شبح غابر من بابل في أقبية المتحف البريطاني

بانوراما 2021/11/04
...

 داليا ألبرغ
 ترجمة: أنيس الصفار   
 داليا ألبرغ
 ترجمة: أنيس الصفار   
روح وحيدة لرجل ملتحٍ يقودها الى الحياة الأخرى والنعيم الأبدي أحد الأحبة، هذه هي الصورة التي أمكن تشخيصها على لوح طيني أثري من بابل عمره 3500 
عام. 
اللوح جزء من {دليل ارشادي} يعود لأحد المشعوذين المشتغلين بطرد الارواح وهو يتضمن شعائر وطقوس التخلص من الأرواح غير المرغوب بوجودها عن طريق معالجة الاسباب والعلل التي أرجعتها الى عالم الاحياء. 
العلة في حالة هذا اللوح هي اشتياق الروح الشديد الى الرفقة، إذ يبدو الشبح هنا وهو يسير ماداً ذراعيه أمامه، ورسغيه مربوطين بحبل تمسك بطرفه الآخر امرأة. مع الصورة نص مصاحب يشرح بالتفصيل الشعائر التي ستعيد تلك الأرواح الحزينة الى عالمها السفلي بعد ان تكون امتلأت سروراً وسعادة.
يقول الدكتور {إرفنغ فنكل} القيم على قسم الشرق الأوسط في المتحف البريطاني، إن هذا اللوح قطعة اثرية باهرة ومذهلة الى أبعد الحدود، لكن لم يتنبه اليه قبل الآن أحد.
يضيف فنكل: {الشيء الواضح ان هذا الشبح ذكر وأنه شقي تعس. حاول ان تتصور شبحاً طويل القامة نحيل العود ذا لحية يطوف في أرجاء المنزل، ولا بد أنه أتعب أعصاب السكان، بعدئذ يخلص التحليل النهائي الى ان هذا الشبح كان بحاجة الى من يمنحه الحب}.
يقول فنكل إننا نستطيع تخيل ما جرى في ذلك اليوم.. فقد تنادى أفراد الأسرة بأن العم فلان عاد ولعله فقد زوجاته. لا أحد يجهل أن التخلص من مثل هذا الشخص يتطلب تزويجه من جديد. ثمة رسالة مكتوبة بشكل صريح وهي كتابة عالية المستوى كما ان الرسم من عمل فنان مجيد.
يعد فنكل حجة ومرجعاً في الكتابة المسمارية، لذلك أدرك أن اللوح قد فكت شفرته على نحو خاطئ في الماضي حين كان الرسم غائباً عن أعين الباحثين، لأن الشبح الذي فيه لا يخرج الى الحياة إلا عند النظر اليه من أعلى تحت مصدر 
للضوء. 
لذا بقي اللوح منسياً منذ حصول المتحف عليه في القرن التاسع ولم يعرض لزائري المتحف أبداً. 
 
رأس وكتفان
يقول فنكل: {تمرّ باللوح وتمضي من دون أن تعيره التفاتة أخرى لأن المساحة التي تشغلها الرسوم ستبدو وكأنها خالية، لكن ما ان تنظر اليها بتمعن وتقرب الضوء حتى تثب الاشكال امامك عبر حجب الزمن على نحو يهز المشاعر. 
إنها قطعة جديرة بدخول كتاب غينيس للارقام القياسية، إذ هل سمع أحد من الناس بصورة شبح قديمة كل هذا القدم؟}.
رغم أن نصف اللوح مفقود وما تبقى منه لا يكاد يغطي راحة اليد فإن ظهره يحمل نصاً مسهباً يتضمن تعليمات تتعلق بكيفية التعامل مع الشبح إذا ما {استحوذ على شخص ما وسيطر عليه ولم يعد بالامكان تحريره منه}. 
تتضمن الطقوس صنع تمثالين صغيرين لرجل وامرأة ثم يلبس الرجل ملابس عادية ويزود بمؤونة سفره. أما المرأة فتلف بأربعة أردية حمراء ثم تلبس رداء ارجواني اللون. تعطى المرأة ايضاً دبوساً ذهبياً مزخرفاً وتزود بسرير ومقعد وسجادة ومنشفة ومشط وقارورة.
يمضي النص مخاطباً منفذ الشعيرة: {عند شروق الشمس تباشر استعداداتك بوضع وعائين من الجعة مصنوعين من العقيق، ثم تضع وعاء ثالثاً خاصاً وتنصب مبخرة تضع فيها نبات العرعر. بعد ذلك تزيح الستارة وتضع التمثالين معاً ومعهما كل تجهيزاتهما وتنطق بالعبارة التالية.. يا شمش يا إله الشمس يا قاضي العالم السفلي في الليل}.
