احمد الهاشم
ينوس الفكر الغربي بين تعريفين لظاهرة الإرهاب. طبعاً تمتزج أحياناً المصطلحات بين السلفيَّة والجهاديَّة والتطرف والإسلامويَّة وما شاكل. ويشكك أحد الباحثين الغربيين، وهو جيل كيبيل بفهم الباحثين الغربيين لهذه المصطلحات. التعريف الأول للإرهاب يقول إنه «تطرف الإسلام»، بينما يصفه التعريف الآخر بأنه «أسلمة للتطرف».
ما معنى ذلك؟
«أسلمة التطرف» تعني أنَّ التطرف تشويهٌ للإسلام، أما القول «تطرف الإسلام» فيعني أنَّ في الأخير عناصر تجعل بعض معتنقيه متطرفاً وإرهابياً.
القول بتطرف الإسلام يعني «إضفاء الطابع الجوهري» على النقاش ويرسمه بصورة «صراع حضارات»، ويخلط هذا الطرح بين «العنف الجهادي» الذي هو نتاج العولمة وذو طابع ينتمي إلى العصر الحديث وبين الدين.
من يأخذ بهذا الرأي هو الباحث الفرنسي اوليفييه روا الذي يرى «أنَّ المتطرفين لا يأتون من قلب المجتمعات العربيَّة الإسلاميَّة، بل من هوامشها». كان روا منذ دخوله لأفغانستان قد وصل لقناعة بأنَّ دراسة الإسلاميين تتطلبُ قطيعة مع الرؤية التقليديَّة التي تُفرطُ في تقدير دور النصوص الدينيَّة في تفسير الإسلام السياسي.
أما خصمه الباحث جيل كيبل صاحب «تطرف الإسلام» فيرى أنَّ من المحال فهم الإرهاب من دون الرجوع إلى النصوص الدينيَّة، ومن دون الانطلاق من الإسلام وأطوار تحولاته. ويكرر كيبل أنَّ الجهاديَّة ليست «ظاهرة عرضيَّة وسطحيَّة وعابرة»، ولكنها «تجسيد عنيف» لحركة أكبر: السلفيَّة التي تدعو إلى العودة إلى النقاء الأصلي والقطع مع القيم «الشريرة» القادمة من الغرب. حاولنا اليوم، في هذه الصفحة تسليط ضوء آخر على الإرهاب من منظور الدعاية الإرهابيَّة ومن خلال علمي النفس والاجتماع. لأننا انشغلنا كثيراً بتحليل الإرهاب من ناحية أمنيَّة وكانت الغلبة لهذا المنظور. وتظل آفة الارهاب بحاجة الى إسهامٍ أكبر من جانب العلوم الإنسانيَّة.