{ميناء الفاو} نافذة بحريَّة عملاقة ومورد اقتصادي كبير

ريبورتاج 2022/01/10
...

 نافع الناجي
مشروع عراقي طموح، سيختصر الزمن والمسافات ويحول البلد الى رقمٍ صعب في عالم المال والأعمال والاقتصاد، عبر ميناء بحري عملاق يجعله متربعاً على عرش مرافئ الخليج لسنوات طوال. 
 
"الفاو" هو مشروع يعد من أكبر المشاريع الستراتيجية في الشرق الأوسط، ويربط الشرق بأوروبا عبر العراق، مروراً بتركيا وسيغير خارطة النقل البحرية العالمية، ويعد نافذة بحرية عملاقة ومورداً اقتصادياً كبيراً.
وفي حال إنجازه، سيكون ميناء الفاو أول ميناء عراقي يطل على الخليج العربي، ليتيح استقبال السفن الكبيرة والعملاقة التي تتجاوز حمولاتها مئة ألف طن، وسيصبح من الموانئ المهمة التي تنافس موانئ العالم من حيث المساحة والموقع والربط الجغرافي كجزء من طريق الحرير الرابط بين الشرق والغرب. 
 
مشاريع كبيرة
الخبير الاقتصادي د. مضر عبد الله يقول :"منذ سنوات والحلم ينتظر الانتقال للواقع، وهذا الواقع دشنه دولة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بعد أن وضع الأساس لخمسة مشاريع كبرى بميناء الفاو الكبير وهي بوابة العراق الكبرى"، ويضيف :"يعد الفاو واحداً من أكبر 12 ميناء في العالم، ومن المتوقع انجازه الكامل خلال ثلاث سنوات ونصف من التعاقد، اذ تشهد المرحلة الأولى طاقته الإنتاجية المتكونة من خمسة أرصفة، تستوعب مليوني حاوية وبطاقة قصوى ثلاثة ملايين حاوية، أما المرحلتان الثانية والثالثة فينفذ من خلالهما طريق رابط لأم قصر، ونفق يعد الأول من نوعه في الشرق الأوسط، ويستوعب عمل هذه المراحل (15) ألف عامل عراقي وأكثر من ألف شاحنة لنقل المواد الأولية الى موقع العمل". 
وكانت الشركة العامة للموانئ العراقية، قد أعلنت عن المباشرة بتنفيذ العقود الخمسة لميناء الفاو بإشراف مباشر من المدير العام الدكتور فرحان الفرطوسي، كما أعلنت الحكومة عن صرف الميزانية اللازمة لتمويل أعمال الميناء للعام الحالي. 
 
قناة ملاحيَّة
يقول الفرطوسي: إن "القناة الملاحية يبلغ طولها 23 كيلو متراً وبعرض مئتي متر الى عمق 19.8 متر"، وأضاف "يجري نقل وتفريغ مواد الحفر التي تزيد عن خمسين مليون متر مكعب الى مواقع مخصصة في عمق البحر، وتجهيز وتنصيب منصتين بحريتين لأغراض القياسات وجمع البيانات، والنفق المغمور يربط بين الفاو من جهة وأم قصر من جهة ثانية، ويكون مغموراً تحت قناة خور الزبير بعمق ثلاثين متراً من القاعدة وثمانية عشر متراً من السقف وبطول (3500) متر". 
وتابع الفرطوسي "يبلغ طول الرصيف الواحد 350 متراً، وهناك 85 رصيفاً تنتظر التنفيذ، لتصبح أرصفة الحاويات تستوعب 25 مليون حاوية في السنة، وأرصفة خدمية ورصيف القاعدة البحرية والسفن البحرية وغير ذلك". 
 
مردودات هائلة
تشير المعلومات الى أنه بعد إنجاز المرحلة الأولى التي وصلت إلى مراحلها النهائية، سيكسب العراق مردودات مالية كبيرة لرفد موازنته وبنسبة تنافس المردودات المالية النفطية، فضلاً عن استيعاب أعدادٍ هائلةٍ من الأيادي العاملة الوطنية وفك أزمات اقتصادية خانقة وتوفير مساحة للحلول الآنية، إضافة الى جعل العراق نقطة التقاء اقتصادية تتجاذبها كبرى شركات العالم. 
 
أكبر كاسر أمواج
يواصل الدكتور فرحان الفرطوسي حديثه فيقول: إن "كاسر الأمواج هو عبارة عن مصدّات أمواج البحر حتى تكون البواخر مستقرة داخل حوض الميناء، وبالتالي عمليات الرسو والإقلاع تكون مريحة وخالية من الحوادث". 
ويضيف: "كاسر الأمواج الغربي في ميناء الفاو بطول 16 كيلو متراً، تم تثبيته في موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكبر كاسر أمواج في العالم". 
في مكان ما من المياه بجانب كاسر الأمواج، أشار المدير العام للموانئ بيده، وقال: "هذا المكان كله سوف يردم ويتحول الى ساحات لمناولة الحاويات وتخزينها وإضافات أخرى كثيرة غاية في الأهمية"، وأضاف: "حسب ما مخطط فهذا المكان هو الحوض المخصص لإنشاء تسعين رصيفاً، أما الخمسة أرصفة فهي ضمن مشروعنا الأول بحسب دراسة الجدوى التي أعدتها شركة إيطالية وأنجزت في 2010".
 
مشروع بمسارين
المحلل الاقتصادي ماجد عبد الحميد، يقول: انه لا فائدة من بناء هذا الميناء العملاق إن لم تفعّل خطة تكميلية لوصله بالقناة الجافة.
ويوضح أن "مشروع ميناء الفاو ينبغي أن يكون له مساران او يسير باتجاهين، المسار الأول هو تطوير ميناء أم قصر صعوداً باتجاه زيادة حجم التبادل أو الطاقات الإنتاجية، فضلاً عن السير باتجاه إنجاز المرحلة الأولى لمشروع ميناء الفاو المتألفة من خمسة أرصفة بطاقة إنتاجية تبلغ مليوني حاوية وبطاقة تصميمية تصل لثلاثة ملايين حاوية".
وتابع "المسار الثاني هو استكمال القناة الجافة والتي تمثل طول الطرق البرية التي ستسلكها الشاحنات من ميناء الفاو الى موانئ تركيا أو تلك المطلة على البحر المتوسط، وعلى سبيل المثال ميناء مارسين الذي يبعد بحدود 1500 كيلو متر، وكذلك باتجاه مدينة طرطوس بحدود 1200 كيلو متر، وهذا يعني ربط موانئنا الجنوبية بالخط التركي بخط الحرير الصيني وهكذا يتحقق ربط الشرق والغرب بطريق ومسلك واحد".
ومع استمرار أعمال الإنشاءات والتشييد، يظل ميناء الفاو الكبير، هو حلم العراقيين المؤجل الذي سيدخل العراق بقوة في أساسيات الاقتصاد العالمي قريباً ويجعله اسماً مهماً ومميزاً في هذا المجال بسواعد أبنائه وإخلاصهم لبلدهم الحبيب.