ذوالفقار يوسف
ها نحن في نهاية العام نترقب، بصمت وخوف لا مثيل لهما، ونعقد الآمال لعلنا نجد بزوغها، أن نكون كما يجب أن نكون كأبناء بلد الحضارات، وأن نتقدم خطوة تلو الاخرى نحو مستقبل نريده، نراه في أماكن لم تكن قبلنا بشيء، هل من المستحيل أنْ نقترب من الأفق لمرة واحدة؟، هل ولادتنا الجديدة صعبة لهذه الدرجة؟، فهذا كل ما نريده منذ سنوات مضت، أن يُخلق لنا بلد جديد يقف على ساقيه ويمضي نحو شعاع المستقبل بلا عقبات.
وتمر الأعوام وترافقها الأزمات، فمنذ الإرهاب الذي مزق رداء الوطن، حتى هجمات الوباء التي اكملت ما فعلته الحروب بأبناء البلد، ومع كل هذه الحطامات ما زلنا نقف، وبالرغم من وقوفنا على حافة الهاوية، الا اننا تعلمنا أن نكون قادرين على الاستمرار، وألا نستسلم مهما تكررت الصعاب، وها نحن نمضي، ونقبل على عام جديد، بامنياتنا و أرواحنا وآمالنا، لعلنا نجد ذلك الوطن الذي كنا ننتظره منذ أمد.
عاطل عن الأمنيات
لم تكن أحلامنا كبيرة، كانت كأمنيات أطفال ليس الا، فهذا يريد الأمان وآخر يتمنى السلام، وآخر يريد اطعام أطفاله، محمد مؤيد (27 عاما) احد هؤلاء، فهو لم يطلب المستحيلات، فقط كل ما يريده أن يعيش وأسرته بكرامة، يقول محمد «ما زلت أبحث عن عمل يسد احتياجاتي واسرتي، ومع وجود الوباء والوضع الاقتصادي السيئ الذي جعل السوق تغلي بالأسعار، صارت حياتي صعبة جداً، وباتت محاولاتي في ايجاد عمل من أولى الأمنيات لدي».
مؤيد لم يطلب امتلاك ثروات او السفر والتمتع بالحياة، فهو يشاهد أطفاله والعوز والفاقة تسيطر عليهم بعد أن هدمت آماله الحواجز التي تواجهه كلما ذهب للبحث عن عمل يخلصه من الفقر، ليكتفي من الأمنيات.
سانتا العراق
بعد محمد ويأسه توجهنا نحو الآنسة ظمياء علي (26 عاما) وتفاؤلها، فهي تؤمن أن هناك من سينقذ البلد من أزماته، اذ ابتسمت بخفة وقالت: «لن يحدث ذلك ما لم نؤمن به، ونحدد مفهومنا في قادم الايام، بأن يكون هناك منفذنا نحو عراق افضل، لذلك ستراني ابتسم دائماً، كيف لي باليأس الذي سيزيد الطين بلة؟، ما هي النتائج الذي سيقدمها لي حزني على البلد وما فيه؟».علي تحاول قدر استطاعتها التمسك بهذه الابتسامة، وتتأمل دائماً بعراق جديد، اذ لم تفارق الابتسامة وجهها منذ أن سألناها عن أمنياتها للعام المقبل، وتختم قولها «صحيح انني لا اؤمن بسانتا كلوز، الا انني اؤمن بأنه في يوم ما سيأتي للعراق ليقدم هداياه لأبنائه».
مسطرة
وكما تنتظر ظمياء العراق الجديد وعامه، ننتظر نحن ذلك الشعاع الذي يجعل البلد قابلاً للنهوض، ومثلنا الطالب مرتضى ناجي (22 عاماً) وهو يمسك مسطرته ويتلمس الخطوط فيها
ويقول: «العراق كهذه المسطرة وأرقامها، كل رقم فيها يعبر عن أزمة قد مر بها، الا انه يظل مستقيماً مهما حدث، متمسكاً بقوته واستقامته، لا يهزه او يكسره اي شيء، ولم يمل بالإرهاب ولا الأمراض».
وضع الطالب ناجي مسطرته في دفتره ليخط بقلمه مستقيماً، ووضع اصبعه ليشير الى هذا الخط «هذا كل ما أريده لبلدي في العام المقبل، أن يكون كهذا الخط في مسيره نحو المستقبل، لا ميلان له ولا تعرج ولا انكسار، واضحاً ومنطلقاً نحو المستقبل، بلا معرقلات ولا عقبات، مستقيماً فقط نحو
القمم».
بين التدخين و2022
وتتواصل الأمنيات بالظهور، آمال لا حصر له، بسيطة واخرى صعبة الحصول، الا أن الجميع متفق على حصولها ما ان التزموا
بالإصرار. وبين هذا وذاك كان مسلم عقيل (25 عاما) يدنو من تحقيق حلمه، فهو قد قرر أن يقلع عن التدخين ما أن يدخل العام
الجديد.
اذ يقول مسلم «ما الفرق بين الدخان الذي استنشقه، وبين ذلك الذي يملأ سماء الوطن، لم تكن امنية خاصة، لذلك كل ما اريده هو أن يزول كل شيء يجعل الوطن مريضاً، وأن نتولى تحقيق ذلك بارادتنا وحزمنا، بأن نخلق الهواء النظيف ليستنشقه البلد ويقوى على الاستمرار، وأن نخلصه من السموم المتكررة الحصول، كالفساد والارهاب والاوبئة والأزمات والعقبات، ونقف فوق ترابه لننشد معا اناشيد التطور والنهوض، لكي نراه
مجددا.
ذلك العراق الذي كانت تحسده الأمم والشعوب، لنقول بصوت واحد، ها قد اقبل عام آخر، فيا أيها الوطن الحبيب انهض مجدداً لنعيشه معاً».