اللواء الدكتور عدي الحساني
تستند العلاقات الاجتماعية في تنوعها على الروابط التي تحكم تلك العلاقات، والتي تتنوع وتتمايز وفقاً للطبيعة، إذ بنيت على أساسها تلك العلاقة، ومن الطبيعي أنْ تحكم تلك العلاقات ضوابط اجتماعية وقانونية ودينية، وتمتد الى الأسرة الواحدة والتي ايضاً تحكمها روابط وضوابط لا يمكن مخالفتها.
وهنا قد نجد أنَّ بعض تلك العلاقات قد تتجاوز الحدود القانونية والدينية والاجتماعية، وتصل الى حد الإجرام الأسري والذي يُعدّ من أخطر أنواع الإجرام التي تشهدها المجتمعات، لأنه يتعامل مع مجرم داخلي خفي بلباس أسري، قد يظهر بأي وقت خالعاً الرداء الأسري، وهنا نكون أمام منحنى خطير جداً في تلك العلاقات، قد تتعدى الحدود الإنسانية كقتل الأب لأفراد أسرته أو بالعكس، ومنها ما قد يتعدى ذلك ليصل الى حد زنا المحارم والعياذ بالله.
هذا الإجرام داخل البيت الواحد ما هو إلا نتاج تطور فنون الجريمة وانتشارها على أرض رخوة تتوافر فيها جميع السبل لانتشارها، منها ما هو مادي كتوافر البنى التحتية الداعمة للإجرام المتجدد كالمخدرات والمشروبات الكحولية وغيرها، ومنها ما هو معنوي كالتخلي عن تربية الأبناء وتركهم الى المعثرات الحياتية التي تأخذهم بعيداً لعالم آخر خارج الأطر المجتمعية، وخلق منهم عناصر سيئة تعمد على رسم سياستها الحياتية بصورة مشوهة تعتمد في مرتكزاتها على عنصر الجريمة، وبالتالي انحرافها عن مساراتها الطبيعيَّة.
فتنامي الجريمة وانتشارها في المجتمع تترتب عليه عدة نتائج، أهمها انعدام السلم والأمن المجتمعيين، وبالتالي يؤدي الى توقف عجلة الحياة، يقابلها تشوه في النسيج الاجتماعي، كونها تخلف آهات وويلات مجتمعية تمتد آثارها الى المستقبل وخالقة أجواءً متشنجة تمتد لثارات يدفع ثمنها الأبرياء من دون ذنب، لنكون أمام مستقبل غامض تتناثر في طريقه العديد من المطبات التي يصعب معها السيطرة على الأفعال المضادة لها.
إذاً تحتاج هذه المجتمعات للخلاص من تلك الحالات الشاذة الى التنسيق والتوحد في الجهود المجتمعية المساندة للجهات العاملة في الميدان من أجل مكافحة الجريمة بأنواعها والتي إذا ما تم الحد منها؛ فهذا يعني القضاء عليها، وبذلك سنضمن أمن المواطن داخل بيته وصولاً لمجتمع آمن خالٍ من الجريمة.