وليد رشيد: لا يمكن العمل على مشروع عربي جمالي وأنت تعمل في أفق مسدود

الصفحة الاخيرة 2021/10/30
...

حاوره : خضير الزيدي
 تمكن الفنان وليد رشيد أن يحقق لاسمه الفنية مكانة بين اقرانه الخزافين العراقيين والعرب منذ بداية الثمانينيات حتى يومنا هذا وسجل مكانته من خلال الاختلاف في بنية العمل الخزفي والتطلع باشكال مختلفة واكثر جمالية من غيرها ،اقام العديد من المعارض كان اخرها مع الشاعر شربل داغر  اذا زاوج بين الرسم التجريدي والنص الشعري ،نجح في ايجاد علاقة بين الرسم والشعر  مثلما نجح سابقا في تحقيق تكوينات خزفية ونحتية ابهرت كل من شاهدها
 
* يراودني تساؤل إلا تشعر بان اعمالك الخزفية غريبة على ذائقة المتلقي ؟
 
في سؤالك هذا الكثير من الامر الصحيح  دعني اقل لك “أفسح مجالا للركام فرائحته جمالا هشاً “ لأنني  ارى في هذا العصر ثمة اسئلة كثيرة تراودنا عن أشياء كثيرة ، وهي في حقيقتها محاولة لأن تضعنا أمام الشكل الظاهري لكل تلك الاشياء التي تحيطنا لكن عملية الخلق الفني والجمالي غير ذلك اذ تبدو محاولة لتصحيح وتجاوز ألمألوف وهذا ما يسعى اليه كل فنان يلتزم بقضيته الجوهرية تعبيريا وجماليا. ومن هنا علينا خلق أماكن اخرى من خلال المتراكم من الثقافي والمعرفي.فالعالم يتجدد في كل لحظة كما يقال (زائل وابدي في ان) وعليه فأن فكرة العمل الفني هي سؤال في الفن الذي ابحث من خلاله عن تنفيذ لذلك العمل الذي اسعى ان يكون مختلفا اذ لا يوجد فاصل بين الفكر والفعل وبين رؤية الفنان وفعله.الغرابة في اعمالي انها تبحث عن صيغة وجود لحياة تبحث هي الاخرى عن اختلاف في قواعد وجودنا الادمي
 
* لكن من يتابعك يجدك تتمتع بخيال مختلف في فن الخزف كأنك تريد ان تكسر قاعدة التشابه والالتزام بمعايير اساتذة ممن درست على ايديهم ،هل يصح هذا القول ؟
 
كما تعرف بحكم قربك مني ،كانت بغداد هي الملهم الاول وهي اللهب الاول بالنسبة لي، لكنني في ذات الوقت انا ضد البدايات وضد مفهوم البداية، فمنذ الخطوة الاولى في عالم الفن كنت منفتحا على اشكال التعبير الموجودة والممكنة،.لهذا تبدو اعمالي ولادة طبيعية في مسيرتي الفنية وهي عملية انتقال من مكان الى اخر، وهو مشروع قائم، لكنه يحتاج الى وقت احمله كما احمل همومي اليومية حتى صار جزءا من تاريخي الشخصي ومن قراراتي وتأملاتي في فوضى التاريخ، في ما يخص الخيال وكسر قاعدة التشابه  اجد من الضروري أن نفسح مجالا رحبا للمخيلة لتعمل وتنتج فنا مختلفا والاختلاف الذي لا يحمل سمات جمالية لا قيمة له ،
 
* بتصورك ما السبب ؟
 
السبب يكمن في غياب هاجس التفتيش عن الطرائق التي تتيح خلق عالم اخر، وبسبب اخر التجديد الافق صار لولبياً بمعنى تنويع الجوهر بحوارات بلا حدود. فلا يمكن النهوض بخزف عربي بالمعنى العميق وانت تعمل في افق مسدود بسبب غياب التجديد وهذا لا يتم إلا الاتصال بالآخر واكتساب المعرفة والبحث في كل ما هو جديد من هذا الفن ، لهذا صارت الفنون تجربة حضارية والخزف شريحة منه مثل البركان يتخذ اشكالا تلائم المفهوم، هناك قصور في الرؤية علينا ان نواجه هذا الفن بثقافته العريضة لأنه اصبح ثمرة لبناء مجتمع يعي ثقافة الفن.لا لتمجيد الاشكال بل يجعل منها معارضة فيها التحري عن اللامرئي الكامن في المرئيات .
 
* قدمت معرضا فنيا زاوجت فيه بين النص الشعري والرسم ، السؤال هل هناك اختلاف جوهري قدمته للمتلقي لو قورن الامر مع فن الخزف وجمالياته ؟
 
ارسم لا أكتب تكلمت الكلمة لتجد مكانا في رؤية الاشياء وخلق مفهوم صار رؤية اتطلع اليها ، كل قيمة جمالية مرتبطة بحساسية جديدة وبلغة جديدة ودهشة المتعة في الفعل لتنشد اضطرابا. لا فرق بين الخزف والرسم لان الحياة منحتني مساراً من الخيال بالعلاقات المرتبطة بالواقع المحسوس. الكلمة والطين والألوان هي ادوات فيها من الطاقة الخلاقة في خلق شك في الصورة وتمحو الحدود بين الشكل والمضمون، وتصبح مثل اشياء ذائبة بعضها البعض المعنى لا تراه على السطح ولا في الكلمات، بل في فكرة الحلم ، في متعة الاشياء.كل ما هو ضاع ويضيع هي هوامش في صفحات المعنى فيها طاقة بلحظة التأمل “ من الجاذبية التي ترتكز عليها الحياة ، ما بينهما طبقة شفافة ابحث فيها لأجد ما اريد وقد لا اجد بسبب كثافة المرئي. (ينبغي على الشعر أن يهبنا من رؤية العالم وسر الروح ، كما يهبنا الوجود والموضوعات معاً وفي نفس الوقت ) باشلار
 
* هل ينجح الفن بان يوظف حالة الانكسار والوحدة والهروب من وباء كوفيد - 19   ما الذي يقدمه ليكون بمواجهة المصد القابل للمجابهة ؟
 
“الانسان ينير كل شيء”ان لغة الفن لغة ثرية بالتأويل لانها تلخص لنا معرفة هامة بانجاز بسيط. فيقترح العمل الفني تجربة من اجل اظهار صفة ما اعتُمل في دواخل الفنان ولكنه لا يستطيع ان يبث اغواءه الا بعدم تواطؤ الفنان الذي يخوض التجربة مع محيطه. وما بين ان اعرف ولا اعرف كيف ستؤول الاموراليها، حينما تتحول الفلسفة وتتحول الحدوس العلمية نفسها ومنها الفضاء، الى نوع من الحدس، فالمعنى يتسع ويتغير. واعتقد، بعمق، فالفن لا يمكن ان ينكسر او يهرب او يموت  مادام الموت موجودا اصلا. ان انسحاب الانسان الى داخل ذاته، حيث يعيش هذا الداخل ويعيش فيه. في هذا الانسحاب يزداد الانسان حضوراً لذاته ليصبح اكثر قدرة على التوغل في اعماق الوجود. فالفن هو اختيار المعرفة في صيرورتها فتمنحه الحرية، لهذا أؤمن بان زمان هذه الصيرورة هو العنصر الوحيد الموقظ للاسئلة.