قلنسوة أوشانكا

بانوراما 2021/10/25
...

 الكسندرا جوزيفا
 ترجمة: شيماء ميران
هي غطاء الرأس الشتوي الاكثر فائدة، يمكن ارتداؤها ببساطة، وتعد الهدية التذكارية الأكثر شهرة يشتريها الاجانب في روسيا، والسمة المشهورة في افلام هوليوود التي تشير إلى روسيا. فماذا يتبادر إلى الذهن عندما نتخيل قلنسوة أوشانكا؟، ربما نتذكر الممثل أرنولد شوارزنيجر في فيلم {القبعة الحمراء}، او ليف أندروبوف رائد الفضاء المخمور في {فيلم أرمجدون}.
ويبدو أن ارتداءها هو مسألة احترام لنمط الشخصية الروسية في افلام هوليوود، خصوصا إذا كانت تجسد عميلا في المخابرات الروسية (كي جي بي).
وبسبب هذه الصورة الواسعة الانتشار، اصبحت أوشانكا رمزا روسيا مشهورا وتذكارا شعبيا، تماما مثل دمية الماتريوشكا وآلة العود الروسية {بالالايكا}. وبالتأكيد إن كنت ستقيم حفلة على الطراز الروسي فلا يمكن حضورها من دون ارتداء قلنسوة
أوشانكا.
 
أصول قلنسوة أوشانكا
لم يكن الروس يرتدون هذه القلنسوة منذ قديم الزمان، كونها لم تظهر إلا في القرن العشرين. لكن على امتداد تاريخ روسيا، كان النساء والرجال الروس، سواء من النبلاء او الفلاحين، يرتدون انواعا كثيرة من القبعات والقلنسوات الشتوية، إذ إن كل منطقة لها نمط وطراز خاص بها من القبعات التي تحمي الرأس من الثلوج والرياح.
كان يطلق على النمط القديم لقلنسوة أوشانكا اسم {تريوخ}، وجاءت هذه التسمية من كلمات روسية تعني الآذان الثلاثة. إذ تتألف من قلنسوة مستديرة ولها ثلاث طيات من الفرو لحماية الأذنين ومؤخرة الرأس والجبهة.
واشتهر هذا النوع من القلنسوات في روسيا منذ القرن السابع عشر، حتى ان خزائن ملابس زوجات القيصر كانت تضم تريوخات فاخرة ومزينة بالجواهر. وفي الوقت ذاته، كانت التريوخات واسعة الانتشار بين الفلاحين الروس في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
يُعتقد أن اصول الأوشانكا  تعود إلى آسيا الوسطى، وعلى الارجح استعارها الروس منهم بعد الغزو المغولي، وربما تكون قد دخلت روسيا عن طريق التجارة مع الدول المجاورة للاراضي الآسيوية. والمثال الاقرب للتريوخ بين سكان آسيا الوسطى هو قبعة {الملخاي} العالية ذات الأقنعة الطويلة.
كما تصف القواميس الاولية للغة الروسية الملخاي على إنها غطاء رأس ذو أذنين كبيرة. وفي الوقت ذاته، فان التريوخ هي قلنسوة شتوية دافئة مصنوعة من الفرو فيها غطاء للأذنين يمكن رفعه او 
إنزاله.
 
اول ظهور للأوشانكا
وتعني الأوشانكا لدى أول مرة ورد ذكرها في القاموس بأنها مفردة محلية تعبر عن القبعة من دون غطاء الاذنين. وكان يعتقد ان أولى القلنسوات والتي تسمى أوشانكا ظهرت في روسيا خلال الحرب الاهلية خلال العامين 1918 و1919، وكانت واسعة الانتشار بين المعارضين البلاشفة للجيش الابيض بقيادة الجنرال ألكساندر كولتشاك، وذكروا أنها كان لها طراز
صيفي.
ظهرت الأوشانكا خلال ثلاثينيات القرن الماضي في بعض الاقسام البحرية للجيش الاحمر. وبحلول عقد الاربعينيات، اصبحت القلنسوة الشتوية جزءا من الزي الاساسي للجيش، وبقيت حتى الآن. ودائما كانت أغطية الأذن مربوطة إلى الاعلى فوق الرأس، وكانت تزين مقدمتها النجمة الحمراء. أما اليوم، فتتم خياطتها دائما من الفرو المصنع الذي كان يتم إنتاجه من جلد الغنم خلال الحقبة السوفيتية.
ومع ذلك، لم تكن الأوشانكا ملحقا بالزي العسكري فقط، بل انها أصبحت جزءا من الحياة الروسية اليومية، إذ  كانت شائعة جدا، نظرا لدفئها خصوصا في المناطق الشمالية.
ويعرض الفيلم السوفييتي الاكثر شهرة (سخرية القدر
-  Irony of Fate) رجلين يرتديان قلنسوة الأوشانكا، إحداهما تبدو رخيصة الثمن ومصنوعة من فرو رديء النوعية، والاخرى تبدو أنيقة جدا. وهذه الحقيقة جعلت المشهد اكثر دراماتيكية، إذ تبدو الشخصية تستحم تحت الدوش وهي لا تزال ترتدي القبعة والمعطف، بسبب حالة من السكر واليأس. 
وكان جميع السوفييت يرتدون قلنسوات كهذه، او يحلمون بواحدة مشابهة. وكان كل من يسافر إلى الاتحاد السوفييتي من الاجانب يختارون لبس الأوشانكا. ومع أن الزعيم السوفيتي ليونيد بريجينيف لم يشاهد مرتديا قلنسوة الأوشانكا، إلا ان جميع جنرالات وقادة الجيش والبلاد كانوا يرتدون قبعة {الباباخا} بلا غطاء
الأذن.
 
حداثة القبعة القديمة
أما اليوم فتُعد قلنسوات الأوشانكا هذه من مستلزمات موضة الشارع العصري، وفي كثير من الاحيان ترتديها النساء. كما يمكن ان تظهر هذه الايام ببساطة على زي المشاهير من ريانا إلى كيم كاردشيان. ويطرح مصممو الازياء في انحاء العالم تصاميمهم حول كيفية ارتدائها وضمها إلى الملابس الاساسية للشتاء القادم.
كما لا تزال الأوشانكا رمزا لرجال سيبيريا والحطّابين الاقوياء.
 
عن روسيا بيوند