يختتم النص البابلي ذلك بعبارة فيها تحذير: {لا تنظر خلفك!}.
يعتقد فنكل أن اللوح كان جزءاً من مكتبة السحر في منزل طارد أرواح او في معبد، وسوف يحتل هذا الاكتشاف موقعاً بارزاً في كتاب فنكل الذي سيصدر قريباً بعنوان {الاشباح الأولى: الإرث الأبعد غوراً في التاريخ} المقرر نشره قريبا.
يقول فنكل إنه لم يصادف في حياته شبحاً أبداً حتى عندما كان يرتاد أقبية المتحف البريطاني المائجة بالاشباح في أشد زواياها عتمة، على حد تعبيره. يمضي فنكل قائلاً: {هنالك أكثر من شخص رأوا في مكتبة الملك رأساً وكتفين تطوف بالمكان، إلا أنهم استغربوا قصر قامة ذلك الشبح. 
أما المتشككون فقد بقوا يفندون تلك الحكايات الى أن اتضح ذات يوم أن الأرضية الاصلية القديمة للمتحف تقع تحت الارضية الحالية بعمق معين، وقد فسّر هذا الاكتشاف لغز قصر القامة. فمعنى ذلك أن الرأس والكتفين كانا يبرزان ضمن الارتفاع الطبيعي (عند اخذ فارق العمق بين الارضيتين الحالية والقديمة بالاعتبار)}.
يأمل فنكل أن يوضع اللوح البابلي على رفوف العرض ويشير بأن مثل هذه القطعة الاثرية تقربنا اكثر من أسلافنا. يقول: {يثبت لدينا الآن أن كل مخاوفنا وجوانب ضعفنا والخصائص التي جعلت جنسنا البشري كياناً آسراً باهراً الى هذه الدرجة كانت موجودة بالتأكيد قبل 3500 عام. أود أن يعرف الناس المزيد عن هذه الثقافة، فقد استحوذت مصر على اهتمام هوليوود طوال الوقت، ولكن إذا ما كان العالم السفلي البابلي على هذا النحو الموصوف بأية درجة من الدرجات فإن تلك الاشباح لا تزال موجودة إذن، ولنتذكر هذا}.       
روح وحيدة لرجل ملتحٍ يقودها الى الحياة الأخرى والنعيم الأبدي أحد الأحبة، هذه هي الصورة التي أمكن تشخيصها على لوح طيني أثري من بابل عمره 3500 
عام. 
اللوح جزء من {دليل ارشادي} يعود لأحد المشعوذين المشتغلين بطرد الارواح وهو يتضمن شعائر وطقوس التخلص من الأرواح غير المرغوب بوجودها عن طريق معالجة الاسباب والعلل التي أرجعتها الى عالم الاحياء. 
العلة في حالة هذا اللوح هي اشتياق الروح الشديد الى الرفقة، إذ يبدو الشبح هنا وهو يسير ماداً ذراعيه أمامه، ورسغيه مربوطين بحبل تمسك بطرفه الآخر امرأة. مع الصورة نص مصاحب يشرح بالتفصيل الشعائر التي ستعيد تلك الأرواح الحزينة الى عالمها السفلي بعد ان تكون امتلأت سروراً وسعادة.
يقول الدكتور {إرفنغ فنكل} القيم على قسم الشرق الأوسط في المتحف البريطاني، إن هذا اللوح قطعة اثرية باهرة ومذهلة الى أبعد الحدود، لكن لم يتنبه اليه قبل الآن أحد.
يضيف فنكل: {الشيء الواضح ان هذا الشبح ذكر وأنه شقي تعس. حاول ان تتصور شبحاً طويل القامة نحيل العود ذا لحية يطوف في أرجاء المنزل، ولا بد أنه أتعب أعصاب السكان، بعدئذ يخلص التحليل النهائي الى ان هذا الشبح كان بحاجة الى من يمنحه الحب}.
يقول فنكل إننا نستطيع تخيل ما جرى في ذلك اليوم.. فقد تنادى أفراد الأسرة بأن العم فلان عاد ولعله فقد زوجاته. لا أحد يجهل أن التخلص من مثل هذا الشخص يتطلب تزويجه من جديد. ثمة رسالة مكتوبة بشكل صريح وهي كتابة عالية المستوى كما ان الرسم من عمل فنان مجيد.
