معادلة الممكن والمستحيل!

الرياضة 2022/01/04
...

علي رياح

كثيراً ما يجري السؤال عن سر المدرب الناجح في كرة القدم وهل يتأتى نجاحه بفعل العامل الدافع الأول وهو الموهبة.. أم بالممارسة التي تنضج بها الخبرة وتكتمل، أم بالفطنة وحسن القراءة والاستخلاص مما يجري في الميدان؟!  
بالنسبة لبيب غوارديولا، وهو النجم التدريبي الأكثر شهرة ونجاحاً في العقد الأخير من الزمن، ينبغي أن تحضر هذه العوامل كلها أو معظمها كحد أدنى كي يرتاد المدرب آفاق النجاح من الأبواب الواسعة، لكنه وفي حديث له نشرته مجلة (شووت)
 أشهر المجلات الإنكليزية المتخصصة في شؤون كرة القدم يُشدّد على المرونة والواقعية في التعامل مع الظروف التي يعمل فيها ومع أدواته في الملعب وهم لاعبوه، ويردّد في الحوار جملة على جانب كبير من الأهمية: لن أضيّع المُمكن 
في طلب المستحيل!  
أعجبتني العبارة الأخيرة ووجدت فيها المفتاح الذي يمكن أن يقربك من شخصية غوارديولا ويدلك على الذهنية الكروية (النظيفة) التي تـُظهر قدراً عالياً من البساطة أمام الناس، لكنها تحرص على أن تدرس ظروفها العملية فلا تتخذ قراراتها على عَجَل أو من منطلق المحاباة أو حتى تصفية الحساب!  
غوارديولا في غاية التصالح مع الذات. هذه نقطة مهمة كانت سهلة الاستنتاج بالنسبة لي وأنا أتنقل من محور إلى آخر في هذا الحوار.. ودليلي هنا تحول الإنجاز لديه إلى هواية أكثر منها حرفة أو صنعة.. امتهن التدريب مع فريق ظل برشلونة عام 2007 وفي الموسم التالي بدأ عمله مدرباً أول في تجربة قادته فقط إلى ثلاثة أندية كبرى في ثلاثة مناخات كروية أوروبية لا رابط بينها.. وبالنتيجة فإنه حصل مع برشلونة وبايرن ميونخ ومانشستر سيتي – حتى الآن – على (31) لقبا محلياً وأوروبياً وعالمياً رئيساً فضلاً عن نجاحات أخرى أقلّ أهمية!  
كان الرهان على نجاح غوارديولا في سقف ليس مرتفعا حين كان ينتقل من فريق ودوري إلى فريق ودوري آخر.. لكنه تمكن من إبطال مفعول الشعور بالذهاب إلى الفشل في كل مرة.. يقول: التجربة علمتني أن أية محطة تدريبية في حياتي لا تمثل نهاية المطاف ولا يمكن أن يتم الإعلان عن وفاتي تدريبيا إذا أخفقت في واحدة منها.. قلْ إنها روح المغامرة عندي.. هذا صحيح.. والصحيح أيضاً أن كل شيء عندي يتم في حساب!  
يؤمن غوارديولا بأن التغيير سمة كرة القدم.. لا بدّ للمدرب من أن يفتح ذهنه أمام نسائم التغيير سواء في فكره أو حتى في منظومة الفريق الذي يعمل معه.. هذه النقطة بالذات تبرّر ميله دوماً إلى قبول رحيل النجوم من فريقه في لحظات معينة والمجيء ببدائل لهم، ويضغط كثيراً في الحوار على هذه الكلمات: (ليس هنالك نجم واحد في العالم كله صعب التعويض لدى رحيله.. لا أرى نجاحاً لمدرب لا يؤمن بهذه 
الحقيقة)!