انطلاق فعاليات المربد الـ 33 .. دورة الشاعر حسين عبد اللطيف
ثقافة
2019/03/08
+A
-A
البصرة/ صفاء ذياب
انطلقت مساء الأربعاء الماضي فعاليات المربد الشعري بدورته الثالثة والثلاثين، دورة الشاعر حسين عبد اللطيف، بمشاركة المئات من الشعراء العراقيين والعرب والأجانب، الافتتاح الذي أقيم على قاعة الموانئ في مبنى محافظة البصرة الجديد أفتتح بكلمة لفخامة رئيس الجمهورية، الدكتور برهم صالح، قائلاً: "لعلَّ من مأثور القول هو التأكيد البلاغي الجدير بالاعتبار والقائل: تحت كلِّ نخلة في العراق شاعرٌ.
لكن البصرة، بنخلها والشط، تلهمنا أن نقول: إنَّ كلَّ نخلة في البصرة هي قصيدة، وكل غابة نخل فيها هي شعر.
أنتم برفقة نخل البصرة وغاباته الآن، برفقة القصائد والشعر، تضيفون ألقاً، وتبتكرون غاباتٍ من الجمال والفن، ومن درر الكلام"، وأضاف رئيس الجمهورية أنّ هذه بعضُ المهمات الإنسانية للشعر؛ أن يزيد مساحة الجمال في الحياة، وأن يوسّع أفق الحرية فيها، مؤكداً أنّ الشعر، بوصفه حافظاً للتاريخ الروحي للأمم والشعوب، جدير بهذه المسؤولية، جدير بأن يظلَّ حارساً وحافظاً لإنسانية الإنسان وكرامة عيشه على الأرض.
كلمة رئيس الجمهورية تبعتها كلمات للسيد وزير الثقافة والسياحة والآثار الدكتور عبد الأمير الحمداني، ولمسؤول الحكومة المحلية الأستاذ صباح البزوني، ولضيف شرف المهرجان هذا العام اتحاد الأدباء والكتاب في سوريا، وللاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، ولاتحاد الأدباء والكتاب في البصرة، وكلمة لشركة آسياسيل، الداعم الدائم لمهرجان المربد.
كما ضمّت احتفالية الافتتاح عرضاً لفيلم عن الشاعر حسين عبد اللطيف بعنوان (الشاعر) للمخرج فائز ناصر الكنعاني، وفقرة موسيقية مع الفنان د.علي مشاري، وعزفا لفرقة البصرة الوطنية للفنون الشعرية، فضلاً عن الجلسة الشعرية الأولى التي شارك فيها شعراء عراقيون وعرب.
هذه الفعاليات الرئيسة، أقيمت إلى جانبها فعاليات أخرى، كالمعرض الفوتوغرافي الذي أقامته الجمعية العراقية للتصوير، وشارك فيه عدد من فناني مدينة البصرة، ومعرض للكتاب أقامته دار الشؤون الثقافية العامة.
اليوم الثاني
كان اليوم الثاني من المربد حافلاً بعدة فعاليات، فقد أقيمت الجلسة الشعرية الصباحية الأولى في مركب أخذ الشعراء بين أمواج شط العرب، وكانت من تقديم الشاعرة لوركا سبيتي، لتتبعها الجلسة النقدية الأولى التي كانت تحت عنوان (علاقة المثقف بالسلطة والفعل الثقافي)، أدارها الناقد
علي الفوّاز وكان مقررها الناقد عبد الغفار العطوي، أما
النقاد الذين شاركوا في هذه الجلسة، فهم: د.نادية هناوي، محمد أبو خضير، علي عباس خفيف، صادق الصكَر، وعلوان
السلمان.