يعد فنكل حجة ومرجعاً في الكتابة المسمارية، لذلك أدرك أن اللوح قد فكت شفرته على نحو خاطئ في الماضي حين كان الرسم غائباً عن أعين الباحثين، لأن الشبح الذي فيه لا يخرج الى الحياة إلا عند النظر اليه من أعلى تحت مصدر 
للضوء. 
لذا بقي اللوح منسياً منذ حصول المتحف عليه في القرن التاسع ولم يعرض لزائري المتحف أبداً. 
 
رأس وكتفان
يقول فنكل: {تمرّ باللوح وتمضي من دون أن تعيره التفاتة أخرى لأن المساحة التي تشغلها الرسوم ستبدو وكأنها خالية، لكن ما ان تنظر اليها بتمعن وتقرب الضوء حتى تثب الاشكال امامك عبر حجب الزمن على نحو يهز المشاعر. 
إنها قطعة جديرة بدخول كتاب غينيس للارقام القياسية، إذ هل سمع أحد من الناس بصورة شبح قديمة كل هذا القدم؟}.
رغم أن نصف اللوح مفقود وما تبقى منه لا يكاد يغطي راحة اليد فإن ظهره يحمل نصاً مسهباً يتضمن تعليمات تتعلق بكيفية التعامل مع الشبح إذا ما {استحوذ على شخص ما وسيطر عليه ولم يعد بالامكان تحريره منه}. 
تتضمن الطقوس صنع تمثالين صغيرين لرجل وامرأة ثم يلبس الرجل ملابس عادية ويزود بمؤونة سفره. أما المرأة فتلف بأربعة أردية حمراء ثم تلبس رداء ارجواني اللون. تعطى المرأة ايضاً دبوساً ذهبياً مزخرفاً وتزود بسرير ومقعد وسجادة ومنشفة ومشط وقارورة.
يمضي النص مخاطباً منفذ الشعيرة: {عند شروق الشمس تباشر استعداداتك بوضع وعائين من الجعة مصنوعين من العقيق، ثم تضع وعاء ثالثاً خاصاً وتنصب مبخرة تضع فيها نبات العرعر. بعد ذلك تزيح الستارة وتضع التمثالين معاً ومعهما كل تجهيزاتهما وتنطق بالعبارة التالية.. يا شمش يا إله الشمس يا قاضي العالم السفلي في الليل}.
يختتم النص البابلي ذلك بعبارة فيها تحذير: {لا تنظر خلفك!}.
يعتقد فنكل أن اللوح كان جزءاً من مكتبة السحر في منزل طارد أرواح او في معبد، وسوف يحتل هذا الاكتشاف موقعاً بارزاً في كتاب فنكل الذي سيصدر قريباً بعنوان {الاشباح الأولى: الإرث الأبعد غوراً في التاريخ} المقرر نشره قريبا.
يقول فنكل إنه لم يصادف في حياته شبحاً أبداً حتى عندما كان يرتاد أقبية المتحف البريطاني المائجة بالاشباح في أشد زواياها عتمة، على حد تعبيره. يمضي فنكل قائلاً: {هنالك أكثر من شخص رأوا في مكتبة الملك رأساً وكتفين تطوف بالمكان، إلا أنهم استغربوا قصر قامة ذلك الشبح. 
أما المتشككون فقد بقوا يفندون تلك الحكايات الى أن اتضح ذات يوم أن الأرضية الاصلية القديمة للمتحف تقع تحت الارضية الحالية بعمق معين، وقد فسّر هذا الاكتشاف لغز قصر القامة. فمعنى ذلك أن الرأس والكتفين كانا يبرزان ضمن الارتفاع الطبيعي (عند اخذ فارق العمق بين الارضيتين الحالية والقديمة بالاعتبار)}.
يأمل فنكل أن يوضع اللوح البابلي على رفوف العرض ويشير بأن مثل هذه القطعة الاثرية تقربنا اكثر من أسلافنا. يقول: {يثبت لدينا الآن أن كل مخاوفنا وجوانب ضعفنا والخصائص التي جعلت جنسنا البشري كياناً آسراً باهراً الى هذه الدرجة كانت موجودة بالتأكيد قبل 3500 عام. أود أن يعرف الناس المزيد عن هذه الثقافة، فقد استحوذت مصر على اهتمام هوليوود طوال الوقت، ولكن إذا ما كان العالم السفلي البابلي على هذا النحو الموصوف بأية درجة من الدرجات فإن تلك الاشباح لا تزال موجودة إذن، ولنتذكر هذا}.