اختراقُ الحسابات الشخصيَّة على مواقع التواصل خصوصيَّةٌ منتهكةٌ وحياةٌ مهددة

ريبورتاج 2022/01/03
...

 د.سماء الزبيدي 
استلمت رسالة تطلب إدخال أرقام على هاتفي، أهملتها من دون التمعن بالجهة المرسلة بسبب انشغالي مع الأسرة، وفجأة فقدت حسابي على موقع انستغرام الذي يضم 2 مليون متابع وارشيف عمل ونشاطاً على مواقع التواصل لثماني سنوات، كان الامر أشبه بدخول احد لمنزلي وسرقة ممتلكاتي
 (هديل العزاوي – مؤثرة في مواقع التواصل الاجتماعي)، عالمنا الرقمي الذي اصبحنا جزءا منه واندمجنا فيه برغبتنا الشخصية ودافع الفضول والبحث عن التطور ومواكبته، او فرضت علينا متطلبات الحياة وظروفها الحاجة الى الانخراط فيه، أصبح يجسد حياتنا الواقعية عبر شاشات ذكية، ويعرض أحداثها ويشاركها مع من لا نعرفهم احيانا، حتى بات هذا العالم الذي يهرب البعض من الواقع اليه مسرحا لجرائم عدة منها السرقة، سرقة الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعية تتزايد مع الوقت ويصمت الكثيرون عنها، او يتعاملون معها ببساطة متجاهلين ما تسببه من جرائم اخرى.
 
ابتزاز مالي
أغلب حسابات الأفراد على مواقع التواصل ضمت صورا ومقاطع فيديو يمكن أن تكون ثغرة للايقاع بالضحية واستدراجها في مجتمعاتنا، تروي العزاوي: عشت أصعب أيام حياتي بعد سرقة حسابي، فلم أذق طعم النوم أنا وأسرتي، وليالٍ مع مفاوضات مستمرة مع السارق طلب فيها مبلغاً ماليا ضخماً لاعادته، وحين لم استجب بدأت بتلقي التهديدات بانهاء حياتي ومستقبلي الأسري والمهني بفبركة صوري المنشورة بطريقة لائقة وطبيعية جدا، وتركيبها على صور اخرى او مقاطع فيديو وهنا بدأت دوامة التفكير بسمعتي وما ينتظر أولادي اذا ما نفذ ما يقول فعلاً. تبيّن الدراسات أنًّ أغلب من يتعرض لمثل هذه الجرائم هم النساء والمراهقون، والكثير من الضحايا يتعرضون لصدمات نفسية نتيجة الابتزاز، ومنهم من يقدم على الانتحار بالاخص المراهقون منهم، وكثيرا ما تخلف هذه الحوادث مشكلات عائلية واجتماعية ابرزها فقدان الثقة بالآخرين والشك بالمحيطين.
 
خلافاتٌ اجتماعيَّة
أحياناً تكون الحسابات الشخصية على مواقع التواصل أرضاً خصبة للانتقام او التشهير بالآخر، نتيجة الخلافات الاجتماعية، فنتيجة مشادة كلامية وخلاف أسري وصل الى رفع قضية طلاق في المحكمة دفع بزوج الى التشهير بزوجته على مواقع الـ"فيسبوك"، بعد أن نشر صور حفلة خطوبتهما وصور عائلية اخرى وارفقها بكلمات بذيئة في حسابها بعد ان قام بسرقته، في حالة واقعية أخرى مجهول يراسل فتاة يتوعدها بتحطيم حياتها وأن يمنعها من اكمال حياتها بانشاء حساب باسمها مع كلمات غير اخلاقية وارفاق صورتها الشخصية. ما يخلق أزماتٍ ونزاعاتٍ وتكون فجوة من الصعب ردمها نتيجة أفعال او ردود أفعال انفعالية غير واعية او نتيجة خلل في السلوك الاخلاقي وتبني القيم الاجتماعية.
 
تقنياتٌ وثغراتٌ معلوماتيَّة
تعد برامج التجسس والسرقة الالكترونية سلاحاً خطراً يهدد الانظمة الالكترونية، ومستخدميها. يُبيّن الدكتور حسن هادي لذيذ - مختص في الامن السيبراني يمكن اختراق الحسابات الشخصية بعدة طرق منها:
استغلال الثغرات، فقد تنشأ الثغرات الأمنية في الانظمة أو المواقع نتيجة للأسباب مثل الأخطاء البرمجية، قد تؤدي الى تمكين الوصول إلى النظام او الحساب والسيطرة عليه والميزات المقصودة، وهي الطرق الشرعية والموثّقة التي يُسمح للتطبيقات من خلالها بالوصول إلى النظام والهندسة الاجتماعية. ويحدث ذلك إذا قمت بالضغط على رابط URL او عن طريق إشعارات تسجيل الدخول المزيفة وأدخلت بياناتك عبر شاشة تسجيل مزيفة لتطبيق الـ"فيسبوك" مثلاً وسرقة كلمات المرور التي يمكن للبرمجيات الضارة أيضًا سرقة بيانات تسجيل الدخول، ويعد بيغاسوس من البرامج الخبيثة التي تعمل بطرق مختلفة وجزء من تطويرها يتعلق بتطوير آليات الاستهداف، إذ يكفي أن تقوم جهة ما بالاتصال بالشخص المستهدف لفترة ما بين 8 و10 ثوان، ليتم تنزيل وتثبيت البرنامج حتى لو لم يرد على المكالمة.
 
الهكرُ الأخلاقيُّ المعتمد
إنَّ استخدام هذه البرامج له اخلاقيات ومن يمارسها بشكل قانوني واحترافي لاغراض تشخيص الثغرات الامنية، ونقاط الضعف في الانظمة الالكترونية يكون حاصلا على شهادة تسمى (الهكر الاخلاقي المعتمد)، ويعدُّ حاملُ هذه الشهادة فنيا ماهرا يستخدم ذات الادوات التي يستخدمها الهكر الخبيث، لكن بطريقة قانونية لاغراض تشخيص امن النظام او البرنامج، وبخالفه تُعدُّ جريمة يحاسب عليها القانون، ومع أن القانون العراقي يُعالج بعض الحالات من الجريمة الالكترونيَّة ولا يمكن أن نغضَ الطرف عن جهود الشرطة المجتمعية والامن الوطني لمواجهة حالات الابتزاز، الا أن المشرِّع لم يعالج مشكلة سرقة الحسابات الشخصية وباقي الجرائم الالكترونية بشكل مباشر ومواد قانونية متخصصة. 
ويعبر د.لذيذ عن طموحه بتشكيل هيئة خاصة بالأمن السيبراني والتوعية بأهميته، اسوة بالدول الاجنبية والاقليمية، وسن قوانين خاصة بالجريمة الالكترونية كما في بعض الدول العربيَّة التي تتراوح عقوبتها بين الحبس والغرامة.