سرور العلي
لم تنس الموظفة حوراء جمعة (29 عاماً)، ما فعلته بها زوجة أخيها، حين تقدم زميلها في العمل لطلب يدها، إذ قامت بتحريض أخيها كي يرفضه، وبالفعل حققت ما تصبو اليه من دون أن تشعر بتأنيب الضمير، وتتباين الآراء بين النساء اللواتي عشن تجارب مختلفة حول ظلم المرأة للمرأة، فتقول الموظفة أحلام علي: {كانت احداهن في يوم ما سبباً بفصلي من العمل، فرحت أبحث لأشهر عن وظيفة أخرى بعيداً عن عداوتها}. أما الطالبة الجامعية سارة حسن فأكدت: {غالباً ما تكون وراء عداوة المرأة لبنات جنسها الغيرة والحسد، لا سيما إذا كانت الأخرى ناجحة ومتفوقة في عملها، أو فائقة الجمال}.
وتعاني نور سامي الطالبة في الخامس الإعدادي من تنمر زميلاتها في الفصل الدراسي، بسبب وزنها الزائد، وقالت عن ذلك بتذمر: {لم يأتني منهن سوى الإساءة، والتنمر من مظهري، ووصفي بأبشع الألفاظ، ما جعلني أفكر مراراً بالانتحار}.وأوضحت الموظفة الحكومية فاطمة هاشم: أن {معظم الإساءة تأتي من المرأة لنظيرتها، إذ تعرضت لتجربة قاسية ومريرة عندما تفوقت في عملي وتسنمت منصباً أفضل، إذ عملت احدى الموظفات على تشويه سمعتي بين الموظفين فقط لتخمد نار حقدها وغيرتها}.
موروث خاطئ
إن ما يقع على المرأة من ظلم لا يتحمله الرجل فحسب، بل إن جزءاً كبيراً منه يقع على عاتق المرأة ذاتها، فهي كأم مربية ومعلمة تتحمل جريرة نقل الموروثات الخاطئة من جيل إلى جيل جديد، بكل ما فيها من شوائب ومظالم، إذ أوضحت التدريسية بكلية التربية الاساسية، الجامعة المستنصرية د. وجدان عبد الأمير الناشي ذلك بقولها: {تنطلق المرأة في نقل هذا الموروث من مبدأين، الأول اجتماعي قيمي من الأعراف الاجتماعية، والثاني ديني من العقيدة وتفسيراتها المتباينة من قبل المفسرين، وعليه فإن المرأة هي أول من يحكم سلباً على نظيرتها، عندما تخطئ أو يعتقد المجتمع أنها أخطأت، لذا ينبغي أن تكون هنالك توعية شاملة للأسرة بهذا الشأن، خاصة في المناطق الشعبية، لأنها الأكثر انتشاراً لهذا النوع من الاتجاهات السلبية نحو المرأة، كما ينبغي أن يكون القائمون والمتطوعون لهذا العمل معتقدين صدقاً بحقيقة العدالة بين الجنسين قبل الاقدام على مثل هكذا توعية}.
تبريرات زائفة
ونجد أن الأم الشرقية غالباً ما تفرق بالمعاملة بين أبنائها من الذكر والأنثى، فهي تنهر ابنتها وتعاقبها أشد مما تنهر وتعاقب ابنها للخطأ نفسه، بحجة أن الفتاة ينبغي أن تحاسب، لكي لا تخطئ مستقبلاً أي إنها تحاول أن تخلق منها ملاكاً تخاف عليه من المهالك الاجتماعية، وأكدت الناشي ذلك بالقول: {وفي المقابل تبحث هذه الأم عن التبريرات لابنها الذكر لما يقوم به من أعمال مخالفة أو خطأ، والسبب لأنه لن يحاسب من قبل المجتمع في المستقبل، وكذلك إن سمعت المرأة عن رذيلة بين ذكر وأنثى، فإنها ما تلبث أن تجرم نظيرتها، ولن تتوانى عن بحث الأعذار لذلك الذكر المشترك في الرذيلة، لأن الخلل في الأنثى كما تعتقد، أما إذا طرق على مسامعها أن امرأة ما قد اهملت بيتها وزوجها فتزوج بأخرى، فسيكون هذا الرجل محقاً بالنسبة لها، وبالتأكيد من دون الحاجة لمتابعة أساس المشكلة، وكيف انتهت الحالة إلى الاهمال، وفي الوقت ذاته إن سمعت بامرأة ما تريد الانفصال عن زوجها، أو إنها هجرته فإن العرف الاجتماعي الذي تربت عليه يجعلها تفكر بأن هذه المرأة مخطئة بحق زوجها ونفسها، لأنها سعت لخراب أسرتها، وسيكون حكمها هذا نابعاً من داخل منظومتها الفكرية حينها}.
ظلم المرأة للمرأة
هناك أفكار سلبية ضد المرأة، والأدهى هو تأييد الكثير من النساء لها، وترويجها بين الأخريات من باب الالتزام العقائدي، وما علمت أن العدالة الإلهية لا تميز بين ذكر وأنثى، وهن قد تأثرن بأفكار دينية متطرفة أحادية البعد، ولا ينظرن إلى ما حولهن من مسافة دائرية بعيدة، اذن فكيف ستتحرر المرأة من قوقعة الظلم، إذا كانت هي ذاتها من تساند هذه الأفكار.
وأضافت الناشي: {ونستنتج من كل ذلك أن المرأة لها شراكة كبيرة جداً في ظلم ذاتها، استلهمتها من المنظومة الفكرية والقيمية الاجتماعية التي تنتمي لها، ولا يقع عبء الظلم الاجتماعي للمرأة في المجتمعات الشرقية على الرجل فقط}.
ولفتت نغم محمد، طالبة علم النفس إلى {أن تربية المرأة وشخصيتها والحالة النفسية التي تمر بها لها دور كبير في ظلمها للمرأة الأخرى، والتعامل معها بطريقة غير لائقة أحياناً على عكس معاملتها للرجال، وبالطبع ينبغي ألا ننسى ما تقوم به بعض النساء فيما بينهن من دعم، وعاطفة
صادقة}.