في حين كانت الجلسة الشعرية المسائية من تقديم الدكتور ماهر الكتيباني، لتبدأ بعدها الجلسة النقدية الثانية بعنوان (الهوية الثقافية في منجز إسماعيل فهد إسماعيل) أدارها الدكتور سلمان كاصد وكان مقررها القاص جابر خليفة جابر، شارك في هذه الجلسة عدد من النقاد والكتاب، القاص محمد خضير، الكاتب فهد الهندال، الناقد حسن المطوع، الدكتور عبد علي حسن، الدكتور عادل عبد الجبار، وكان من المؤمل أن يشارك الدكتور ضياء الثامري، غير أنّه لم يتمكّن من
الحضور.
هذه الفعاليات لم تنتهِ بنهاية الجلسة النقدية، بل كانت هناك حفلات توقيع لعدد من الكتب التي طبعت خصيصاً للمربد على نفقة شركة آسياسيل
للاتصالات.
كما استمر معرض الكتاب الذي تقيمه دار الشؤون الثقافية العامة، وأضيف له معرض آخر خصص لمنشورات دار المأمون المتخصصة بالترجمة.
اليوم الثالث
كان صباح اليوم الثالث مختلفاً في هذا المهرجان، فقد افتتحت بزيارة حضور المهرجان إلى شارع الفراهيدي للثقافة والكتاب للاطلاع على آخر مستجدات المكتبات والكتب المعروضة في الشارع، ولترسيخ ثقافة القراءة في مدينة البصرة، لتبدأ بعدها الجلسة الشعرية في قاعة فندق الشيراتون التي كانت من تقديم الشاعرة نوال
الحوار.
أما الجلسة النقدية الصباحية فكانت تحت عنوان (القصيدة مشروعاً حداثوياً.. حسين عبد اللطيف)، التي كانت بإدارة الدكتور حامد الظالمي، والدكتور مسلم حسب مقرراً، في حين شارك فيها كل من النقاد: د.فهد محسن فرحان، د.حسين فالح، نجاح عباس، شاكر حمد، زهير الجبوري، ومقداد مسعود.
في حين قدّم الجلسة الشعرية المسائية الشاعر معن غالب سبّاح، لتتبعها الجلسة النقدية التي كانت بعنوان (الهوية الوطنية والوعي الاجتماعي.. الحداثة والتقليد)، بإدارة عالية طالب، والدكتور عامر السعد مقرراً، وقد شارك فيها: ياسين النصير، د.علي حدّاد، سلام حربة، د.محمد
البدراني.
حول المهرجان
كان الحضور الكبير للضيوف العرب والأجانب إضافة مهمة في هذه الدورة، لهذا سعينا لأخذ آرائهم حول هذا المهرجان الشعري.
يرى الروائي والصحافي المصري سعد القرش أنّ من إحدى وجهتي النظر، لا يقدّم هذا المهرجان جديداً لأنّه تحصيل حاصل باعتبار العراق بلد الشعر، فتحت كل حجر في هذا البلد وخلف كل شجرة، شاعر وقصيدة.
لكنّه من وجهة النظر الأخرى مناسبة مهمة للقاء الشعراء العرب سنوياً، فهو ليس مكسباً معرفياً بقدر ما هو مكسب اجتماعي، لكي يتعرّف العرب على المشهد الشعري في العراقي، والمشهد الإنساني أيضاً.
مضيفاً: لكن الجانب الذي فاجأنا في العام الماضي وهذا العام طغيان القصيدة الكلاسيكية، وكأنّ العراق منذ الحصار وحتى الآن لم يتعرّف على القصيدة الحديثة إلّا في استثناءات قليلة من شعراء يتواصلون مع أندادهم ونظرائهم ومجايليهم في العالم العربي، وهؤلاء قلة، فالقصيدة العمودية عراقياً كانت هي السائدة، ولا أقصد العمودية كشكل، بل كقيمة تطورية وحداثية، فأغلب ما قرئ كان تقليدياً، بل لا يحتوي على أيّة شعرية بأي شكل من الأشكال، "ما أبحث عنه هو جوهر الشعر الذي لا علاقة له بالشكل.
