المنطقة والسياسات المؤجلة

الرياضة 2021/12/30
...

علي حسن الفواز
من الصعب تغييب قراءة ما يحدث في المنطقة، والتغافل عن تداعياته السياسية والأمنية، والتي يمكن توظيفها في سياسات الضغط والتهديد وفرض العقوبات وتدوير الأزمات، وفي رسم خرائط  لملفات المنطقة، لكن سياسة الإرجاء والتأجيل ستكون هي الحاضرة، وتحت عناوين شتى، وكأن في أمر التأجيل انتظاراً لشيءٍ ما، قد يغيّر الحسابات، والخنادق، لاسيما  مع  طبيعة التغيرات الجيوستراتيجية التي يمكن أن يُثيرها ما سيتحقق في مباحثات الاتفاق النووي بين إيران ودول 5 + 1 سلباً أو ايجاباً، إذ سيفتح هذا الاتفاق، وعبر ملفاته السرية حديثاً عن الخفايا، وعما يتعلق بإدارة السياسات في المنطقة، وبعلاقات ايران المثيرة للجدل مع دولها، وهو أمرٌ تدفع الولايات المتحدة والدول الاوروبية باتجاه السيطرة على ايقاعه، رغم ممانعة ايران في ذلك، بوصفه تدخلاً في شؤونها الداخلية، وفي حقها الدفاعي والدبلوماسي عن مصالحها، وعن خياراتها السياسية.
التوترات الاقليمية، وطبيعة ملفات المنطقة المأزومة لا يمكن تركها للمجهول، ليس لأسباب تتعلق باقتصاديات الغاز والنفط والممرات المائية، او للتورط في الحروب الناعمة، بل لاسباب تدخل فيها الاخطار المحتملة لخفايا الصراع الدولي، وطبيعة اصطفافاته الستراتيجية المعقدة، لاسيما ما يتعلّق بما هو شائع في الحرب مع الجماعات الارهابية وبيئاتها الحاضنة، وفي ما هو مخفي في حرب الأسواق، والأسلحة النووية، وحرب الجيران، والموقف من الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، خاصة بعد التصريحات الخطيرة لـ"محمد دحلان" الاخيرة، وما هو اجرائي في توسع سياسات التطبيع مع اسرائيل، وهي قضايا تتجاوز ذاكرة الماضي ونزعاته الرومانسية ومواقفه القومية والجيفاروية، وعلى نحوٍ يمكن أن يُدخل المنطقة في حسابات معقدة، قد تُزيد من خارطة الصراعات والعنف الأهلي، وتهدد مصالح الآخرين، وتُضخّم من مشكلاتهم الداخلية والاقليمية، لا سيما لبنان واليمن وسوريا. فرغم ما حفلت به بعض التوجهات والزيارات التي شهدتها دول المنطقة، فإن الواقع يظل مسكوناً بغموض الانتظار والتأجيل، ورهيناً بما سيتمخض من مفاوضات فيينا، وبحسابات لا نظنها ستقف عند ملف الاتفاق النووي، بل ستفتح ملفات "المسكوت عنه" وباتجاه واقع جيو سياسي واتفاقات قد تغيّر وجه المنطقة، وتضع دولها أمام رهانات وخيارات اخرى.