أزمة «كوفيد - 19» تفاقم مشكلات الصحة العقليَّة في العالم

بانوراما 2021/11/09
...

 نيكولا ديفز
 ترجمة: أنيس الصفار
وجد الباحثون أن حالات القلق والاكتئاب في مختلف انحاء العالم قد تصاعدت بشكل دراماتيكي خلال العام 2020، حيث ارتفعت الإصابة بالقلق بمقدار 76 مليون حالة والاصابة بالاضطراب الاكتئابي الحاد بمقدار 53 مليون حالة عما كان يمكن توقعه لولا حدوث جائحة كوفيد - 19
تعد هذه الدراسة أحدث إشارة الى أن الجائحة قد ألقت بعبء جدّي وثقيل على أوضاع الصحة العقلية، وأن النساء وصغار السن كانوا الأرجح تأثراً بذلك من الرجال او كبار السن.
يقول الباحث الأول في الدراسة الدكتور “داميان سانتومورو” من جامعة كوينزلاند: “نعتقد ان السبب وراء تلك النتائج هو ان احتمال كون النساء اكثر تأثراً بالتبعات الاجتماعية والاقتصادية التي احدثتها الجائحة.”
يمضي الدكتور سانتومورو مضيفاً أن احتمال الاضطلاع بمزيد من اعباء الرعاية والمسؤوليات يكون اعلى بين النساء نظراً لإغلاق المدارس او بسبب توعك الاوضاع الصحية لبعض افراد الأسرة الاخرين. كذلك لأن رواتب النساء تكون أدنى عادة ومدخراتهن وضمانات العمل بالنسبة لهن اوطأ من الرجال وهذا يجعلهن اكثر تضرراً في الجانب المالي إبان فترة الجائحة. يعتقد سانتومورو ان العنف المنزلي له بعض الدور ايضاً.
لكن صغار السن واجهتهم سلسلة من التحديات كذلك.
يقول سانتومورو: “لقد تأثر اليافعون بإغلاق المدارس ومؤسسات التعليم العالي، كما منعتهم القيود الواسعة من التفاعل مع اقرانهم، كما أن الشبان معرضون للتحول الى عاطلين عن العمل بعد الأزمة الاقتصادية.”
 
نسبة النساء أكثر
يبين فريق الباحثين المنتمين الى دول عديدة من خلال تقريرهم المنشور في مجلة “لانسيت” كيف استمدوا معلوماتهم من 48 دراسة نشرت خلال المدة من 1 كانون الثاني 2020 الى 29 كانون الثاني 202 تتضمن بيانات لعمليات مسح تناولت تفشي الاضطرابات الاكتئابية او القلق في مختلف البلدان قبل جائحة كوفيد وخلالها. 
حلل الفريق المذكور كيفية تماشي هذه التغيرات مع مؤشرات التأثير التي سببتها الجائحة، مثل قدرة الناس على التحرك والانتقال ومعدلات الاصابة اليومية بالمرض. بعد ذلك استعانوا بالمعلومات التي حصلوا عليها لصنع نموذج يمكنهم من استقراء التغيرات التي حدثت في شدة انتشار الاضطرابات العقلية من فترة ما قبل الجائحة وخلالها على نطاق العالم، وقد اخذ الباحثون بنظر الاعتبار العمر والجنس والمنطقة. شملت التغطية حتى تلك البلدان التي لم تتوفر فيها معلومات منظمة تتعلق بالصحة العقلية خلال فترة الجائحة، وينبه الفريق الى ان هذه الاستقراءات ينبغي أخذها بشيء من الانتباه والحذر. 
من خلال ضم هذه التحولات الى التقديرات التي أجراها كل بلد على حدة لمستويات انتشار الاضطرابات الاكتئابية والقلق خلال فترة ما قبل الجائحة، والاستعانة بنموذج ثانٍ، يقدر الفريق ان عموم العالم قد شهد 246 مليون حالة اكتئاب و374 مليون حالة قلق خلال العام 2020، وهذا يمثل ارتفاعاً مقداره 28 % (بالنسبة للاكتئاب) و26 بالمئة (بالنسبة للقلق) مما كان متوقعاً لولا حدوث الجائحة.
شكّلت النساء ما يقارب ثلثي الزيادة المذكورة من حالات الاكتئاب (الاضافية) و68 % من حالات القلق (الاضافية)، في حين كان صغار السن اكثر تأثراً من البالغين وتركزت أعلى نسبة من الحالات الاضافية بين من تراوحت اعمارهم بين 20 و24 عاماً.
يقول الفريق: “تفيد تقديراتنا بأن المناطق التي اشتد عليها وقع الجائحة في العام 2020 كانت هي التي عانت من اقصى درجات الارتفاع في حالات الاكتئاب والقلق”. ويبدو ان بعض انحاء اوروبا الغربية والشرق الأوسط كانت من بين تلك المناطق. 
يقول سانتومورو إن الجائحة قد سلطت عبئاً ثقيلاً على انظمة معالجة الصحة العقلية التي كانت مجهدة اصلاً.
ويمضي مضيفاً: “علينا أن نجري مراجعة جادة لكيفية تعاطينا مع متطلبات رعاية الصحة العقلية في المجتمعات التي تواجه صعوبة في الاستمرار، وآمل ان تقدم نتائجنا بعض الارشاد لمن يتحملون عبء اتخاذ القرارات بشأن ما الذي ينبغي اعطاؤه الأولوية وأي الشرائح والطبقات هي الاكثر تأثراً.”