الغريب أن الشعراء العراقيين خارج المربد شعراء حداثيون ويبحثون عن التجديد أينما كان، وكان لي تجربة بأن نشرت ثلاثة ملفات عن الشعر العراقي بمراحل مختلفة، وكانوا أنموذجاً للتجديد الشعري، لكن هذا ما لم نره في المربد".
في حين تؤكّد الشاعرة
السورية سمية صالح من سوريا أن المربد من أهم المهرجانات التي تقام عربياً الآن، نظراً لاتساع الدائرة التي يُدعى منها الشعراء، فهو يمثل البلدان العربية لها دون
استثناء.
الجميل في هذا المهرجان التنوّع، فليس هناك جنس أدبي محدد في الجلسات النقدية، والتنوع في الحضور وفي الدعوات والمشاركين، لهذا يعد قيمة مضافة لأي شاعر يشارك فيه.
وفي جوابها عن سؤالنا إن كان الشعر العراقي ما يزال رائداً للحداثة، قالت صالح: إنّ العراق عتبة الثقافة العربية، والبصرة تحديداً من خلال الأسماء التي مرّت عليها، لا يمكن أن تكون عابرة في الثقافة العربية، فالبصرة بدأت منذ زمن سيبويه والفراهيدي وصولاً إلى السيّاب وما بعده.
فالشجن الموجود في الشعر العراقي يُغري بالاستماع، وبالتأكيد لا بدَّ أن يكون هناك تفاوت في الشعر، وليس في العراق فقط، غير أن اللافت في الشعر العراقي الآن الحداثوية واللجوء إلى قصيدة النثر وهذا إبداع بحد ذاته، رغم الشعراء الذين يكتبون القصيدة العمودية، وفي العراق شعراء كبار ويوجد أيضاً من يدّعي كونه شاعراً.
أما عن تشابه الظروف بين العراق وسوريا في إنتاج القصيدة الجديدة، فقد بيّنت صالح: إنّ لديها قناعة بأن الشعر وحده من يكتب التاريخ، وهو من يقرأ الحقيقة فيما بعد، فإن كان في العراق أو سوريا عليه أن يكتب الشاعر هذا الجرح، وتشابهنا يأتي من كون الظلم واحد والمعاناة واحدة والألم واحد، فلا بدَّ أن يكون هناك تشابهاً، بفرق المعاني بين منطقة وأخرى.
في حين يشير الناقد الكويتي حسين المطوّع أنّه كان سعيداً بدعوته لحضور مهرجان المربد لأسباب عدة، أولاً للاحتكاك بأسماء مهمة ومعروفة على الساحة العربية، وثانياً لمركزية العراق ورمزية البصرة التي قدّمت أهم القامات الشعرية على مدى التاريخ، لكن "عندما أتيتُ كنتُ محمّلاً بالتوقعات، فمن الجانب الثقافي كان كلّ شيء رائعاً، أن تستمع لشعراء من دول عدة، عربية وأجنبية، وأن تلتقي بأسماء كنت تحلم بلقائها، لكن من الجانب التنظيمي وجدت أن هناك تلكؤاً وعدم دراية بكيفية استقبال الضيوف، وكان كلّ شيء دون المستوى المطلوب حتى على مستوى تنظيم البرنامج وترتيب
الجلسات.
وتبقى الميزة المهمة الاحتكاك بكل هذه الأسماء من الثقافات المختلفة، وأسماء لها تاريخ طويل في المجال الثقافي".
أما عن المستوى الشعري الذي استمع إليه المطوّع خلال الأيام السابقة، فقد أكّد أن ما قرئ لم يكن جيداً بشكل عام، خصوصاً في الجلسة الافتتاحية التي كانت مخيّبة للآمال على حدِّ قوله.
هذا وتختتم فعاليات المربد الثالث والثلاثين مساء اليوم السبت، وسيقرأ خلال حفل الختام البيان الختامي والتوصيات التي يتمنّى الشعراء الالتزم بها بحضور السيد وزير الثقافة العراقية، وأن لا تكون كتوصيات الأعوام السابقة التي لم يعر المسؤولون أيَّ اهتمام
لها.