دراغي، شولتز أم ماكرون.. من سيتسلم «تاج» ميركل لزعامة أوروبا؟

بانوراما 2021/11/01
...

  أنجيلا جيوفريدا من روما، كيت كونوللي من برلين وجون هينلي من باريس
  ترجمة: ليندا أدور
على مدى 16 عاما، هيمنت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، على أوروبا كزعيم فعلي في وقت الأزمات، فقد استخدمت براغماتيتها الهادئة والمتحفظة لإدارة دفة القارة من خلال بروز اليمين المتطرف والاستجابة المتخبطة إزاء تدفق المهاجرين، وبالطبع، عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المعروفة بـ «بريكست». 
 
ومع اقتراب نهاية عهد ميركل، سيبرز زعيم أوروبي جديد ليمسك بزمام الأمور، فمن سيكون من بين المتنافسين الثلاثة الرئيسين لخلافتها، هل سيكون الأول وهو ماريو دراغي، التي جاءت زيارة، بيدرو سانشيز، رئيس الوزراء الاسباني لروما في شهر حزيران الماضي، كواحدة من التأييدات الثاقبة لتوليه الزعامة. واصفا رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق، بأنه «المايسترو»، تحدث سانشيز قائلا: «كلما تحدث دراغي الى المجلس الأوروبي، نصمت جميعا لنستمع اليه، وهذا أمر فريد لا يحدث غالبا». 
 
مؤهل وكفوء
كان لدراغي، الذي تولى منصب رئاسة وزراء ايطاليا في شهر شباط، ذات التأثير في مجموعة من الأحزاب السياسية المنقسمة التي شكلت تحالفه الواسع النطاق، الى جانب كونه كان مثار إعجاب لناخبيه، الذين صوتوا للزعيم الإيطالي الأكثر تقديرا، فهو يختلف تماما عما إعتاد عليه الشعب. وقد نجحت حكومة دراغي بإنقاذ برنامج التطعيم في البلاد وإعادة إنعاش الاقتصاد، كما نجحت في اتخاذ إجراءات عملية لإحتواء أزمة تفشي فيروس كورونا، وفي مقدمة ذلك كله، نجح دراغي في تمرير إصلاح مختلف عليه لنظام العدالة الجنائية، والذي يعد مطلبا لإيطاليا بهدف تأمين حصة الأسد لها من  صندوق الاتحاد الأوروبي للتعافي من الأوبئة، اذ يقول: «هناك أشياء يجب القيام بها لأنها تحتاج أن نقوم بها، ليس لغرض الحصول على نتائج آنية، حتى وإن كانت لا تحظى بشعبية». 
بالنسبة لبعض المقربين منه، عرف عن دراغي بأنه براغماتي هادئ وحازم ولا يخشى أن يقولها كما هي، فضلا عن أنه يلقى احتراما خارج البلاد كما في داخلها، وهو الشخص المؤهل والكفوء ليحل محل ميركل كزعيم فعلي لأوروبا. 
 
شولتز البراغماتي
في حال نجح المنافس الثاني، أولاف شولتز بتشكيل حكومة ائتلافية وأصبح مستشارا لألمانيا، فلن يتغير في المشهد الكثير، فقد عزز دوره، عندما شغل منصب وزير المالية في حكومة ميركل، كان مسؤولا عن الحفاظ على استمرار عجلة الاقتصاد، الى جانب إسهاماته المركزية في إنشاء صندوق الاتحاد  الأوروبي للتعافي من كورونا بقيمة 750 مليار يورو، من إلتزامه تجاه الكتلة وثقله كصانع قرار سياسي ستراتيجي. «هو إشارة واضحة الى القوة والتضامن الأوروبي» يقول شولتز في وصفه لصندوق الاتحاد، في الوقت ذاته، كان يرسل رسالة الى جمهوره المحلي مفادها بأن التعافي القوي في أوروبا كان شرطا أساسيا حاسما من أجل تأمين ازدهار اقتصاد المانيا.
لكن هناك ضغوطا قد يتعرض لها شولتز لتولي دور قيادي في قضايا تتعلق بوضع سياسة للاجئين تقوم على أساس التضامن، الأمر الذي لم تنجح ميركل في تحقيقه، الى جانب تحد آخر متمثل بالدفع تجاه الإصلاح البيئي واقترانه بالنمو الاقتصادي، فشولتز براغماتي اكثر من كونه رؤيوي، وقد يسهم هذا في طمأنة خصومه المستقبليين بدلا من المماطلة.
 
ماكرون الطموح
أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهو المنافس الثالث، فقد كان يعمل على رسم رؤيته لأوروبا منذ انتخابه، في خطابه الذي القاه في جامعة السوربون بباريس العالم 2017، مذّاك، جادل مرارا وتكرار بأن على الاتحاد معالجة إخفاقاته، بالقول واصفا أوروبا: «هي ضعيفة جدا وبطيئة جدا وغير فاعلة تماما».
 لكن مقترحاته التي قدمها ومنها الدفاع المشترك للاتحاد الأوروبي وإصلاح منطقة اليورو واتباع سياسة لجوء مشتركة وضريبة رقمية، أحرزت تقدما طفيفا بسبب كبح، جزئي لها، من قبل تحالف ألماني مشلول ودوافع ميركل التحفظية والتوافقية. مع ذلك، ترى القلة من المراقبين للأمر، بأن رحيل ميركل سيمهد الطريق لزعيم فرنسا الطموح والمتعجل، ليحل محلها مباشرة، لكن الغالبية ترى بأنه ليس هناك زعيم واحد يمكن أن يضاهي نفوذ ميركل في ذروته. 
بعد الانسحاب الغربي العشوائي من أفغانستان وأزمة «أوكوس» الأخيرة، أصبح الكثير من قادة الاحاد الأوروبي مستعدين للاتفاق على تقليل اعتماد الاتحاد على واشنطن، رغم أن القلة القليلة منهم يرغبون بالمخاطرة في علاقاتهم العبر أطلسية، لا سيما أن الطريق لا يزال طويلا أمام جيش الاتحاد الأوروبي. فالى أي مدى سينجح ماكرون بدفع أجندته الى الأمام المعتمدة الى حد كبير على نجاح رئاسة بلاده للاتحاد الأوروبي لمدة ستة أشهر اعتبارا من كانون الثاني المقبل، وستعتمد على ضمان إعادة انتخابه في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة في نيسان المقبل.
 
*صحيفة الغارديان البريطانية